لطالما كانت العطور من أولى المنتجات الّتي يقصدها من يرغب بتقديم هديّة لأحبّائه أو أصدقائه، إلّا أنّ هذه العادة تغيّرت منذ نحو سنتين، حتّى أنّ البعض “شطب” هذه المنتجات من حياته اليوميّة، كونها ليست من الأولويّات.
“اعتدتُ أن أشتري العطور لكلّ أفراد عائلتي (3 أخوة وأم وأب)، لتقديمها إليهم خلال عيد الميلاد، غير أنّ الوضع اختلف هذا العام”، تقول نادية لـ”لبنان 24″، وهي موظّفة في إدارة إحدى السوبرماركات. وتابعت أنّ “كلفة 5 زجاجات عطور، تساوي اليوم أكثر من ضعف راتبي الشّهري”. وأعربت عن أسفها لـ”ما وصل إليه الوضع في لبنان، ولأنّها ستكتفي بتقديم هدايا رمزيّة لأفراد عائلتها”.
تراجُع الطّلب 60%
في جولة بسيطة على متاجر للعطور، يمكن، وبكلّ سهولة، ملاحظة ارتفاع الأسعار الكبير، مقارنةً بما كانت عليه قبل نحو عامين.
تواصَل “لبنان 24” مع صاحب إحدى أكبر شركات العطور في لبنان، الّذي كشف أنّ “الطّلب وشراء العطور تراجع نحو 60%، منذ بدء الأزمة الاقتصاديّة حتّى اليوم”.
وعن الأسعار، لفت إلى أنّ “سعر المنتجات بالعملة الوطنيّة ارتفع، بسبب انهيار اللّيرة اللّبنانيّة أمام الدّولار، كما أنّ سعر العطور بالدّولار ارتفع أيضًا، لأنّ كلفة الشّحن من الخارج ارتفعت”.
وأشار إلى أنّ “أسعار زجاجات العطور تتراوح اليوم بين 400 ألف و6 ملايبن ليرة لبنانيّة”.
وعن حركة السّوق عقب الدّخول في موسم الأعياد، بيّن أنّها “لا تزال خفيفة مقارنةً بالسّنوات الماضية”.
العطور المركّبة
بعد ارتفاع أسعار العطور “الأصليّة”، بدا لافتًا توجّه فئة كبيرة من النّاس إلى شراء العطور المركّبة. وتكثر المحلّات الّتي تقوم بتركيب العطور في المناطق الشعبيّة خصوصًا.
وقال صاحب أحد متاجر العطور المركّبة في ضاحية بيروت، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ”لبنان 24″، إنّ “الطّلب على العطور المركّبة زاد بنسبة كبيرة، بعد الأزمة الاقتصاديّة في لبنان”، موضحًا أنّه “لم يعد جميع الأشخاص قادرين على شراء العطر الأصلي، الّذي قد تتخطّى سعر العبوة الواحدة منه راتب الفرد أحيانًا”.
وركّز على أنّ “سعر العطور المركّبة ارتفع بطبيعة الحال مع تغيّر سعر الصرف، كون كلّ البضاعة والمواد الّتي تدخل بتركيبتها مستورَدة من خارج لبنان، إلّا أنّه لا يزال مقبولًا مقارنةً بسعر العطور الأصليّة”.
وعن تغيّر الأسعار، ذكر أنّ “زجاجة العطور 20 مللترا كان سعرها نحو 6 آلاف ليرة لبنانيّة، وبات اليوم يتراوح بين 40 و50 ألف ليرة. أمّا زجاجة الـ100 مللترا فكان سعرها ما بين 20 و30 ألف ليرة، وأصبح في يومنا هذا يترواح بين 180 و200 ألف ليرة”. ولفت صاحب المتجر، إلى أنّ “هذه الأسعار تتبدّل مع تبدّل سعر الصّرف، كوننا نستورد البضائع من الخارج وندفع ثمنها بالدّولار”.
وأكّد أنّ “هذه التّجارة شرعيّة، وموجودة في كلّ دول العالم”، من دون أن ينفي “لجوء بعض التجّار إلى الغشّ، لناحية تخفيف نسبة “الإسنس” في التّركيبة، ما يخفّض فترة دوام العطر على الجسم”.
التّفريق بين العطر الأصلي والمقلَّد
ليس خفيًّا ارتفاع نسبة بيع السّلع المقلّدة مع بدء الأزمة الاقتصاديّة، إذ يلجأ الكثير من النّاس إلى شرائها، لأنّها أقلّ كلفة.
لكن كي لا تقع ضحيّة أيّ عمليّة غشّ، هناك عدّة مؤشّرات ممكن أن تكشف للزبون إن كان العطر الّذي يشتريه أصليًّا أم لا، منها:
– بالنّسبة للعطور المقلّدة، تتكوّن رغوة أو فقاقيع داخل الزّجاجة عند تحريكها وإبقائها ساكنة لبعض الوقت، وهذا ما لا يحدث إذا كانت العطور أصليّة.
-في العطور المقلّدة، يكون الأنبوب الموجود داخل العبوة الّذي يسمح بضخّ العطر، أطول من المعتاد.
-في ما يتعلّق بالتّعبئة والتّغليف، عادةً ما تكون علبة الكرتون الخارجيّة الخاصّة بالعطور المقلَّدة منخفضة الجودة، وعليها طباعة غير دقيقة.
-لا يضيف صنّاع العطور العالميّة الكثير من الصّبغة الملوّنة على عطورهم، لذا يكون لون العطر الأصلي باهتًا.
من الطّبيعي أن يهرع اللّبنانيّون للبحث عن السّلع الأقل كلفة على جيوبهم، لكنّ الأهم عدم وقوعهم في فخّ بعض التجّار، وهنا يأتي دور المراقبة من قبل المعنيّين!
ch23