رفع قيمة صرف الدولار المصرفي من ٣٩٠٠ إلى ٨٠٠٠ ليرة قرار يُعيد بعض الحقوق المنهوبة لأصحاب الودائع، ولكن هذه الخطوة لوحدها لا تكفي إذا لم يتم وضع خطة جدية لضبط حركة إرتفاع الدولار في السوق السوداء بالسرعة المناسبة.
بقاء أسعار الدولار الأسود على منوال هذا التفلت المخيف، والذي سجل أمس ١٠ بالمئة خلال ساعات معدودة، يعني أن اللبناني مستمر في لعبة لحس المبرد في خسارة مدخراته من جهة، وعدم قدرته على مجاراة الأسعار الجنونية لحاجياته اليومية من طعام ودواء وطبابة وإستشفاء، مما يعني فقدان قيمة السعر الجديد للدولار المصرفي، بسبب التراجع المستمر في القدرة الشرائية لليرة، وتقصير أجهزة وزارة الإقتصاد ومفتشي حماية المستهلك في القيام بمهامهم في رقابة الأسعار، وضبط جشع التجار.
الواقع المحزن الذي يتخبط فيه البلد منذ اندلاع الأزمة قبل سنتين، يكمن في فقدان الرؤية لدى أهل الحكم، وعجز الحكومات المتعاقبة عن وضع برنامج إنقاذي متكامل، وترك المشاكل تتدحرج في مهاوي الإنهيارات المتسارعة، وفوضى في اتخاذ قرارات وإجراءات متضاربة وبعيدة عن أبسط قواعد التنسيق، خاصة بين المرجعيات المالية، لاسيما البنك المركزي ووزارتي المالية والإقتصاد، والتي بلغت ذروتها في الخلاف الذي نشب بين المالية والمركزي في تحديد حجم الخسائر، وتضارب الأرقام بينهما إبان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتي أدت إلى توقيف الصندوق للمفاوضات، بسبب عدم جدية الوفد اللبناني، ومهزلة فوارق الأرقام بين أعضاء الوفد الواحد!
والمفارقة الدرامية التي تطبع العجز المتمادي للسلطة الحالية تبرز في تعطيل إجتماعات الحكومة منذ حوالي الشهرين، في وقت أحوج ما يكون فيها البلد إلى سلطة متماسكة، فيما العالم ينتظر قرارات الحكومة الإصلاحية ليبدأ تقديم المساعدات اللازمة للوطن المنكوب بحكامه.
ما قيمة رفع سعر الدولار المصرفي في حال وصل الدولار الأسود إلى مستوى الثلاثين ألفاً في غضون الأيام القليلة المقبلة؟