انشغلت الأوساط المالية والشعبية بتعميم مصرف لبنان رفع سعر الدولار المصرفي من 3900 إلى 8000 ليرة، وتحديد سقف السحوبات الشهرية بحد أقصاه 3000 دولار اميركي للحساب الواحد.
وكتبت” الجمهورية”: يرى خبراء اقتصاديون، انّ المفاعيل الحقيقية لرفع سعر السحب لن تكون سلبية بالمقدار الذي يخشاه البعض على سعر الصرف، انطلاقاً من الوقائع التالية:
اولاً- في موازاة رفع سعر السحب، خفّض مصرف لبنان المركزي سقف السحوبات الشهري من 5 آلاف دولار الى 3 آلاف دولار.
ثانياً- حُدّدت مدة تنفيذ التعديل بنحو 6 اشهر ونيف، تنتهي في نهاية حزيران 2022.
ثالثاً- المودعون الذين يستفيدون حالياً من التعميم 158، ويسحبون وديعتهم نصفها “فريش”، ونصفها الآخر بالليرة على سعر 12 الف ليرة، لن يعمدوا في غالبيتهم الى السحب على سعر 8000 ليرة. وبالتالي، ستبقى كميات السحب الاضافية بالليرة مقبولة.
وبذلك، يتوقع الخبراء ان تبقى تأثيرات تعديل سعر السحب على سعر الليرة محدودة، وقد يمكن ضبطها نسبياً لمنع فقدان القرار جدواه.
وقال مصدر مالي رفيع لـ”الجمهورية”، انّ الخطوة التي أقدم عليها حاكم مصرف لبنان ليست مفاجئة. فقد كانت قيد الدرس من كل الجوانب في الايام السابقة. وأكّد المصدر انّها لن تؤدي الى تضخم كما ردّد بعض من سمّوا أنفسهم خبراء، لأنّ سقف المبلغ الذي سيُسحب من المصرف سيبقى هو نفسه، انما قيمته ستنخفض، اي سيؤدي هذا التعميم الى تخفيف الـHAIRCUT والتخفيف من الخسائر على المودع.
واكّد المصدر، ان لا علاقة لارتفاع الدولار بالمنصّة الجديدة في المصارف. فهناك كثير من العوامل التي ستؤدي الى ارتفاع الدولار. وقال، انّ كل هذه القرارات لا معنى لها وتبقى ترقيعية والأساس هو الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وعودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، وهذا ما نحتاجه بإلحاح اليوم قبل الغد.
وكتبت” نداء الوطن”: اذا كان صحيحاً أنه لم يعد مقبولاً أن تبقى السحوبات المصرفية النقدية من الحسابات بالعملات الاجنبية عند مستويات متدنية تبخس حق المودعين بفوارق فلكية بين تسعيرة اللولار وسعر الدولار، لكنّ الصحيح أيضاً أنه ليس من المقبول رفع هذه السحوبات اعتباطياً في ظلّ غياب الإصلاحات وخطط الإنقاذ الحكومية والمالية. ورغم ذلك كان وقع خبر زيادة قيمة السحوبات الدولارية بالليرة اللبنانية إيجابياً على المستفيدين من مفاعيل التعميم 151، وخصوصاً أولئك الذين يسحبون رواتبهم من المصارف على أساسه، لكن سرعان ما ستنهش أنياب “الاقتصاد المتوحش” هذه الزيادة وستتآكلها الأسعار وكلفة المعيشة مقابل تدنّي قيمة العملة الوطنية مع كل وثبة للدولار في السوق السوداء.
وأشار خبراء اقتصاديون لـ»البناء» إلى أن «قرار رفع الدولار المصرفي، وإن كان سيرفع قيمة السحوبات بالليرة للمودعين، لكنه سيعود بنتائج سلبية على المدى المتوسط والبعيد»، موضحين أن «الكتلة النقدية بلغت اليوم 23 ألف مليار ليرة وقرار المركزي الجديد سيزيد نسبة التضخم، وبالتالي تسارع وتيرة انهيار سعر صرف الليرة، ما سيفرغ قرار مصرف لبنان من مضمونه». كما أوضح الخبراء أنه «بموازاة قرار المركزي رفع قيمة الدولار عمد في المقابل إلى خفض السحوبات الشهرية من 5 ألاف دولار إلى 3 آلاف دولار، ما يعني تقليص قيمة الزيادة في السحوبات التي سيستفيد منها المودعون إلى 30 في المئة، بمعنى آخر المصرف المركزي أعطى المودعين بيد وأخذ منهم باليد الأخرى و»يبيعهم من كيسهم».
وقالت مصادر نيابية لبنانية مطلعة على عمل لجنة المال والموازنة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن ما جرى «ناتج عن ضغط سياسي برلماني باتجاه رفع قيمة الودائع لأنه كان من الظلم أن يبلغ سعر صرف الدولار 23 ألف ليرة، بينما تحسب المصارف قيمته بـ3900 ليرة»، مشيرة إلى أن التعميم الجديد «هو بمثابة تصحيح للتعميم السابق» الذي يحمل الرقم 151 والصادر في مطلع فبراير (شباط) 2020، معتبرة أن الضغط أدى إلى هذا القرار.
وقالت المصادر إن الإجراءات الجديدة للمصرف المركزي «تستلزم توضيحات منه حول آليات تنفيذه، ومن ضمنها تفاهمات مع المصارف التجارية على تغيير سقف السحوبات الشهرية بالليرة اللبنانية»، في إشارة إلى أن المصرف المركزي كان قد وضع سقفاً للسحوبات الشهرية بالليرة اللبنانية تتراوح بين 8 و12 مليون ليرة.
ويثير القرار جملة مخاوف أساسية مرتبطة بضخ إضافي للسيولة النقدية بالعملة المحلية والتي تبلغ الآن في السوق نحو 45 تريليون ليرة، مما يتسبب بتضخم إضافي ينتج عنه تدهور إضافي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار في السوق السوداء. كما يثير مخاوف أخرى من زيادة الطلب على الدولار في السوق، فتتسبب المضاربات في ارتفاع سعره أكثر”.
lebanon24