مع تطور صناعة السيارات نحو مستقبل كهربائي، ستكون الحوافز محركاً كبيراً للانتقال، وليس بسبب المزايا الضريبية المحتملة لتسريع الطلب فقط، وإنَّما عبر سلوك المستثمرين الذي يساعد على تغيير أولويات شركات صناعة السيارات.
سيحاول المصنِّعون زيادة الإنفاق على الطرازات الكهربائية المستقبلية مع الحفاظ على الربح عند مستوى مقبول لمساهميهم، وسيؤدي ذلك حتماً إلى إنفاق دولارات أقل على الطرازات التي تعمل بالغازولين.
تخطي “تسلا” حاجز التريليون دولار يجعلك تتساءل.. أين عمالقة السيارات الآخرين؟
وفي النهاية سيركد المنتج في هذه الفئة، ويمكن أن تتمتع الشركات بحصة سوقية مهيمنة، ولكنَّها تظل محرومة من رأس المال عندما يُنظر إليها على أنَّها في حالة تدهور مزمن.
وللتأكُّد من ذلك، ما عليك سوى إلقاء نظرة على قائمة شركات البيع بالتجزئة التقليدية التي تُتداول أسهمها بتقييمات متعثرة برغم قواعد الإيرادات الكبيرة.
“تويز آر أس”
وتعتبر شركة بيع الألعاب بالتجزئة، “تويز آر أس”، مثالاً جيداً على كيفية تأثير التراجع المطول على سلوك المستثمرين، فقد ركدت إيراداتها نتيجة نمو المنافسة من شركات التجارة الإلكترونية، مثل “أمازون دوت كوم”، والمتاجر الأكبر والأكثر تنوعاً مثل: “وول مارت”، و”تارغت كورب”.
وهبط تقييم “تويز آر أس”، مما جعل السهم جذاباً للمستثمرين الانتهازيين مثل شركات الملكية الخاصة، ولكن بعد أن تولى أحد المستثمرين زمام الأمور؛ تحول التركيز إلى خفض التكاليف والدين من أجل استخلاص أي ربح يمكن جنيه من الشركة قبل أن يتسارع تراجعها.
ويأخذنا هذا إلى شركة “فورد موتور”، التي أعلنت عن أرباحها الأسبوع الماضي، وقدَّمت تحديثاً لخطة “فورد +” التي تهدف إلى إرشاد الشركة إلى مستقبلها الكهربائي.
أسهم “فورد” تُحلِّق بعد رفع توقعاتها للأرباح واستئناف التوزيعات النقدية
ومن بين 40 إلى 45 مليار دولار من الإنفاق الرأسمالي المخطط له بين عامي 2020 و2025، سيذهب الثلث للسيارات الكهربائية، وهي نسبة من المحتمل أن تستمر في النمو.
الحفاظ على توزيعات الأرباح
وفي الوقت نفسه، هناك هدف على مستوى الشركة لدى “فورد”، يتمثل في تحقيق هامش أرباح معدَّل بنسبة 8% (الأرباح قبل الفوائد والضرائب) في عام 2023، وبعبارة أخرى، يعتقدون أنَّ بإمكانهم المشي ومضغ العلكة في الوقت نفسه، أي سيعزِّزون الاستثمار في مستقبل كهربائي أثناء تقديم هوامش ربح مقبولة للمستثمرين، لكن كيف؟
ستبدأ الشركة بتحويل إنتاج السيارات التي تعمل بالبنزين من سيارات “السيدان” ذات الهامش المنخفض إلى الشاحنات ذات الهامش الأعلى، وسيارات الدفع الرباعي مثل سيارة “فورد برونكو” التي تم تجديدها، وهو تحول كان جارياً لبعض الوقت.
