كتبت أسرار شبارو في موقع “الحرة” مقالا بعنوان قصة حب بين لبناني وإسرائيلية تنتهي في السجن.. وتطرح علامات إستفهام”، جاء فيه:
” أثار حكم صادر عن المحكمة العسكرية، برئاسة العميد منير شحادة، ردود فعل في لبنان، وذلك كونه قضى بحبس شاب مدة سنة وتغريمه مبلغاً مالياً قدره 500 ألف ليرة لبنانية، بتهمة الزواج من شابة إسرائيلية (عرب إسرائيل)”.
وأضاف، “منذ شهرين ونصف الشهر يقبع ابن بلدة شعبا، محمد يوسف بنوت، في سجن رومية، وإذ به يصدم يوم الجمعة الماضي بالحكم عليه بالسجن عوضا عن البراءة، واليوم كما قال محاميه، شريف الحسيني، لموقع “الحرة” تم تقديم طلب لتمييز الحكم”.
وتابع، “برأ الحكم محمد البالغ من العمر 40 عاماً من جرم التعامل مع إسرائيل لكن أدانه بجرم المقاطعة”، قال الحسيني، مشدداً على أن موكله “عوقب بسبب حبه وزواجه من فتاة.. تدعى حلا رزق تحمل قسراً زواج سفر إسرائيلي”.
وأردف، “تعرّف محمد المقيم في ألمانيا (حاصل على إقامة دائمة)، على حلا ( 25 عاماً) بحكم ترددها على مطعمه، لتتطور العلاقة بينهما بعدما دخل إلى أحد المستشفيات الألمانية للخضوع لعملية جراحية، كونها تعمل ممرضة هناك، إلى أن انتهى به الأمر بعقد قرانه عليها في شهر حزيران من العام الماضي”، بحسب ما قاله ماجد بنوت، ابن عم محمد لموقع “الحرة”.
وأكّد، أن “جلّ ما كان يعلمه محمد أن حلا فلسطينية، إذ كما قال الحسيني: “لم يدخل في تفاصيل كونها من عرب إسرائيل وتحمل جواز سفر إسرائيلي، كما أنها لم تحصل على جواز سفر ألماني على الرغم من أنها من مواليد هذا البلد، إذ أن والدها يرفض تنازل أي من أفراد عائلته عن زواج السفر الإسرائيلي كي لا يتم تجريدهم من ممتلكاتهم”.
وأضاف، “بعد عقد قران حلا ومحمد سافرا إلى تركيا، وهناك تعرف الأخير على شاب من عائلة الجمل، حيث يتداول البعض أن “الجمل أغراه لإعارته إقامته الألمانية وزواج سفره كي يدخل بهما إلى هولندا، إلا أنه تم توقيف الجمل وفتح تحقيق بالقضية، لتبلّغ بعدها القنصلية اللبنانية ويرحّل محمد إلى لبنان”.
وتابع، “لكن ماجد شدد على أن “مافيا تقف خلف قضية جواز السفر وقد رفع محمد دعوى بهذا الشأن، ولم يرحّل إلى بلده، بل عاد إلى ألمانيا، كان ذلك في شهر مايو الماضي، وبعدها قصد لبنان لحضور حفل زفاف قريبه”.
“وعند وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي، سحب جواز السفر من محمد، وطلب منه مراجعة الأمن العام بعد أسبوع، وعندما حان الوقت، توجه إلى المديرية العامة للأمن العام، حيث تم توقيفه، مع العلم بأن النائب العام الاستئنافي في بيروت، زياد أبو حيدر، أخلى سبيله بموجب سند إقامة في قضية تهريب البشر، لتبقى قضية الزواج من حلا حيث تم الادعاء عليه بجرم التعامل مع إسرائيل”.
كشف الفرع الفني لدى شعبة المعلومات على هاتف محمد من دون أن يعثر، كما قال ماجد، “على أي شبهة تعامل مع الإسرائيليين، اقتصر الأمر على رسائل غرامية ومعاتبات بينه وبين زوجته”، مشدداً “لم يدخل محمد إلى إسرائيل ولا حتى زوجته التي ولدت وترعرعت في ألمانيا”.
وتابع، “استند رئيس المحكمة في حكمه على محمد إلى المادة الأولى من قانون مقاطعة إسرائيل (الصادر سنة 1955) معطوفة على المادة السابعة منه، حيث تنص المادة الأولى على أنه “يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو لمصلحتها وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل اخر أيا كانت طبيعته. وتعتبر الشركات والمؤسسات الوطنية والاجنبية التي لها مصانع أو فروع تجميع أو توكيلات عامة في اسرائيل في حكم الهيئات والاشخاص المحظور التعامل معهم طبقا للفقرة السابقة حسبما يقرره مجلس الوزراء بقرار ينشر في الجريدة الرسمية”.
وأردف، “أما المادة السابعة، فتنص على أنه “يعاقب كل من يخالف أحكام المادتين الأولى والثانية بالأشغال الشاقة المؤقتة من ثلاث إلى عشر سنوات وبغرامة من خمسة آلاف ليرة إلى أربعين ألف ليرة لبنانية، ويمكن أن يحكم عليه أيضا بالمنع من مزاولة العمل وفقا للمادة 94 من قانون العقوبات”.
