ننتظر من يضع النقاط على الحروف في هذا البلد، بما يقودنا الى البَدْء في بناء حياة اقتصادية، وظروف معيشية جديدة، فننظر من حولنا لنجد أن النّقاط تطير، ومعها الأمل بالحياة في لبنان.
فبحسب بعض المعادلات الحسابية والعلمية البسيطة، سيكون العام القادم أشدّ سوءاً من 2021، وهو ما يدفعنا الى تلمُّس بعض الوسائل التي تبقينا على قيد الحياة.
الفقر الشديد
هنا نتكلّم بإسم الشّريحة اللبنانية التي ليست قادرة على انتظار، لا نتائج ما بعد الانتخابات النيابية، ولا تشكيل حكومة ما بعد “نيابية 2022″، ولا انتهاء مدّة “العهد الرئاسي” الحالي، والآفاق المُمكِنَة من بعده.
هذه الشريحة تقع يومياً، وأكثر فأكثر، تحت نير الاختيار القسري بين الرّحيل من البلد، أو الموت فيه، وذلك رغم أن الخيار الأوّل (الهجرة) يُخيف بعض المرجعيات الروحية، نظراً الى نتائجه على تغيير الديموغرافيا اللبنانية، فيما الثاني أي الموت، “ماشي ومكتّر”، خصوصاً أن لا عمل منهجيّاً ومنظّماً على إقفال الأبواب أمام نيران الفقر الشديد الآتي.
يأس
لفت الوزير السابق رشيد درباس الى أن “لا أمل فعلياً برؤية أي جديد في البلد، طالما أن السياق العام فيه، ثابت على ما هو عليه. واليأس من إمكانية بَلْوَرَة حلّ داخلي كان يتوجّب أن يصيبنا منذ زمن بعيد، لأنه ليس مُمكناً، كما يظهر”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أنه “في عام 2005، خرجت سوريا من لبنان، فحلّ “حزب الله” مكانها في الدّقيقة نفسها التي خرجت فيها، وبلا أي فترة فراغ. وعندما حاولت قوى 14 آذار أن تحكم، خُدِعَت بـ “الحلف الرّباعي”، فحصلت على أكثرية وهمية. وفي عام 2009، حصلت على أكثرية حقيقية، من دون أن تتمكّن من فعل شيء، فخسرت اللّعبة السياسية بسبب ازدواجية السلطة التي فرضت نفسها على الدولة”.
وأضاف: “بدلاً من أن تتوحّد القوى المتضرّرة من ازدواجية السلطة في جبهة واحدة، وتقف في وجه حالة التسلّط، وارتهان لبنان للمصالح الإقليمية، انصرفت الى التلهّي ببعضها، وبتبادُل الاتّهامات”.
في الوادي؟
وشدّد درباس على أن “المشكلة لا تتعلّق بغياب الاستثمارات عن البلد فقط، بل بأنه في السياسة، لا توجد إرهاصات تدلّ على إمكانيّة إعادة إنتاج وضع سياسي جديد، يُخرِج لبنان ممّا هو فيه، وينتج عنه آليات اقتصادية وسياسية واجتماعية جديدة، وعلاقات دولية جديدة”.
ورأى أن “المذكّرة التي تسلّمها أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من الرؤساء السابقين الأسبوع الفائت، جيّدة. ولكن لا بدّ من البناء عليها حتى لا تكون صرخة في وادٍ”.
مبادىء
وأكد درباس أن “باب الهجرة من البلد ليس مُقفَلاً، وهي ترتبط بمن يتمكّن من إيجاد فرصة جيّدة له في الخارج”.
وعن حرص بعض المرجعيات الروحية على وضع خطوط حمراء في هذا الشأن، خوفاً من التغيير الديموغرافي، أجاب:”هي بذلك تحرّض الشعب على البقاء في بلده. ولكن الناس ستبحث عن مصالحها في النّهاية، خصوصاً أنه لا يمكنها أن تأكل المبادىء يومياً”.
وختم: “نحن نأكل المبادىء عملياً، منذ عام 1958، الى أن وصلنا الى مرحلة فقدان كل نقطة دم