ويبدو هذا رائعاً في الوقت الحالي، لقد تم بالفعل إنفاق مليارات الدولارات اللازمة لتطوير وإنتاج الطرازات الحالية على مدار السنوات العديدة الماضية، لكن هل سيستمر صانعو السيارات في استثمار مليارات الدولارات في المركبات ذات محرك الاحتراق الداخلي التي يتوقَّعون أن تفقد حصتها في السوق والمبيعات في السنوات القادمة؟
استمرار سيارات البنزين
لهذا السبب كان من الجدير بالملاحظة أنَّ الرئيس التنفيذي لشركة “فورد”، جيم فارلي، تحدَّث عن مواصلة إدارة أعمال سيارات البنزين “من أجل المال”، وذلك في مؤتمر مناقشة نتائج الأعمال عبر الهاتف الأسبوع الماضي.
ومن المحتمل أنَّ صانعي السيارات يأملون في أن تكون مليارات الدولارات التي تم استثمارها مسبقاً في تطوير السيارة كافية لتعزيز الأرباح في هذا القطاع على مدى السنوات العديدة القادمة، حتى لو تقلصت الموارد الموضوعة في تلك المركبات مع تحول تركيز الشركات والعملاء إلى السيارات الكهربائية.
في نهاية المطاف، ربما قرب نهاية العقد، ستصبح السيارات الكهربائية مركز الربح الجديد، إذ تتلاشى المبيعات من طرازات البنزين القديمة.
هل تتذكر كيف موَّلت “نتفلكس” أعمالها التجارية الجديدة المتدفقة من أرباحها من الأعمال القديمة المتمثلة في استئجار الأفلام على أقراص الـ”DVD” عبر البريد الإلكتروني؟
السيارات الكهربائية ستحدد قيمة الأسهم
وإذا كان المستثمرون في “تسلا” يقدِّمون أي دليل، فقد لا يمر وقت طويل قبل أن يتم تقييم أسهم شركات مثل “فورد”، و”جنرال موتورز” بالكامل تقريباً بناءً على تقدُّمهم في مجال السيارات الكهربائية.
ولقد رأينا هذا النوع من الأشياء يحدث مع استجابة أسهم “ديزني” لأرقام مشتركي “ديزني+” أكثر من أعمالها التجارية القديمة.
بمجرد حدوث هذا التحول في طريقة تقييم المستثمرين، سيكون من المشجع الاستمرار في نقل الموارد إلى تطوير السيارات الكهربائية حتى لو أدى ذلك إلى تكثيف التقليص في الجانب الأساسي لكسب المال من الأعمال.
ولقد رأينا بالفعل علامات على أنَّ هذا التحول قيد التقدم؛ فقد كافأ المستثمرون خطة “فورد +” للسيارات الكهربائية، إذ استمر ارتفاع الأسهم لمدة شهرين، وبعد ذلك، شهدت “هيرتز غلوبال هولدينغز” قفزة في أسهمها بعد أن قالت، إنَّها ستشتري 100 ألف سيارة من “تسلا”.
صفقة بـ 4.2 مليار دولار تولد 119 ملياراً لـ”تسلا”و”هيرتز”
كما صعدت أسهم “أفيس بادجيت غروب” بنسبة 108%، يوم الثلاثاء الماضي، إلى أعلى مستوى على الإطلاق بعد وعد الرئيس التنفيذي بلعب دور كبير في تبني المركبات الكهربائية.
لقد كان العام الجاري مثيراً مع التزام صانعي السيارات تماماً بنقل دولارات الاستثمار الرئيسية إلى السيارات الكهربائية، ووضعهم لأهداف قوية للإنتاج والمبيعات في المستقبل.
أسهم “أفيس” لتأجير السيارات الأمريكية تقفز 3 أضعاف وتنضم لقائمة “الميم”
لكن حتى هؤلاء قد لا يُقدِّرون حق التقدير مدى استعداد المستثمرين للضغط عليهم لتسريع جداولهم الزمنية، حتى لو كان ذلك يعني تجويع خطوط الأعمال التي توفر حالياً الجزء الأكبر من أرباحهم.
(بلومبيرغ الشرق)
المصدر: 24 – بلومبيرغ