لم يفرح اللبنانيون لوقت طويل بتعميم مصرف لبنان الجديد، المتعلق بتعديل آلية الصرف في المصارف ورفع السعر من 3900 ليرة الى 8000 ليرة لبنانية، اذ كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء بانتظارهم ليحبط كل آمالهم ويقرر البحث عن الرقم 30 ليستقر عنده في الايام المقبلة، قبل أن يعود ويرتفع مجدداً وهذه المرة من دون ضوابط.
يحذر محلّلون اقتصاديون من هذا التعديل “الشعبوي” والذي ضغطت لتعديله الطبقة السياسية، ويؤكدون أن الكتلة النقدية سترتفع حكماً من دون أن يقابلها ضخ للدولار في السوق، ما يعني ارتفاع نسبة التضخم ومعها الاسعار، وسيشعر المواطن تدريجياً بفقدان قيمة العملة الوطنية، لا سيما في السوبر ماركت والمحروقات وكل ما هو مستورد من الخارج بالدولار.
يحذر المحلّلون من انفلات سعر الدولار في السوق السوداء، لا سيما وأن تجارة الشيكات المصرفية ستصبح أكثر تداولاً في الايام المقبلة، بعد ان بادر قسم كبير من التجار الى شراء تلك الشيكات على سعر صرف 4200 و 4500 ليرة وبكمية كبيرة، لعلمهم أن المصرف المركزي سيرفع دولار البنك، ومن “خزن” تلك الشيكات سيلجأ الى سحبها، ولو عمد المصرف الى تحديد 3 آلاف دولار شهرياً كحد أقصى للأفراد، وذلك في اطار ضبط آلية الصرف والحد من زيادة الكتلة بالليرة اللبنانية في السوق.
إلا أن التجار يراهنون على تعميم آخر للمركزي سيصدر أيضاً يُعطي الشركات الحق برفع سقوف السحب، بعد أن شكا عدد من هذه الشركات فقدانه السيولة بالليرة اللبنانية وامتناع المصارف رفع سقف السحب، الأمر الذي انعكس على المصاريف اليومية لتلك الشركات وحدد لها سقفاً مالياً للسير به.
في المقابل، تؤكد مصادر مصرفية أن خطوة مصرف لبنان جاءت تمهيداً لرفع قيمة دولار الرسوم الجمركية والخدمات التي تقدمها الدولة من اتصالات وفواتير تتصل برسوم المياه والكهرباء، وغيرها من تلك التي ستشهد ارتفاعاً كبيراً يوازي على الارجح سعر منصة الدولار المصرفي، وهذا الأمر من شأنه تخفيف الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في السوق ويضبط إيقاع الدولار الذي سيشهد الى حينه ارتفاعاً كبيراً، خصوصاً إن لم يبادر مجلس الوزراء الى الانعقاد لإقرار تلك المراسيم المتعلقة بالضريبة على الخدمات التابعة للدولة، والتي لا تستطيع ان تستمر على دولار الـ 1500 ليرة، وخير مثال على ذلك ما حصل في بيروت بعد العاصفة، حيث انفجرت قساطل المياه وغابت الصيانة لأن المتعهدين قرّروا التوقف عن العمل وعن التزام مناقصات على دولار الـ 1500 ليرة، فالصيانة في الدولة معطلة، وبالتالي قد نشهد المزيد من المشاكل المتصلة بأمن المواطن الحياتي.
على أبواب عيدي الميلاد ورأس السنة، وفيما ينتظر اللبنانيون عيدية تُبلسم بعض جراحهم، يأتي الارتفاع الكبير بالدولار ليُفرمل تلك الآمال، وليضيف الى السوق اللبناني أزمة جديدة قد تُفجر الوضع المعيشي للمواطن الذي يئن من الفقر، وستنتعش في المقابل طبقة “الفريش دولار” على حساب الأكثرية الساحقة من اصحاب رواتب “الفريش ليرة لبنانية”، والأسوأ من كل ذلك أن الرئيس نجيب ميقاتي لم يتمكن حتى الساعة من ايجاد مخرج لعقد جلسة حكومية، ولن يجد في القريب العاجل، على وقع التزام الثنائي الشيعي بالإطاحة بالقاضي طارق البيطار حتى ولو ظلت حكومة ميقاتي معطلة حتى إشعار آخر.
ch23