غداة إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ سعر الصرف الرسمي للدولار 1507 ليرات “لم يعد واقعياً”، وعلى الرغم من استتباعه هذا الكلام بالتأكيد أن توحيد سعر الصرف بمعزل عن استقرار سياسي وقبل اتفاق مع صندوق النقد، هو أمرٌ غير ممكن، خرجت تحليلاتٌ تشيرُ الى أن سعر الدولار الرسمي سيرتفع في العام 2022 ليصبح بين 3 و6 آلاف ليرة، ولكن هذا لا يعني توحيد سعره.
التحليلاتُ نفسُها نقلت عن أوساطِ مصرف لبنان أنّ “رفعَ سعر الدولار المصرفي إلى 8 آلاف ليرة يؤكد أنّ ثمّة تعديلٍ لسعر الصرف الرسمي سيبصرُ النورَ قريباً”.
لكن هل هذه معلوماتٌ دقيقة عن رفع السعر أو هي مجرّدُ تحليلاتٍ أو حتى شائعات؟
كبيرُ الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل يجيب عن هذا السؤال، شارحاً السيناريو المنتظر لتغيير أو توحيد سعر الصرف الرسمي. ويلفت غبريل لـ”المدى” الى أنها “معلومات غير مبنيّة على أيّ معطيات رسمية ولا يمكن أخذها على محمل الجدّ، فالواقع مختلف”، معلناً أن السيناريو المنتظر هو أن تكون هناك آلية لتوحيد سعر الصرف يضعها مصرفُ لبنان بالتنسيق مع وزارة المال، على أن تكون هذه الآليةُ من ضمن خطةِ التعافي التي تعمل لاعدادها الحكومةُ ومصرف لبنان بهدف تقديمها الى صندوق النقد الدولي، ويضيف غبريل إن خطة التعافي منتظرٌ استكمالها في منتصف الشهر المقبل لتبدأ بعدها المفاوضات الرسمية مع الصندوق، إلا أن آلية التوحيد من المفترض أن يَجري تطبيقها بعد اتمام الاتفاق مع الصندوق الذي سيحدّد تواريخ تنفيذ الإصلاحات ومن بينها توحيد سعر الصرف، ويكون الصندوق عندئذ قد بدأ بضخّ الأموال في لبنان، ما سيؤدي الى تبدّلٍ في صورة الواقع المالي والاقتصادي في البلاد عامة باتجاه استعادة الثقة وتدفق رؤوس الأموال، وبالتالي يصبح مصرف لبنان وقتئذ قادراً على التدخّل في سوق القطع لِلَجم أي تقلّبات حادّة في سعر صرف الدولار.
في حال كانت خطة التعافي منتظرة في منتصف الشهر المقبل، ألا يعني ذلك أن توحيد سعر صرف الدولار قد اقترب؟!
يجيب غبريل: كلُّ ذلك رهنٌ بمقدار سرعة توصّل لبنان الى اتفاقٍ تمويلي إصلاحي مع صندوق النقد، وسرعةِ تطبيق بنوده، معتبراً أن العملية الإصلاحية برمّتها مفرملة حالياً في ظل غياب انعقاد جلسات مجلس الوزراء الذي من المفترض أن يناقش خطة التعافي وان يتصوّت عليها، ويطلب موعداً لبدء المحادثات الرسمية مع الصندوق.
الرقم المتداول به منطقي؟!
وعمّا إذا كان الرقم الذي يُحكى عنه بأن الدولار الرسمي سيكون في العام 2022 ما بين 3 و6 آلاف ليرة، هو رقمٌ منطقي أو أنه يتمُّ التداولُ به في الأوساط المصرفية، يستغرب غبريل طرحَ أرقام مماثلة، معتبراً أن الارقام المتداولة ايضاً مجرّدُ تكهّنات، ومضيفاً إن القرار هو لمصرف لبنان حصراً ويَتَّخذُه غداة خطة التعافي الحكومية ووفقاً للسيناريو آنف الذكر.
التأثيرات على القروض بالدولار
وعن تغييرٍ ما مرتقب في ما يتعلق بتسديد القروض بالدولار، بالليرة، ووفق سعر جديد، يشير غبريل الى أن الموضوعَ مؤجّلٌ بحسب علمِه في الوقت الراهن، كما أنه لن يتغيرَ حكماً بعد توحيد أو تغيير سعر الصرف الرسمي للدولار، فهو مرتبط بآلية الإصلاحات وتفاصيل بنود الاتفاقية المتكاملة مع صندوق النقد.
في المحصّلة، توحيدُ سعر الصرف أساسيٌّ لإعادة تحريك الاقتصاد وهو شرطٌ من شروط صندوق النقد سيتعهد به لبنان قبل أي اتفاق معه، لكنّ التطبيق مرهونٌ بتفاصيل الاتفاق مع الصندوق حيث المواعيد، أما باقي ما يُتَداول به فلا يتعدّى إطار التحليلات، كما يشير غبريل.