شكّلت عملية رفع سعر صرف الدولار المصرفي مقابل الليرة، من 3900 إلى 8000 ليرة مقابل الدولار الواحد، صدمة كبيرة للمواطنين، نظراً لأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان قد شدد، قبل نحو اسبوع من القرار، على عدم إمكانية القيام بهذه الخطوة، لأن لها إنعكاسات سلبية ولأن التعميم 151 ينتهي مفعوله في أواخر كانون الثاني المقبل. ما الذي تغيّر فجأة حتى خرج سلامة من إجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وأعلن، في اليوم نفسه، رفع السعر إلى 8000 ليرة… وما هي تداعيات هذا القرار على إرتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وتأثيره على القدرة الشرائية للمواطنين؟.
“عملياً عندما يتمّ رفع الدولار المصرفي إلى 8000 ليرة، فإن الهيركات على دولارات المودعين سيصبح أقلّ، لكن فعلياً إذا حصلت عملية سحب أكبر للأموال بالليرة في المصارف ولم يستطيعوا ضبط السقوف فهذا الأمر سيؤدي حتماً إلى تضخّم كبير”. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، الذي يشير إلى أن هذا الأمر على المدى القصير سيؤدي الى إقتطاع أقلّ من أموال المودعين، ولكن على المدى الطويل فهو حكماً سيؤدّي للاسراع في إرتفاع الدولار في السوق السوداء”.
في حين أن الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي يرى، أن “هذه المسائل لا تتمّ ادارتها بطريقة ارتجاليّة بل لها أصول وقواعد، من هنا دائما المصارف المركزيّة تشكّل مجالس نقديّة لمراقبة طبع النقد من قبل المصرف المركزي، بهدف المحافظة على القدرة الشرائيّة لسعر العملة”.
ويشرح يشوعي أنه “بغياب مجلس النقد وفي ظلّ الإرتجال الذي يقوم به حاكم المصرف المركزي، كانت الكتلة النقدية في لبنان في العام 2019 6 تريليون ليرة، أي 6 آلاف مليار ليرة، بينما أصبحت اليوم تلامس 50 تريليون ليرة، أي 50 ألف مليار ليرة، وسبب هذا كلّه أن المصرف المركزي يطبع الليرة ويهدر الدولارات”. أما أبو سليمان فيشدد على أن “هناك تناقضاً صريحاً بين كلام سلامة في المقابلة، الذي أكّد فيه على عدم امكانيّة رفع الدولار المصرفي حالياً لأنّ هذا سيرفع من سعر صرف الدولار وما قام به”، متسائلاً “ما الذي جعله يقوم بهكذا خطوة في أسبوع”؟.
“ما يجب القيام به حالياً ليستقيم الوضع هو المحافظة على القدرة الشرائية، ولكن في الواقع ما يقومون به هو تصحيح أرقام، وهذا الأمر يؤدي إلى رفع الدولار وعندها نضطر من جديد إلى القيام بتصحيح أرقام”. هذا ما يراه ايلي يشوعي، لافتا إلى أننا “سنبقى ندور في نفس الدوامة طالما أن من “سرق” مال الناس لم يردّه لهم”. بدوره أبو سليمان يعتبر أن “بداية الحلّ تكون بإعادة جزء من أموال المودعين لهم وبالعملة الأجنبيّة، أيّ بالدولار، وهذا الأمر سيؤدي حتماً إلى اراحة السوق وبداية إنخفاضه”.
الى جانب ارتفاع الدولار المصرفي ظهرت بدعة جديدة هي 100$ الطبعة الجديدة التي تحدّث عنها سلامة. هنا يشير أبو سليمان إلى أن “ليس أيّ تاجر يُمكن له أن يحدّد إذا كانت تقبل 100$ أو لا”، مؤكداً أن “العملة الخضراء 100$ مقبولة في كل طبعاتها باستثناء المزوّرة وتباع بقيمتها أي 100$ وليس 90$ كما اُشيع”، مؤكّداً أن “هذه “سلبطة” وعمليّة “سرقة” لأموال الناس”، داعيا المواطنين إلى “عدم الخوف والقيام ببيع الـ100$ خوفاً من أن تفقد قيمتها”.
في المحصّلة، ارتفاع سعر صرف الدولار إلى تصاعد، والواضح في ظلّ كلّ ما يحدث أن هناك قرارات تتخذ هي “بدع” الهدف منها سرقة الناس أكثر فأكثر!.
بقلم باسكال أبو نادر – النشرة