لم يعد لسعر صرف الدولار في السوق السوداء من سقف على ما يبدو، في ظل الارتفاع المتواصل الذي ينعكس على كافة القطاعات الأخرى غلاءً كبيراً في الأسعار.
لا رأي اقتصادي ومالي موحّد حول سبب هذا الارتفاع، حتى مصرف لبنان الذي خرج عن صمته أمس لم يقدّم حجة مقنعة طالما أنّ مَن يتحكّم بالسوق هو أرقام التطبيقات حتى وإن كانت وهمية، فيما المطلوب هو إجراءات عملية توقف هذا النزف.
الخبير الاقتصادي، نسيب غبريل، اعتبر أنّ “سعر صرف الدولار في السوق الموازية اصطناعي، لأنّه ليس مبنيّاً على العرض والطلب، إنّما على المضاربة والمضاربين الذين يتحكّمون بسعر الصرف في السوق الموازية”.
وعن أسباب وجود هذه السوق الموازية، أشار غبريل في اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّها تعود إلى أزمة الثقة التي بدأت في أواخر العام 2017، بفعل قرارات حكومية متسرعة، وقرارات كان على الحكومة أن تتخذها ولم تفعل، وإلى أزمة الثقة بين القطاع الخاص والحكومة التي تطورت وأصبحت أزمة ثقة بين الاغتراب اللبناني والسلطات. وبعدها انفجرت أزمة الثقة في 17 تشرين الأول 2019، بين المواطن اللبناني والسلطة السياسية، ممّا أدّى إلى تراجع حاد في تدفق رؤوس الأموال من الخارج إلى لبنان، وشحّ السيولة بالعملات الأجنبية في السوق المحلية ما أدّى إلى ظهور سوق موازية لسعر صرف الدولار بحلول 2019، وهذه كانت المرة الأولى منذ 25 عاماً.
وتابع غبريل، “مصرف لبنان استطاع أن يُحافظ على استقرار سعر الصرف، ويمنع المضاربة بسعر صرف الليرة اللبنانية لمدة 25 عاماً، ولكن عاد ظهور سعر صرف موازٍ في عام 2019، ومنذ ذلك الحين لم يتّخذ أي إجراء إصلاحي لوقف التدهور الاقتصادي، واستعادة الثقة. ومرّ عامان ونحن على هذا الحال”، مضيفاً “كما أنّنا بقينا دون حكومة، وفي جمود وفراع لمدة 13 شهراً، وهذا الشلل المؤسّساتي سمح للمضاربين بأن يتحكموا في السوق الموازية”.
الآن يُطرح السؤال الأهم لدى جميع اللبنانيّين وهو، سعر الدولار إلى أين؟ يجيب غبريل: “لا أستطيع أن أتكهّن إلى أين سيصل سعر الصرف، إن كان صعوداً أو انخفاضاً، لأنّ هذا الأمر يخدم المضاربين والمضاربة، وأنّ الحل لهذا الأمر هو عدم ضخ رؤوس الأموال في الاقتصاد اللبناني، وعلى مصرف لبنان ووزارة المالية أن يضعا آلية لتوحيد أسعار سعر صرف الدولار في الاقتصاد اللبناني. وتكون الآلية من ضمن الخطة الإصلاحية الشاملة التي ستأخذها الحكومة إلى طاولة المحادثات مع صندوق النقد الدولي. وبعد توقيع اتّفاق تمويلي إصلاحي مع صندوق النقد والبدء بتطبيق الإصلاحات يبدأ حينها صندوق النقد بتحرير الأموال تدريجياً، وعندها يُحدّد تاريخ لتطبيق هذه الآلية لتوحيد أسعار الصرف بهدف إلغاء السوق الموازية”.