كتبت فاطمة شكر في” الديار”:
فيما يغرقُ الوطن في بحرٍ من الأزمات، يغرق معه الشعب اللبناني بالمزيد من الفقر الشديد، دون تقديم حلولٍ إقتصاديةٍ ومعيشيةٍ وصحيةٍ، لا بل تكريس فشلِ الإدارة العامة للوطن، وتكريرِ الذات، دون أي تقدمِ ملحوظ.
سياسياً، حطَّ رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في مصر، ساعياً للتفتيش عن حلول لبعض المشاكل الكارثية في لبنان، وهو لا يزال يبحثُ عن مخرج للأزمة السياسية الخانقة التي تشتدُ كل يوم أكثر فأكثر، في حين لم يجد أمامه سوى خرقِ هذا الجدار لينطلق الى جولةِ فراعنة علّ التاريخ يعيدُ التدخل لجمهورية مصر العربية في محاولةٍ لتذليل العقبات حول بعض المشاريع التي كان ميقاتي يسعى الى إيجاد حلولٍ لها، لا سيما الكهرباء التي تعتبر القضية الأساس، والهم المعيشي والإقتصادي الذي وصل الى ذروته.
مصادر سياسية وصفت حركة ميقاتي في الآونة الأخيرة، بأنها تعويض عن السياسة العامة والبرنامج الأساس الذي بدأ مع المبادرة الفرنسية في حينها، و لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالعاهل السعودي محمد بن سلمان، والذي كان من المتوقع أن يدخل ضمن حلولٍ متعددة سياسية، كان قد يكون لها الأولوية في العديد من الأمور المتشابكة، وقد يكون البديل لتهيئة الفراغ الحاصل في البلاد، أو بإنتظار ما ستؤول اليه الظروف الإقليمية والدولية التي تجري في المنطقة، والتي لها انعكاس قد يكونُ إيجابياً، خاصة بين كل من السعودية وسوريا، فيما دولة الإمارات تسعى جاهدةً وبشكلٍ دؤوب للتوصل الى حلٍ يُعيدُ المشهدَ لمقولة ما تسمى بـ «س – س «، والتي تعتبر من المرتكزات الأساسية للرئاسة الثانية والتي أطلقت عدة مرات على لسان الرئيس نبيه بري.
ويُشيرُ المصدر الى أنه الى حين الوصول الى التعافي، لا بد من الإنتظار والتروي في أخذ القرارات، وما الدعوة الى الحوار إلا واحدة من تلك المسكنات التي من شأنها ضبط قواعد اللعبة بين الداخل والخارج.
على مقلبٍ آخر، بدأت الماكينات الإنتخابية عملها بشكلٍ فعلي وجدي على كافة الأراضي اللبنانية، خاصةً بعد البدء بتقديم الترشيحات يوم الإثنين الفائت، وبدأ معها سقف المواجهة بين القوى والفاعليات لشد العصب الطائفي والمذهبي، والذي يعتبر المادة الأساسية للإنتخابات البرلمانية المقررة في أيار المقبل، والتي ستحدد المقاييس والأوزان في المناطق والمحافظات.
داخلياً دعا رئيسُ الجمهورية ميشال عون الى حوارٍ وطني، كان يجب أن ينطلقُ من عناصر أساسية أهمها:
– أولاً: التوقيت السياسي، حيث تشهدُ المنطقة زحمة مؤتمرات ولقاءات، وعلى رأسها مفاوضات فيينا بين أميركا وإيران، لذا فإن الشأن اللبناني ليس أولوية من الأولويات في الوقت الراهن.
– ثانياً: عنصر التوقيت الذي يبدو أنه غير موفق بسبب عدم جلاء الصورة الإقليمية، حيثُ نعيش في وطن يتأثر بكل حركة العواصف الإقليمية.
– ثالثاً: جدول الأعمال الذي حدده الرئيس عون، والذي يتحدث عن اللامركزية الإدارية، وخطة التعافي الإقتصادي، والإستراتيجية الدفاعية، فكل هذه العناوين هي شائكة وتحتاج للكثير من المناقشة.
وسط هذا الغليان الإقليمي والدولي يقفُ لبنان منتظراً لحلول سترسمها حتماً المتغيّرات الإقليمية والدولية، دون تحركٍ من أصحاب السلطة في الداخل، ما يعني أن الأيام المقبلة ستشهدُ المزيد من الضغوطات.