حطمت العملة التركية جميع المستويات القياسية المتدنية خلال موجة السقوط الحر الأخيرة، تزامنا مع دعوات الرئيس رجب طيب أردوغان المكثفة من أجل خفض أسعار الفائدة.
وتراجعت العملة التركية بأكثر من 10.4%، اليوم الثلاثاء، لتتجاوز مستوى 15 ليرة للدولار الواحد، لفترة وجيزة وللمرة الأولى على الإطلاق، بحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ”.
من جانبه قال البنك المركزي التركي، اليوم الثلاثاء، إن موجة المبيعات في الليرة “غير واقعية ومنفصلة تماما عن الواقع”.
وقلصت العملة خسائرها الحادة تلك إلى نحو 12.8 ليرة للدولار، لكنها لا تزال عند مستوى غير مسبوق على الإطلاق، وتعد سلسلة خسائر التي استمرت 11 يوما متتاليا هي الأطول منذ 20 عاما.
وجاءت الموجة البيعية الأخيرة للعملة التركية مقابل الدولار، بعد أن دافع أردوغان عن مطالبه بتخفيض تكاليف الاقتراض، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وإحباط المستثمرين، بحسب التقرير.
بعد 10 سنوات من المنافسة الإقليمية والاتهامات بالتخطيط لإسقاط الحكومة التركية، سيزور ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان أنقرة الأربعاء. بدأت تركيا والإمارات العربية المتحدة في تجديد العلاقات خلال العام الماضي بسرعة مفاجئة، بعد سلسلة من الصراعات السياسية وبالوكالة في أماكن مثل ليبيا ومصر والقرن الأفريقي. أدى ذلك إلى تساؤل الكثيرين عما يخرجه كل جانب من الوفاق.
وقال مسؤولون أتراك، تحدثوا شريطة عدم ذكر إسمهم بسبب بروتوكول حكومي، لموقع “ميدل إيست أي” البريطاني إن إعلان الإمارات عن استعدادها للتقارب خلف الأبواب المغلقة في وقت سابق من هذا العام أدى إلى إطلاق هذه العملية. وقال مسؤول تركي: “لا مجال للعواطف في السياسة الخارجية. يدرك الجميع أن السياسة الخارجية القائمة على الصراعات لا تفيد أي شخص”.
وبحسب الموقع، “يحرص المسؤولون الأتراك على تكرار المبدأ القائل إن تركيا لم تغير أي من مواقفها من أجل تحسين العلاقات مع محمد بن زايد، وهو الشخصية الإماراتية الأقوى والمعروف أيضاً بإسم MBZ. وقال المسؤول التركي الآخر: “ما زلنا في ليبيا، وما زلنا في القرن الأفريقي. ما زلنا نقوم بما نقوم به”. ويعتقد المسؤولون أن بعض التحركات الإماراتية التي أدخلت الإمارات في صراع مع تركيا أدت إلى نتائج عكسية وأغضبت الولايات المتحدة. قال المسؤول الثاني: “كانت استراتيجيتهم السابقة ذات تكلفة أعلى بكثير. أما الآن، ومع وجود إدارة جو بايدن في الولايات المتحدة، فهم بحاجة إلى حلفاء لتحقيق التوازن في إيران”. وتؤكد سينزيا بيانكو، الخبيرة الخليجية في مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، على أنه يتعين على الإمارات العربية المتحدة إجراء تغييرات في السياسة بسبب المداخلات الواضحة من إدارة بايدن إضافة إلى العوامل الداخلية، مثل الحاجة إلى تقليص السياسة الخارجية العدوانية المكلفة وغير الفعالة للتركيز على التعافي بعد جائحة كورونا. وقالت في حديث للموقع: “ومع ذلك، هناك أيضًا شعور واضح بوجود فرصة في مواجهة تركيا. في حين أن أنقرة ربما لم تغير سياساتها الإقليمية، فإن التصور هو أن الحكومة التركية أصبحت الآن أكثر انفتاحًا على تقديم التنازلات”.”
ويتابع الموقع، “أحد الحوافز التي ورد أن محمد بن زايد استخدمها لتخفيف موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان الوعد باستثمارات كبيرة في تركيا. وقال مصدر مطلع للموقع إن ولي العهد أبلغ أردوغان في مكالمة هاتفية في وقت سابق من هذا العام أنه مستعد لاستثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار. في حين قال آخرون إن الرقم هو 10 مليارات دولار أقله. كلا الرقمين الهائلين من شأنهما أن يعززا الاقتصاد المتعثر في تركيا. أبدت هيئة أبوظبي للاستثمار إضافةً إلى عدد من الشركات المقربة من العائلة المالكة في أبو ظبي إهتمامها علنًا بالرعاية الصحية وأهداف التكنولوجيا المالية وغيرها من الصناعات، وتتطلع إلى استثمارات تتراوح بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار. وزار أبوظبي بالأمس وفد رفيع من أنقرة برئاسة وزراء التجارة والاقتصاد يرافقه رجال أعمال أتراك لمناقشة فرص الاستثمار. وتأتي العروض الإماراتية في الوقت الذي تعاني فيه تركيا من أزمة عملة متصاعدة تقوض الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2023. فقد ارتفع الدولار الأميركي مقابل الليرة التركية بنحو 55 في المئة منذ بداية كانون الثاني، كما أن التضخم إرتفع بنسبة كبيرة عن معدل الـ20 بالمئة الرسمية. في لقاء خاص في وقت سابق من هذا الشهر مع سياسي تركي، ورد أن أردوغان استشهد بالاستثمارات الإماراتية الكبيرة المحتملة كشيء من شأنه أن يساعده على استقرار الاقتصاد. يقول المسؤولون الأتراك إن الاستثمار سيكون مفيدًا للجانبين، حيث تبحث الإمارات العربية المتحدة عن دول جديدة للاستثمار فيها وتعتبر تركيا سوقًا مربحة. وقال المسؤول التركي الثاني “ستكون هناك بعض الخطوات الإماراتية التدريجية لخفض التصعيد في المنطقة”. وأضاف قائلاً: “وبالنظر إلى الأفق، فإن هذه الاستثمارات الضخمة لن تصل في غضون عام ولكن في غضون عدة سنوات، الأمر الذي من شأنه تعزيز العلاقات الثنائية”. وقال بيانكو إن أبو ظبي تعتقد أن الاصطفاف الإقليمي ضد تركيا في شرق البحر المتوسط، جنبًا إلى جنب مع الصعوبات الاقتصادية، جعلت حكومة أنقرة أكثر انفتاحًا على تغيير السياسات الإقليمية في مقابل الدعم الإماراتي. وأضافت: “إن الإستثمار الإماراتي في تركيا له أيضًا دافع اقتصادي، هناك العديد من الصفقات الحقيقية التي يجب إجراؤها مع انخفاض قيمة الليرة “. ومع ذلك، فإن الانخفاض المستمر في قيمة الليرة، التي فقدت 20 في المائة من قيمتها في تشرين الثاني، يعقد أيضًا الاستثمار الإماراتي المحتمل. وقال مصدر مقيم في أبو ظبي إن التقلبات تجعل المستثمرين الإماراتيين غير مرتاحين لأن كل ما يخططون لشرائه أو الاستثمار فيه أصبح أرخص بشكل مستمر”.
ch23