الدولار لن يحلّق بسبب رفع سعر السحب

في هذه المرحلة التي يُفترض انّها مرحلة مشاروات فنية مع صندوق النقد الدولي تسبق بدء المفاوضات الرسمية للوصول الى اتفاق على برنامج إنقاذي، دخل البلد الزمن الانتخابي. فهل تستطيع أي مؤسسة رسمية اتخاذ الإجراءات التمهيدية المطلوبة للوصول الى مرحلة توقيع اتفاق تمويل مع صندوق النقد؟

ما جرى في قانون الكابيتال كونترول، يقود الى استنتاج اولي مفاده انّ السلطة، بشقيها التنفيذي والتشريعي، أصبحت عاجزة عن اتخاذ اي إجراء ناجع في ملف تهيئة الارض للوصول الى خطة انقاذية يموّل قسماً منها صندوق النقد الدولي. والكلام الذي قيل، ولا يزال، في مسألة الحرص على اموال المودعين، أشبه برسم كاريكاتوري سمج، غير مفهوم وغير مُضحك.

وبصرف النظر عن الخلافات في تقييم أهمية هذا القانون في هذا التوقيت، وإذا ما كان ضرورياً، او يُستحسن ان يأتي ضمن سلة متكاملة يشملها برنامج الإنقاذ المنتظر، أكدّت طريقة مقاربة الملف من قِبل النواب، استحالة التقدّم في اتجاه تهيئة الأجواء لبدء مفاوضات جدّية مع صندوق النقد. وكان لافتاً الاسلوب الذي اعتُمد في الشق المتعلّق بالجهة التي ينبغي ان تحدّد سقوف السحوبات من الودائع. وتمّ التعاطي مع مصرف لبنان، وكأنّه كيان معادٍ للدولة. واستسهل البعض التصويب على هذه النقطة، انطلاقاً من الجو الشعبي العدائي حيال البنك المركزي. وهنا ينبغي طرح السؤال التالي: اذا كان التعاطي مع مصرف لبنان ينطلق من واقع انّ السلطة السياسية لا تثق برياض سلامة تحديداً، فمن باب الأولى التركيز على استبدال حاكم مصرف لبنان، لأنّه لا يجوز ان تذهب المؤسسة المستقلة المسؤولة عن السياسة النقدية بجريرة الانتقام من فرد، بصرف النظر عمّن يكون هذا الشخص. اما اذا كان اعتراض السلطة على دور مصرف لبنان وليس على حاكمه، فمن الضروري التعاطي مع هذا الموضوع بعقلانية، وبناءً على القانون وعلى تجارب الدول. ولعلّ تجربة الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان في التعاطي مع مصرف بلاده المركزي، تشكّل نموذجاً يفيد من يتناسى أهمية هذه المؤسسة ككيان مستقلّ في كل اقتصادات الدول. كذلك يمكن استقاء العِبَر من تجربة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب مع حاكم الفدرالي.

هذا الكلام يقود الى حقيقة مفادها، انّ السياسيين في غالبيتهم يتعاطون مع مأساة البلد وناسه بكيدية وتبسيط وولدنة. ولعلّ قضية تعديل سعر السحب من الودائع الدولارية من 3900 الى 8000 ليرة يشكّل نموذجاً لهذه العقلية المريضة. قبل التغيير، كان هناك من ينادي برفع سعر السحب وإنصاف المودعين، لا سيما الصغار منهم الذين يضطرون الى السحب من اموالهم للإنفاق اليومي. بعد التعديل، الاشخاص انفسهم شنّوا حملات انتقاد شعواء على رفع سعر السحب، ومن ضمنهم نواب مُمثلون عبر احزابهم في لجنة المال والموازنة، التي بُحّ صوت رئيسها وهو يطالب برفع سعر السحب!

هذا الكلام لا يستهدف الدفاع عن القرار، بل تسليط الضوء على العقلية التي يتعاطى فيها البعض مع كارثة بحجم الكارثة التي يعاني منها اللبنانيون في هذه المرحلة. وبالمناسبة، سعر صرف الدولار لن يحلّق كما يقول البعض، بسبب هذا القرار في الايام القليلة المقبلة. لكن مسيرة الارتفاع قائمة ومستمرة، مع تعديل سعر الصرف او من دونه.

وبالمناسبة، ماذا ستقول السلطة للمبعوث الفرنسي بيار دوكان الذي جاء الى بيروت ليستطلع اخبار الإصلاحات الموعودة؟ وماذا ستكون اجوبة السلطة عن الاسئلة التالية:

اولاً- ماذا فعلتم بالكهرباء، وهي ممر الزامي لكل الإصلاحات الاخرى؟ هل حسمتم موقفكم برفع التعرفة ووقف مزاريب الهدر في القطاع؟ ام انّ رفع التعرفة ليس شعبياً في هذه المرحلة الانتخابية، وتريدون التلطّي بالبنك الدولي لاتخاذ القرار؟

ثانياً- كيف تنوون إصلاح المالية العامة، وهي وفق التشخيصات الاقتصادية الداخلية والخارجية، أساس الأزمة، والسبب الرئيسي للوصول الى الانهيار والإفلاس؟ كيف ستقرّون موازنة خالية من العجز اذا كنتم عاجزين عن رفع الإيرادات، لأنكم لا تريدون إغضاب الناس قبل الانتخابات؟

ثالثاً- كيف ستحمون المودعين وتحفظون حقوقهم كما تدّعون، إذا كنتم تعيقون الوصول الى خطة للإنقاذ؟

رابعاً- كيف ستؤمّنون استمرار الحياة في البلد، اذا كانت الدولة مهدّدة بالوصول الى وقت تعجز فيه عن جمع النفايات وإصلاح الطرقات وإيصال المياه وإنجاز المعاملات؟

خامساً- الى متى تستطيعون ضمان الأمن في البلد، إذا كنتم عاجزين عن ضمان بدل نقل لرجال الأمن للوصول الى مراكز عملهم؟

المشهد لا يبشّر بالخير. وصار من حق الناس ان يشكّكوا بكل ما يُقال لهم في شأن التقدّم الذي تمّ إحرازه في ملف إعداد خطة للتعافي، تستند الى ارقام موحّدة للخسائر، خصوصاً عندما يسمعون انّ رئيس الجمهورية مُعترض على محاولة اقصائه عن تفاصيل هذه الخطة. إذ لم يعد معروفاً، من يُقصي من، في دولة تتحلّل وتتلاشى يوماً بعد يوم.

ch23

عن Majd Jamous

شاهد أيضاً

سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

تطورات جديدة في ملف رفع الحد الأدنى للأجور في لبنان… “الألف دولار لا تكفي”

“الألف دولار لا تكفي”… تطورات جديدة في ملف رفع الحد الأدنى للأجور في لبنان دعا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *