من أجل توفير لقمة عيشه، يحمل خضر دلوا وممسحة وأدوات تنظيف أخرى، ويجوب شوارع مدن لبنانية عدة بحثا عمن يريد تنظيف منزله، في ظاهرة عرفتها البلاد أخيراً، مع تفشي الأزمة الاقتصادية الخانقة. ويرى اللبنانيون أن الأزمة التي يعيشها بلدهم لم تترك مهنة حكرا على رجل وأخرى على امرأة، فالجميع يريد العمل لتوفير قوت يومه.
ولأول مرة في لبنان، اقتحم الرجال مهنة تنظيف المنازل والمكاتب، ومن بينهم الشاب الثلاثيني خضر أحمد، الذي تحرك فور انتشار عبارة “تعالوا اشتغلوا عنّا (عندنا)” على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعد أن ضاقت سبل العيش بخضر، وهو رب أسرة يرعى زوجة مريضة وطفلين إضافة إلى والديه، ونتيجة تفشي البطالة في البلاد، قرر الشاب أن يستعين بأدوات تنظيف استعارها من أحد جيرانه بحثا عن لقمة العيش، علما بأنه كان يعمل سابقا على رعاية رجل مسن مريض بمقابل مادي، إلا أن الأخير توفي الصيف الماضي مما أغلق باب الرزق أمامه.
من ناحية أخرى، بلغ تراجع الخدمات في الوزارات والدوائر الرسمية مستوىً لم تبلغه حتى في عزّ أيام الحرب. فجديد هذه المسألة ان عددًا كبيرًا من الوزارات، ومن بينها وزارة غير خدماتية، لم تعد قادرة على دفع المستحقات المخصّصة للشركات الخاصة التي كانت تتولى خدمة التنظيفات والتي لم تعد كافية لتغطية مصاريف العمال. هذا الامر دفع بأصحاب هذه الشركات إلى فسخ عقودها السابقة مع الوزارات، التي وجدت نفسها عاجزة عن تأمين الخدمات الموازية البديلة. وحيال هذه الأزمة التي لا سابق لها لم يجد الموظفون بدًّا من “التمويل الذاتي”، عن طريق جمع مبالغ شهرية معينة لدفعها لعدد من العمال السابقين، الذين كانوا يعملون لدى تلك الشركات، وذلك خوفًا من أن “تأكلهم الجيّة”.
ch23