سعر صرف الدولار… الشغل الشاغل للناس الذي يعانون الامرين من الغلاء الفاحش مقابل انخفاض قدراتهم الشرائية، خصوصا وان ما هو حاصل على هذا المستوى هو تلاعب دون اي مسوغات اقتصادية او مالية، بل ربما هو لغايات سياسية وربحية.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومنذ فترة طويلة، قد طلب من الدولة ان تتحرك لاقفال منصات التلاعب بالدولار، لكنها لم تحرك ساكنا، لمواجهة المنصات الحاكمة بأمرها، ويستند اليها التجار لتحديد الاسعار. ويتحمل مسؤولية هذا الانهيار لليرة من رأس السلطة وصولا الى آخر قاضٍ.
فما هو دور القضاء والاجهزة الامنية في هذا الصدد؟!
يجزم مرجع قضائي انه على النيابة العامة التمييزية او النيابة العامة المالية ان تتحرك عفوا، موضحا انه وفقا للقانون مدعي عام التمييز هو رئيس كافة النيابات في لبنان، كما ان الجرائم المالية ضمن نطاق صلاحيات المدعي العام المالي.
وفي حديث الى وكالة “أخبار اليوم”، يقول المرجع: لا يمكن لاحد ان يقدم اي حجة كاعتبار ان هذه التطبيقات خارج لبنان، بل على العكس الاموال تتنقل في الداخل، اضف الى ذلك ان المستفيدين لبنانيون كذلك المتضررين، مشددا على ان هناك منظومة او بالاحرى عصابة تقوم بالتعرض للنقد الوطني، اذ بحسب المواد 319 و 320 من قانون العقوبات ان ما يحصل هو مضاربة غير مشروعة من خلال شراء عملة اجنبية بهدف ربح شخصي او ربح سياسي…
ويضيف: من غير المعقول ألا تتمكن شعبة المعلومات ومديرية المخابرات من معرفة محركي مجموعات الواتسآب او مشغلي التطبيقات الالكترونية او من يقوم بشراء العملات الصعبة من خارج منصة صيرفة التي كان قد أطلقها مصرف لبنان، فلو تم التحقيق لحصل تقدم وكشف الكثير من المعلومات…
وردا على سؤال، يشدد المرجع على انه حتى ولو كانت هذه التطبيقات مسجلة خارج لبنان، فالمستفيدون منها هم في الداخل، على المدعي العام او النائب العام التمييزي ان يكشف عن هوية هؤلاء الاشخاص، كما عليهما ان يكشفا التسلسل الحاصل بين التطبيقات ومشغليها والمستفدين منها.
ويذكر في هذا السياق ان لدى مديرية المخابرات وشعبة المعلومات اجهزة متطورة لملاحقة الجرائم المعلوماتية وتحديد ارقام الهواتف واصحابها وكيفية التواصل فيما بينهم، اضف الى ذلك، وجود “مخبرين يمكنهم ان يعرفوا كل شيء”، كما انه على مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية تحديدا ان يلاحق التطبيقات ويحدد بلد انشائها وعلى اي منصات تعمل، وعليها التواصل مع الدول حيث تتواجد من اجل ايقافها.
وهنا يشير المصدر الى ان تجارة الشيكات لا تنفصل عن التلاعب بالدولار، قائلا: هذه المنظومة – العصابة تحقق الكثير من الارباح من خلال التعامل غير المشروع بتصريف الشيكات، الامر الذي يشكل احد اسباب تدهور الليرة اللبنانية، وهذا ما يعتبر جرما جزائيا وايضا على المدعي العام ان يتحرك عفوا ويصدر الاستنابات القضائية الى الشرطة القضائية وشعبة المعلومات ومديرية المخابرات من اجل احضار هؤلاء المتلاعبين… واذا لم تنجح هذه الاجهزة باحضارهم على المدعي العام المالي ان يفضح المتلاعبين وانتماءاتهم السياسية والحزبية او حتى الميليشياوية والقول ان لا قدرة لنا على احضارهم.
ويسأل: حين تخرج شيكات من المصارف، كيف يمكن التلاعب بقيمتها؟ فهناك اعداد مهولة من الشيكات التي تدخل المصارف وتذهب الى مصرف لبنان، وهنا السؤال التالي: ما هي واجبات مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، هل يقوم بواجبه ليطلب من الاجهزة المعنية في مصرف لبنان، التحقق من الشيكات التي تدخل الى حسابات اشخاص لم يكن لديهم سابقا اي تعامل تجاري يسمح لهم التداول بهذه الارقام. مع العلم انه منذ العام 2019، بدأت حركة شيكات جديدة وارتفعت بشكل ملحوظ خلال 18 او 20 شهرا.
الى ذلك، اعتبر المرجع القضائي ان ما يحصل على مستوى سعر الصرف لا ينفصل عن الازمة السياسية، حيث هناك محطات اساسية من الارتفاع والانخفاض، اذ حين تم تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة انخفض سعر الصرف بشكل ملحوظ، وسجل ارتفاعا جنونيا مع اعتذاره، وتكرر الانخفاض الملحوظ مع تشكيل الرئيس نجيب ميقاتي حكومته، ومع تجدد الاشتباك في الاسابيع الأخيرة ارتفع مجددا.
واذ يشدد على انه ايا كان سبب الارتفاع او الانخفاض الشعب اللبناني يدفع الثمن. يخلص الى القول: على القضاء ان يتحرك ويصدر الاستنابات اللازمة، فهناك مئات ارقام الهواتف التي يستعملها اصحاب شركات الصيرفة، او سماسرة المال، اكانوا تجار الدولار او اللولار او الشيكات، يمكن احضارهم وتوقيفهم… اذا استفاق المعنيون من سباتهم.