حكمٌ بـ”إعدام” العمالة الوطنية.. اللبنانيون إلى سوء المصير!

استمر المسؤولون اللبنانييون في “إدهاش” الداخل والخارج بكيفية إدارتهم لواحدة من أشد الازمات، وأكثرها فتكاً. إذ يتفوّق بعضهم على نفسه بالقرارات المتخذة، وآخرها: قرار وزير العمل تعديل “لائحة المهن المحصورة باللبنانيين”. فاذا كان “حجر” العمالة الأجنبية في زمانه ومكانه يساوي “قنطاراً”، على حد قول المثل الفلسطيني، فان وضعه في غير موضعه قد يؤدي إلى انهيار ما بقي من البنيان.

في الأمس عدّل وزير العمل إبراهيم بيرم قرار “لائحة المهن الواجب حصر ممارستها باللبنانيين”، مشرعاً إياها أمام فئات جديدة من الأجانب. فاستثني من عدم إمكانية ممارستها الفلسطيني المولود على الاراضي اللبنانية والمسجل وفق الأصول، الأجنبي الذي تكون والدته لبنانية أو متزوجاً من لبنانية، والمولود في لبنان من حملة بطاقة مكتوم القيد. وبذلك أتيحت أمام هذه الفئات الجديدة بحسب القرار أكثر من 70 مهنة ومصلحة، منها: الاعمال لدى الادارات العامة والبلديات، المهن المنظمة بقانون ويحصر حق ممارستها للمنتسبين الى النقابة (طب، محاسبة، طوبوغراف، هندسة، محاماة…)، التجارة، الاعمال المتصلة بالمهن السياحية، جميع الاعمال في القطاع المصرفي والمالي والتأمين، الاعمال الادارية والتربوية والحرفية والخدماتية، وذات الصلة بالاعلان والإعلام.

 

 

ليكون القرار قابلاً للتطبيق يجب أن يتوفر فيه شرطان أساسيان:

الأول، أن لا يتعارض مع قوانين تسمو عليه، ما يعرضه للتعطيل.

والثاني أن يكون مبنياً على اختيار أحسن البدائل بعد تحليل وتقييم النتائج المترتبة على كل بديل.

وهذان الشرطان غير متوفّران في القرار. ففي الشكل قد يتعارض القرار في مادته الأولى الفقرة رقم (2) التي تستثني “المهن المنظمة بقانون والتي يحصر حق ممارستها للمنتسبين لنقابة المهنة، وبعد الاستحصال على إجازة من السلطة المختصة عند توجبها (مثل: المحاماة، الهندسة، الطب، الصيدلة، الطوبوغراف…) مع القوانين الخاصة بكل نقابة، يقول المحامي عماد الخازن، فـ”المهن المذكورة أعلاه تنتمي إلى نقابات “ORDRE” تعتبر الإنتساب اليها شرطاً ملزماً لمزاولة المهنة. وهي تتطلب مثلاً بالنسبة إلى نقابة المحامين في المادة الخامسة من قانون تنظيم المهنة أن يكون المنتسب لبنانياً منذ أكثر من 10 سنوات على الأقل”. وبحسب الخازن فان “هذا القرار لا يطبق على هذه المهن حتى ولو تحول في ما بعد إلى قانون صادر عن مجلس النواب. ذلك أن القوانين الخاصة تسمو على القوانين العامة. والأمر نفسه ينسحب على بقية النقابات ordre. من الجهة الأخرى فان عمل الأجانب في بعض المهن مثل الطب يتطلب وجود اتفاقية المعاملة بالمثل بين الدولة اللبنانية ودولهم الأم، وهذا ما لا يتوفر بين لبنان وفلسطين. وعليه فانه لا يمكن ممارسة مهنة الطب إلا بعد إدخال تعديلات قانونية على نظامها ولا يمكن لاحد بمزاولتها بقرار وزاري أو ما شابه، لانه يعد تجاوزاً للقوانين المرعية الإجراء، كما عبّر نقيب الاطباء في بيروت.

 

أما في المضمون، فان الخطوة المطلوبة سابقاً، تأتي بعدما فقَد لبنان نحو 60 في المئة من ناتجه القومي ويسجل إنكماشاً اقتصادياً بأكثر من (10.5-) في المئة. ففي ظل الانهيار والارتفاع الهائل في معدلات البطالة وتدني الدخل الفردي… لم يأخذ القرار في الحسبان النتائج الاستراتيجية المطلوب الانتباه اليها. ولا سيما أنها لا تتعلق بعدد قليل من العمال، إنما بمصير اقتصاد منهار، وشعبين يعيشان في ظله على “حد السكين”. ما دفع بالاقتصادي د. روي بدارو إلى اعتبار “القرار سياسياً بالدرجة الأولى، ويفتقد إلى الحيثية الإقتصادية”.