وصف المادة الأولى لا ينطبق على حالة محمد، كما قال الحسيني شارحاً: “أولاً، النيابة العامة لم تدع عليه بهذا الجرم، ثانياً، المادة تنص على التبادل التجاري ولم تتطرق إلى العلاقات البشرية، ثالثاً والأهم، زوجة محمد ليست إسرائيلية لكي يقاطعها بل عربية”.
أما المحامي زكريا الغول، فاعتبر، في حديث مع موقع “الحرة”، أن “رئيس المحكمة العسكرية الدائمة استند في إصدار حكمه إلى عبارة ‘أي تعامل آخر' الواردة في المادة الأولى، حيث اعتبر أن عقد الزواج اتفاقاً بين فريقين وبالتالي تطبيعاً”.
وعن التكييف القانوني فيما إن كان عقد الزواج ينطبق عليه خرق قانون المقاطعة، أجاب الغول “على المشرّع اللبناني أن يوضح هذه النقطة، وليس المحكمة العسكرية”.
وشدد أنه “يجب ألا ننسى أن زوجة بنوت فلسطينية تحمل الجنسية الإسرائيلية ومقيمة في ألمانيا، كما أن عرب 48 أجبروا على أخذ الجنسية الإسرائيلية كي يحصلوا على حقوقهم، ومن دونها يصبحون كمكتومي القيد، من هنا لا يجب معاملتهم كالإسرائيليين، بل على العكس فهم من بقوا في أرضهم للحفاظ على الهوية العربية”.
من جانبها، اعتبرت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، المحامية عبير بكر، الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بحق بنوت “سيئا”.
وتوضح، “قوانين المقاطعة تفرض قطع العلاقات التجارية والسياسية بين الدول، وليس قطع العلاقات البشرية، فالحق في الحب والزواج ليس له علاقة بالتطبيع والجنسية، ولا يوجد أي منظومة حقوقية يمكن أن تجيز هكذا حكم”.
من حق كل إنسان، كما قالت بكر لموقع “الحرة”، أن “يختار شريك أو شريكة حياته من أي بقعة من بقاع الأرض، حتى إسرائيل لا تعاقب إذا اختار شخص من الداخل الإسرائيلي الزواج من لبنان أو غيره من البلدان، فأنا كحاملة جواز سفر إسرائيلي يمكنني أن أرتبط بمن أريد، لكن المشكلة أنه لا يمكنني العيش معه في الداخل الإسرائيلي”.
وكأن حكم المحكمة العسكرية اللبنانية يسمح كما اعتبرت بكر “للبنانيين الزواج بكل الأعراق عدا عن فلسطينيي الداخل، استثناؤنا بسبب أمر فرض علينا، فنحن لم نختر أن نحمل الجنسية الإسرائيلية، فأنا ابنة عكا من أصحاب الأرض، أجبرت على حمل جواز سفر إسرائيلي كي أتمكن من التعلم والبقاء في مكان سكني”.
اليوم يقبع محمد خلف جدران سجن رومية بعيداً عن طفلته من زوجته الأولى، وقال ماجد: “الحكم مجحف، فلم يرتكب محمد أي ذنب ليتم توقيفه منذ شهرين ونصف الشهر.. وإذا كان رئيس المحكمة ضد التطبيع لا يمكنه أن يترجم ذلك على حساب ظلم شخص”.
خلال مرافعته أمام المحكمة، تساءل الحسيني “لماذا لم يتحرك القضاء عندما استقبل الرئيس ميشال عون سنة 2010 حين كان رئيساً للتيار الوطني الحر وفداً من عرب إسرائيل من حزب التجمع الديمقراطي، ضم عزمي بشارة وجمال الزحالفة وواصل طه، وقد التقوا أيضاً وقتها رئيس الحكومة، فؤاد السنيورة، علماً بأن عزمي بشارة ومن معه أعضاء في الكنيست الإسرائيلي ويحملون الجنسية الاسرائيلية”.
أما الغول، فقال: “مع التشديد على احترام قانون مقاطعة إسرائيل طالما العداء قائم بين الدولتين، لكن لا بد من الإشارة إلى أن المحاكم العسكرية في لبنان هي محاكم استثنائية عليها العودة إلى الاختصاص بالقضايا المتعلقة بالعسكريين، فالمشكلة أن هذه المحاكم توسع نشاطها، من هنا ليست هي المرجع الصالح للنظر في قضية محمد بنوت كونه ليس عسكرياً، ويجب أن ينعقد الاختصاص للنظر في مثل هذه القضايا أمام المحاكم العدلية، جزائية كانت أم مدنية”.
وختمت شبارو المقال، “على ما يبدو أن العميد شحادة، بحسب الحسيني، يريد إزالة الصبغة عن المحكمة العسكرية بعد إطلاق عدد من العملاء، منهم عامر الفاخوري، وإرسال رسالة فحواها أنه سيتشدد بكل ما له علاقة بإسرائيل”.