كتب ذو الفقار قبيسي في “اللواء”:
الزيادات التي تخطط لها الدولة من احتساب الضرائب والرسوم على أساس دولار السوق الموازية بدلا من السعر الرسمي: من التكليف الضرائبي إلى فاتورة الخليوي والدولار الجمركي إضافة إلى الزيادة المرتقبة في ضريبة القيمة المضافة، تدلّ إليها عبارات في الأدبيات الاقتصادية عن قرارات تعتقد بعض الدول انها لمصلحتها لكنها في النهاية تصل إلى عكس الهدف المطلوب. وبين أشهر هذه العبارات: «لا تقتلوا الوزة التي تبيض ذهبا» التي كانت مناسبتها جملة قرارات اتخذتها إحدى الحكومات الأوروبية رفعت بها الضرائب على المؤسسات والرسوم الجمركية على الاستيرادات والإستهلاكات بهدف زيادة الواردات وخفض عجز الموازنة، وأدّت في النهاية إلى تراجع الطلب وتقلص الإستهلاك وانكفاء الإستثمارات، وانخفاض واردات الموازنة العامة إلى أقلّ مما كانت عليه قبل اتخاذ هذه االقرارات التي لم تستند إلى إحصاءات دقيقة ومعطيات علمية بل كانت أضرارها إضافة إلى تراجع الواردات وشلل المؤسسات، ركود تبعه فساد وتصاعد غضب شعبي وأزمات سياسية متلاحقة على طريقة Domino Effect كما تساقط حجرات الدومينو الواحدة تلو الأخرى! ما دفع أحد قادة المعارضة في برلمان ذلك البلد إلى وصف قرارات الحكومة المرتجلة بأنها Killing The Goose That Laid The Golden Goose أو عملية «قتل الوزة التي تضع البيضة الذهبية» في إشارة إلى تداعيات زيادة الأعباء على المؤسسات لا سيما ملايين المؤسسات المتوسطة والصغرى التي تشكّل الجزء الأكبر من حجم القطاع الخاص (وفي لبنان أكثر من ٩٠% من مجموع المؤسسات) وتساهم بالحصة الكبرى من الناتج المحلي الاجمالي.
وإذا كانت الزيادات الضرائبية في دول القانون والمساءلة والحوكمة الرشيدة في الدول المتقدمة تصب في النهاية في تكبير حجم الاقتصاد وتحديث البنية التحتية واجتذاب الإستثمارات وزيادة فرص العمل وتعزيز شبكة الأمان الإجتماعي، فإن ما يزيد الملح إلى الجرح في حال لبنان انها تذهب للنهب والسلب والنحر والهدر على يد طبقة سياسية لا تترك لإقتصاد الإنتاج لا بيضة ذهبية من وزة ولا فضية من دجاجة إلا وتستولي عليها، وكلما ضمرت أمهات الأوز وهزلت الفراخ وتعثرت الولادة، لجات الطبقة السياسية إلى الصناديق والأسواق المالية العالمية والدول الشقيقة والصديقة للحصول على المزيد من قروض تضاف إلى قروض!