فالوزير قريب من “حزب الله”، ويبدو أن هناك مصلحة بـ”تملق” الطرف السني، و”هذا ما لا أتوافق معه في السياسة”، قال بدارو. أما في الاقتصاد ولكي يخدم القرار المصلحة العامة فـ”عليه أن يلبي شرطاً واحداً”، برأيه، وهو “أن لا يؤدي إلى الاستبدال الديمغرافي بغض النظر عن جنسية الأجانب. أي إحلال غير اللبنانيين في المهن والوظاف على حساب العمالة المحلية. ذلك مع العلم أن زيادة الخبرات في الاقتصاديات تعتبر أمراً مفيداً. ولا سيما مع ما يشهده لبنان من هجرة في الأدمغة واليد العاملة الماهرة. لكن بشرط أن تتوفر فيها المقومات العلمية والتقنية المطلوبة، وأن تكون مربوطة هذه التراخيص بفترة زمنية محددة وتتوجه مناطقياً”. فمقابل التصحر الطبي نتيجة هجرة أو نزوح الاطباء الذي تشهده بعض المناطق اللبنانية مثلاً، كان الأجدى على الوزير، برأي بدارو، “العمل على قوننة العمالة في هذه المهنة لغير اللبنانيين لفترة تحدد بعامين أو ثلاثة وفي بعض الأماكن والقرى النائية والبعيدة، والتي هي بأمس الحاجة إلى وجود أطقم طبية فيها لعجز سكانها عن الطبابة في المدن الكبرى”. وعليه يشدد بدارو على ضرورة توفر شرطين أساسيين لنجاح القرار وعدم إضراره بالعمالة اللبنانية وهما: أن لا يكون مفتوحاً، وأن يصار إلى توجيهه قطاعياً ومناطقياً بما يخدم المناطق والسكان”.

إنطلاقاً من المفهوم الواسع لـ”مبادئ حقوق الانسان” بضمان الحق بالعمل للجميع، بغض النظر عن جنسهم وجنسيتهم ولونهم وطائفتهم يعتبر الخبير الاجتماعي والنقابي الدكتور غسان صليبي أن “القرار في الشكل صائب. إنما في المقابل فان المطالبة بحق العمل لا تعني توفّر فرصة عمل فقط، إنما توفرها بظروف تضمن للعامل العيش الكريم، وأن تتوفر فيها الضمانات والتأمينات والراتب اللائق. سواء كان العامل لبنانياً أو غير لبناني. وهذا ما لا يتوفر لا في موجبات القرار، ولا في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي يمر بها في لبنان. فما يحدث اليوم لا يهدف برأي صليبي الى “المدافعة عن العامل الفلسطيني أو عن الاشخاص من أم لبنانية ومكتومي القيد، إنما الى مساعدة أرباب العمل الواقعين في ظروف اقتصادية صعبة”. ففي ظل الهجرة الكبيرة لليد العاملة اللبنانية في مختلف المهن والاختصاصات، سيفقد هذا القرار العامل اللبناني القدرة على المطالبة بحقوقه والمفاوضة على تحسين ظروفه، وذلك لتوفر بديل منافس يمكن لصاحب العمل استخدامه، مما سيزيد من حجم الهجرة من جهة وسيمنع الذين حافظوا على وظائفهم من حماية حقوقهم المكتسبة. عملياً يعتبر صليبي هذا القرار “أتى لصالح أصحاب العمل، ولو أنه يخدم بعض العمالة الفلسطينية، لكن على حساب استغلالها، مثلما كانوا يستغلون اللبنانيين.

كما أن هذا القرار يمكن ان يغذي النزعات الطائفية والعنصرية ويضع العامل الفلسطيني مقابل العامل اللبناني، وهذا ما بدأنا نشهده من خلال تصاريح بعض السياسيين. والأسباب الموجبة المفترض أن يستجيب لها النص، والمذكورة في متنه، والتي تتحدث عن الحفاظ على المصلحة العامة ومراعاة الظروف الاقتصادية تتناقض مع الواقع ومع ما يمر به لبنان”.

وزير العمل حاول “ترقيع” القرار بعد تعرضه لنقد قانوني، وتحديداً من النقابيين، فاعتبر في بيان أن ما كان ممنوعاً ومحظراً في القوانين والمراسيم والانظمة النقابية وغيرها ما زال ممنوعاً. وأن ما سمح به الوزير هو توسيعه لنسبة العمالة ضمن ما تتيحه القوانين. واعداً بتوضيح الالتباسات في مؤتمر صحافي اليوم. وهذا لا ينفي في جميع الحالات أن القرار، وإن لم يشمل العمل ضمن المهن التي تتبع نقابات الـ ordre وليس SYNDICAT، لتعارضه مع قوانينها الداخلية، فهو يبقى غير مفيد للاقتصاد وحقوق العمال سواء كانوا لبنانيين أو غير لبنانيين.

ch23

عن Majd Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *