كتب فادي عيد في” الديار”:
يجري الحديث، ومن خلال المعلومات التي تشير إليها مراجع سياسية متابعة، عن أن هناك أكثر من سيناريو يجري التداول به من قبل المعنيين والقيّمين على شؤون البلد، وتحديداً كيفية التعاطي مع الإستحقاق الإنتخابي في حال تفاقمت الأوضاع السياسية، وربما أكثر من ذلك، إضافة الى الإنهيار المريب على الصعيد المالي، في ظل الإنهيار المتواصل للعملة الوطنية، بمعنى أن ثمة من يعمل على مخرج لتأجيل الإنتخابات في حال لم تكن الظروف مؤاتية لإجرائها، في حال حصلت تطورات تستدعي هذا التأجيل، وربطاً أيضاً بالوضع الصحي وتفشّي وباء كورونا، بمعنى أن ثمة مشاورات جرت في الساعات الماضية بين بعض الوزراء ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لدراسة ما يمكن أن يتّخذ من إجراءات، وتحديداً إقفال البلد، وذلك ما سيتبلور خلال الأيام القليلة المقبلة.
وتشير المراجع إلى أن ما جرى في الساعات الماضية من اشتباكات سياسية، وتحديداً بين العهد وتياره من جهة، وعين التينة من جهة أخرى، سيدفع إلى رفع منسوب هذا التصعيد، وقد يكون لرئيس المجلس النيابي نبيه بري شخصياً موقف حاسم، وربما يستشف منه إلى أين تتّجه الأمور في هذه المرحلة، وتحديداً على صعيد الإستحقاقات الدستورية، إذ هناك سيناريو آخر يتعلّق بالإنتخابات الرئاسية، وهذا يوليه رئيس المجلس إهتمامه الخاص، في ظل التصعيد الحاصل مع «التيار البرتقالي» والعلاقة غير السويّة مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
وعليه، تكشف المعلومات نفسها، أن بري يدرس كل الخيارات المتاحة، بما في ذلك الفراغ الرئاسي أو العودة إلى حقبة العام 1989 يوم تمّ ترشيح النائب مخايل الضاهر لرئاسة الجمهورية، ما سمي آنذاك ب «اتفاق مورفي»،إذ ترى أكثر من مرجعية سياسية مخضرمة، أن الحقبة المذكورة قد تتكرّر، وإن بأشكال مختلفة، خلال الأشهر المقبلة، وعلى هذه الخلفية، فإن بري يأخذ في الحسبان كل الإحتمالات، وستكون له مواقف في غاية الأهمية في وقت ليس ببعيد.
من هذا المنطلق، من المتوقع أن تتبلور هذه العناوين المشار إليها في غضون الشهر الجاري أو أكثر بقليل، لأن البعض يتلمّس ويتواصل مع جهات دولية معنية بالملف اللبناني، لتبيان ما ستكون عليه مواقفهم ورؤيتهم في حال لم تحصل الإنتخابات، أو إذا كانت الظروف في لبنان غير مناسبة إطلاقاً لإجراء الإستحقاق المذكور، كذلك ان البعض بدأ حملاته الرئاسية من خلال استمزاج بعض العواصم الغربية المعنية بالشأن اللبناني، وهنا، يقول أحد العائدين من الخارج، ان هذه الدول التي تتولى الملف الداخلي منذ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، وإطلاق مبادرته، وصولاً إلى واشنطن وموسكو، لا تبدو، وفي هذه المرحلة، أنها تبالي بالملف اللبناني، إذ ما من زخم أو حماسة لمتابعة لوضع القائم في البلد على الرغم من التدهور الحاصل على غير مستوى وصعيد، نظراً لانشغالهم باستحقاقاتهم الداخلية، إلى تفشّي جائحة كورونا بشكل مخيف في دولهم، وكذلك أن العنوان الأبرز الجامع في ما بينهم يصبّ في خانة التشدّد في إجراء الإنتخابات النيابية في لبنان، معوّلين على إنتاج سلطة سياسية جديدة، ومن ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة إصلاحية، وبعدها يأتي الدعم من خلال مؤتمر كبير للدول المانحة، ولكن ما يحصل على الساحة المحلية لا يصبّ في خانة تطلعات هذه العواصم، في ضوء مخاوف من أن تكون الساحة الداخلية عرضة لكل النزاعات والخلافات والإنقسامات، أو الفوضى العارمة، في ظل التصدّع السياسي الحاصل اليوم، ودخول البلد في حالة فقر هي الأخطر في تاريخه.