اعتبر مدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية الدكتور فادي قانصو في حديث لموقعنا Leb Economy أنه “بمعزل عن مطالب المودعين المقدّسة لناحية حقهم في استرجاع ودائعهم المصرفية، بالدولار الأميركي حتى وليس فقط بالليرة اللبنانية، إلا أن ما صدر البارحة من تعديل في التعميم 151 لناحية رفع سعر صرف السحوبات من 3,900 ليرة للدولار إلى 8,000 ليرة للدولار وبسقف لا يتخطّى 3,000 دولار شهرياً، شكّل بلا أدنى شكّ مفاجأة في أوساط اللبنانيين لاسيما وأن حاكم مصرف لبنان كان قد صرّح مؤخراً بأن هكذا خطوة قد يكون لها تداعيات مهمّة على التضخم وعلى سعر الصرف، وفق دراسات قام بها مصرف لبنان”.
واذ شدّد قانصو على أن “ما صدر البارحة من قرار مستهجن في التوقيت، ينبغي قراءته ومقاربته من الجانب الاقتصادي والمالي، بمعزل عن الجانب الإنساني والاجتماعي المحقّ”، أكّد إن “رفع سعر صرف الدولار المصرفي إلى 8,000 ليرة يحمل في طيّاته بالتأكيد ضخ كتلة نقدية إضافية، حتى ولو افترضنا بأن سقف السحوبات قد انخفض من 5,000 دولار شهرياً على بعض الودائع (أي 19.5 مليون ليرة على سعر صرف الـ3,900)، إلى 3,000 دولار (24 مليون ليرة على أساس سعر صرف الـ8,000)، فبهذه المعادلة الحسابية البسيطة، نرى بأن ما سيتمّ طبعه وضخه من كتلة نقدية بالليرة سيتجاوز بالتأكيد حجم الكتلة النقدية التي كان يضخها ما قبل تعديل التعميم 151، هذا دون احتساب تأثير عملية رفع سقف السحوبات على الودائع الصغيرة من 1,000 دولار إلى 3,000 دولار شهرياً”.
وقال: “في حال توفّرت هذه التحويلات الشهرية، على شكل سيولة أو على شكل إيداعات مصرفية تستعمل عبر البطاقات الالكترونية، فإن مفعول هذا القرار سيكون له بلا أدنى شكّ تداعيات ملحوظة على نسب تضخم الأسعار، لاسيما في ظل جشع التجار المستفحل والذي عززه بطبيعة الحال الغياب الفاضح للدور الرقابي من قبل الدولة على أسعار السلع والخدمات منذ اندلاع الأزمة، وكأن اللبنانيين لا يكفيهم نسب تضخم تجاوزت الـ500% خلال العامين المنصرمين، وفق أرقام الإحصاء المركزي، وبالتالي فإن ما قد يكتسبه المودع جرّاء عملية رفع سعر صرف الدولار المصرفي سيخسره نتيجة تآكل القدرة الشرائية”.
وكشف قانصو عن أنّه “قد يكون لهذا القرار تداعيات ملموسة على سعر الصرف في السوق السوداء، إذ أن هذا الفائض في السيولة بالليرة، سيسلك حُكماً معبر السوق السوداء، ما يعني المزيد من الطلب على الدولار وبالتالي المزيد من الانهيار في سعر الصرف، سواء توفّرت هذه السحوبات على شكل كاش أو على شكل إيداعات في حسابات مصرفية، إذ ستعود عملية بيع وشراء الشيكات بالليرة بقوة لتسييلها ومن ثمّ تحويلها إلى دولار، ما يعني أيضاً أن نسبة الحسم على الشيكات بالليرة سترتفع بطبيعة الحال. وكأن اللبنانيين لا يكفيهم هنا سلسلة من الأزمات المتشعبة والمتراكمة في القطاع الحقيقي وفي المالية عامة وفي القطاع الخارجي وفي القطاع المالي بشقه المصرفي والنقدي وفي الوضع السياسي، ساهمت جميعها في تدهور سعر صرف الدولار من 1,500 ليرة إلى أكثر من 25,000 ليرة في غضون عامين، دون أن ننسى في الأساس تداعيات التعميم 151 منذ نيسان 2020 وحتى اليوم على سعر الصرف الدولار”.
ووفقاً لقانصو “هكذا قرار كان ينبغي أن يترافق مع خطة اقتصادية شاملة تقوم بالدرجة الأولى على تحديد الخسائر المالية وتوزيعها ومعالجتها بشكل عادل ومنصف، وإلا فنحن ذاهبون بلا أدنى شك باتجاه عملية إطفاء أو شطب مُمنهجة للخسائر في القطاع المالي، سيتحمّل المودع الجزء الأكبر منها من خلال دفعه على سحب ودائعه بالعملات الأجنبية على سعر صرف 8,000 ليرة، في وقت من المتوقع أن يأخذ سعر الصرف مساراً تصاعدياً ودون سقوف في المرحلة المقبلة خاصة في حال بقيت الأمور على ما هي عليه وهو ما نخشاه للأسف”.