كتبت باتريسيا جلاد في” نداء الوطن”:
“اذا خسر المواطن ودائعه، نفقد الأمل أن يقف المودع والقطاع المصرفي مجدّداً على ارجلهما، وأن يستعيد البلد سمعته، من هنا ضرورة المحافظة على ودائع الناس وعدم هدر المزيد من الوقت في استنزاف الأموال”. هذه المعادلة التي شدّد عليها رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود خلال حديثه مع “نداء الوطن” في الفترة الراهنة يجب أن تعمّم ويتمّ الإنطلاق منها لمعالجة الأزمة المالية والنقدية التي لا نزال نتخبّط بها.
فبالنسبة الى العام 2021 اعتبر حمود أنه “شهد استمرارية للأزمة مع استمرار الأزمتين النقدية والمصرفية، وافتقاد المصارف الى القدرة على استعادة الثقة. مشيراً الى أن “الإقتصاد لا يزال نقدياً، والمصارف غير قادرة على التحكّم بأسعار صرف الدولار أمام الليرة”.
فأسعار الصرف للدولار هي عدة 8000 ليرة وفقاً للتعميم 151 و 12000 ليرة وفقاً للتعميم 158، و 22700 ليرة وفقاً لسعر منصّة “صيرفة” التي تتغيّر كل يوم، وسعر صرف السوق السوداء والسعر الرسمي الذي كان معتمداً في الماضي 1515 ليرة…
وبالنسبة الى التوقعات للعام 2022، أكّد حمود أننا “مستمرون بالنمط نفسه، علماً أن ضياع الوقت ليس لمصلحة المودع على الإطلاق، في ظل صرف ودائع الناس من قبل مصرف لبنان والمصارف على حد سواء”.
وفي هذا السياق، يعتبر أن “استمرارية الأزمة من دون حلول ومواجهة حقيقية لها، يدفع ثمنها وحيداً (مع التشديد على كلمة وحيد) المودع”.
والى جانب مشكلة الودائع، رأى حمود أن “هناك أزمة حقيقية في البلد، الموظف والمواطن أصبحت قدرة عيشهما صعبة، حتى قدرة الطبابة باتت صعبة والتعليم صعب أيضاً وحتى السكن”، مشيراً الى أن “هناك معاناة حياتية أساسية تلاحق المواطنين والمودعين”.
من هنا اعتبر أنه “في العام 2022 اذا لم تكن هناك مواجهة حقيقية وصحيحة، ستستمر الأزمة بمواجهة المواطن بمعاناته وبمواجهة المودع بفقدان ودائعه التي تصرف”.
ولكن كل تلك السلبية والصورة السوداوية، وجد حمود الى جانبها صورة إيجابية، تكمن في “استمرارية البنك المركزي والمصارف في أداء عملهما. اذ لا يمكن لأي بلد عانى ما عاناه لبنان أن يستمر مصرفه المركزي أو فرع من الفروع المصرفية في العمل”. واصفاً هذا الفعل بـ”معركة استمرارية الوجود مقابل كلفة عالية يدفعها المودع والمصارف باستعادة ثقته”.
وأكّد أن “هناك طبعاً حلّ لمسألة ودائع الناس، والمحافظة عليها من دون أن نطلق الوعود باستردادها سريعاً، ولكن على الأقل نتعهد ألا تضيع وطريقة استردادها تتمّ تدريجياً”. معرباً عن ثقته أن “هناك حتماً حلّ لاستعادة القطاع المصرفي الثقة التي فقدها من دون أن يعني ذلك استمرارية كل المصارف أو فروعها أو إدارات المصارف، واستعادة الليرة تداولها…” والحلول لتلك الأزمات والتي يحملها حمود في جعبته في خطة كاملة متكاملة، لن يطلقها الى العلن اليوم بل سترى النور في الوقت المناسب. وحول استنزاف القطاع المصرفي لودائع الناس، جدّد حمود التأكيد أن “ضياع الوقت يدفع ثمنه المودع، فالبنوك تنفق ودائع الناس والمصرف المركزي يصرفها ايضاً، فيما الدولة “سعيدة” أن دولارات البنك المركزي أصبحت لها وحدها”.
كيف كان العام 2021؟
وبالعودة الى مقتطفات عن العام 2021، يمكننا القول أنه كان بامتياز، عام الطوابير والذلّ للمواطنين على أبواب محطات المحروقات والأفران والسوبرماركات… وعام الشؤم والإنهيارات وصرف الموظفين من العمل والجوع واستنزاف الودائع والتشنجات السياسية والإرتفاع الصاروخي لسعر صرف الدولار الذي وصل الى 30 ألف ليرة امام الليرة اللبنانية التي انهارت قيمتها أكثر من 90%. كما سجّل في تاريخه تفاقم الفقر الى نسبة 85%، والهجرة وغرق البلاد في العتمة الشاملة ومعها التقنين واستبداد أصحاب المولدات بالعباد نتيجة غياب كلي للدولة، من خلال زيادة فواتير المولدات الكهربائية التي باتت شهرياً بالملايين بسبب شراء المازوت بالدولار النقدي. فضلاً عن رفع الدعم الذي أهدر إحتياطي مصرف لبنان مسجلاً 12.5 مليار دولار وما استتبع ذلك من ارتفاع أسعار السلع الإستهلاكية بنسب قياسية، والكلفة الإستشفائية والدوائية والتأمينية الباهظة التي تتحوّل الى الـ”فريش دولار”.
واختتم العام 2021 أشهره الأخيرة بالسعي الى تصحيح علاقته مع دول الخليج بعد قرار تلك الدول وقف الاستيراد وحتى التعامل مع لبنان نتيجة تصريحات تتدخّل في شؤونها. كما شهد في أيامه الأخيرة إعلان انتهاء التفاوض التقني مع صندوق النقد الدولي من دون التوصّل الى اتفاق معه، في ظلّ عدم انجاز الخطة الإصلاحية للحكومة وعدم التئام مجلس الوزراء. اما الآمال للعام 2022 فتعلق على قشة بدء التفاوض الرسمي مع صندوق النقد الدولي والسير على خطة الإصلاحات وإعادة هيكلة القطاع المصرفي…