حليب الرضع بعد “الترشيد”: للمقتدرين فقط

في عزّ «الانتفاضة» التي رافقت قرار رفع الدعم – جزئياً – عن أدوية الأمراض المزمنة، مرّ بالتوازي قرار آخر يرفع الدعم عن حليب الأطفال الرضّع بنسبة 50%. صحيح أنه مرّ بصمت ولم يدركه إلا «أهله»، إلا أن آثاره ليست أقل كارثية مما فعله قرار أدوية الأمراض المزمنة، خصوصاً أن الرفع يأتي اليوم في ظل أزمة اقتصادية دمرت قدرة السكان الشرائية. فماذا يعني اليوم أن تصبح كلفة إطعام رضيع بـ«أرخص» نوعٍ من حليب الأطفال يساوي الحدّ الأدنى للأجور؟

بحسبة بسيطة، يحتاج الطفل الرضيع أسبوعياً لعبوتين من الحليب، أي 8 عبوات شهرياً. اليوم، يبلغ السعر الأدنى لحليب الرضع بحسب قرار الوزارة بعد الرفع الجزئي للدعم 93 ألف ليرة لبنانية، وهو ما يعني عملياً أن العائلة تحتاج لمبلغٍ شهري بقيمة 744 ألف ليرة لبنانية لإطعام رضيعها. أما وفق حسابات السعر الأقصى – إذ إن بعض أنواع الحليب يصل سعرها إلى 230 ألف ليرة – فإن كلفة الشهر تبلغ مليوناً و840 ألف ليرة لبنانية، وهي توازي أكثر من ضعفي الحد الأدنى للأجور. وهي للمناسبة قيمة لا يتقاضاها جزء كبير من العاملين اليوم.

ليس قراراً عابراً، وإنما هو بحسب الكثير من الأهالي وبعض الصيادلة قرار كارثي، خصوصاً أن «الأرقام» التي وصل إليها سعر عبوة الحليب «مهول»، على ما يقول نقيب الصيادلة، غسان الأمين. يروي صيادلة آخرون عن أحوال الناس بعد صدور القرار، فيشير أحدهم إلى أن «كثراً منهم لم يعد بمقدورهم شراء نصف عبوة، وهذا ما بتنا نراه، حيث يسألون عن السعر ثم يخرجون من دون أن يطلبوا شيئاً». أكثر من ذلك، لم يعد هؤلاء كالسابق «ما بقى فيه خود وإعطي»، فقد بات الاستسلام هو عنوان مرحلة ما بعد رفع الدعم.

صحيح أن الدعم لم يرفع كلياً، بخلاف ما حصل لحليب الأطفال ضمن الفئة العمرية التي تتراوح ما بين سنة وثلاث سنوات الذي خرج من الدعم، إلا أن «الضربة» هنا بحسب الصيادلة أتت دفعة واحدة، وليس بشكلٍ تدريجي، حيث قفز سعر عبوة الحليب من 12 ألف ليرة أو 18 ألفاً أو ثلاثون ألفاً إلى 93 ألفاً و111 ألفاً و215 ألفاً و230 ألفاً، وهي أسعار لم تعد بمتناول أيدي الكثير من العائلات «إلا من يملك المال»، هذا ما يقوله كثر من الصيادلة. وربما لم يعد أمام الناس، وجلهم من الفقراء، إلا «اللجوء إلى المساعدات أو مراكز الجمعيات»، على ما يقول الصيدلي حمود الموسوي، الذي يردّ سبب الوصول إلى هنا «إلى الدولة التي لم توجد آلية لترافق بها مرحلة ما بعد الدعم، بل رفعت الغطاء عن معظم الاحتياجات الأساسية من دون أن تسند ذلك بقراراتٍ أخرى تساعد السكان». برأي الأخير، رمت الدولة مشاكلها وتركت الناس لمصيرهم، وهو ما يجري اليوم، حيث يجد معظم هؤلاء أنفسهم عاجزين عن تأمين علبة الحليب. وإذ اتجه بعض الناس نحو خيارات أخرى، كاستخدام أنواع أقل سعراً أو العودة إلى الرضاعة الطبيعية، إلا أن هناك بعض الرضع الذين لا يمكنهم التوجه نحو البدائل، «خصوصاً إذا ما كان هذا الحليب لا بديل له ويستخدم أيضاً كعلاج وليس للتغذية حصراً»، على ما يقول الصيدلي محمد فحص.

كل ذلك لم تلفت إليه القرارات الرسمية بحجة تقليص مصرف لبنان لموازنة الدعم. ولئن كانت وزارة الصحة تبدي عجزاً بسبب النقص بالمال، إلا أنها سارت بالقرار دفعة واحدة. هذا ما يأخذه الصيادلة عليها، وإن كان نقيب الصيادلة يستدرك قائلاً إنه «لم يكن لديها سوى خيارين، إما الاستمرار بالدعم وبقاء الحليب مفقوداً أو رفع الدعم وتوافره». وكلاهما «خياران سيئان، لكن يبقى الشيء أهون من الأسوأ»!

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

في أول يوم من العيد إليكم تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *