كتبت رحيل دندش في” الأخبار”:
رغم أن انهيار الليرة فاقم كلفة صيانة السيارات الخاصة أضعاف ما كانت عليه سابقاً، سجّلت مبيعات السيارات المستعملة ارتفاعاً كبيراً العام الماضي، بسبب سعي المستهلكين من ذوي القدرات الميسورة نسبياً للاستفادة من الرسوم الجمركية المنخفضة التي لا تزال تُحتسب على سعر 1500 ليرة مقابل الدولار.
وعكس ما كان متوقّعاً «شهدت مبيعات السيارات المستعملة ازدهاراً غير مسبوق، ولا سيما السيارات الصغيرة (4 سيلندر)»، بحسب رضا عطوي، وهو صاحب معرض للسيارات، عازياً ذلك إلى الدولار الجمركي الذي لا يزال يُحتسب على سعر 1500 ليرة للدولار. فعلى سبيل المثال، صار الرسم الجمركي الذي يبلغ 5 آلاف دولار للسيارة (سبعة ملايين ونصف مليون ليرة) يوازي أقلّ من 250 دولاراً بسعر السوق.
ويساوي الرسم الجمركي للسيارات الواردة إلى لبنان، كما هو حالياً، 50% من سعر السيارة. هذا ما دفع التجار والقادرين على الدفع نقداً إلى استثمار «فرصة ذهبية» لاستيراد مزيد من السيارات لبيعها أو لتخزينها وتحقيق أرباح كبيرة في حال سعر الدولار الجمركي.
يؤكد عطوي أن «70% من اللبنانيين جدّدوا سياراتهم السنة الفائتة». المبالغة واضحة هنا، إلا أن المبيعات اليومية في معارض السيارات يمكن اعتبارها مؤشراً يدلّ على نمط تصاعدي. عدد من أصحاب معارض السيارات المستعملة الذين تواصلت معهم «الأخبار»، أكّدوا، جميعاً، ارتفاعاً كبيراً في مبيعات السيارات الصغيرة التي توفّر استهلاك البنزين، من طراز «كيا» و«هيونداي» و«تويوتا» و«هوندا» وغيرها… و«من كان يبيع 10 سيارات شهرياً صار يبيع 30 سيارة»، بحسب أحدهم. في المقابل، «تتكدّس» السيارات الرباعية الدفع في المعارض ويزداد عددها باطّراد مع لجوء أصحابها إلى استبدالها بسيارات أصغر للتوفير في استهلاك الوقود وكلفة الصيانة، خصوصاً بعدما أصبحت أسعار قطع غيار السيارات تُحتسب بالـ«فريش دولار». وهو ما يستغلّه أصحاب المعارض لشراء السيارات بأسعار مخفّضة وتخزينها بغية بيعها بعد رفع سعر الدولار الجمركي.
ويُقدر أن يؤدي رفع سعر الدولار الجمركي إلى زيادة سعر السيارة الصغيرة بنحو 3000 دولار، ما يثير تساؤلات عن جدوى التخزين، مع تراجع القدرات الشرائية للمستهلكين. علماً أن انخفاض الطلب سيؤدّي إلى تراجع في الأسعار ولا سيما للسلع غير الأساسية.
لا يوجد رقم دقيق لعدد السيارات المستعملة المستوردة عام 2021 أو قيمتها، إذ إن الإحصاءات الجمركية توقّفت نهاية آذار الماضي، لكنّ رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان، إيلي قزي، يؤكد الإقبال على استيراد السيارات التوفيرية، فيما يعتمد مبيع السيارات الأكبر (6 و8 سيلندر) التي تستهلك كميات أكبر من المحروقات وكلفة صيانتها مرتفعة على الطلب المسبَق لشريحة معينة من الأثرياء أو لمن أثروا بسبب الأزمة.
السؤال المطروح هو: ما الذي سيحلّ بالعدد الكبير من السيارات ذات المحرّكات الكبيرة، وهل يمكن إعادة تصديرها؟
يلفت قزي إلى أن النقابة ناقشت مع غرفة التجارة في بيروت وجبل لبنان إعادة تصدير هذه السيارات تحديداً إلى دول عربية وأفريقية. «لكنّ الكلام عن رفع الدولار الجمركي يعيق هذا الأمر، إذ لا يمكن عقد اتفاقات مع الدول وتغييرها بعد فترة، كما أن رفع الدولار الجمركي سيوقف التصدير خصوصاً أن الرسوم في الدول المجاورة لا تتجاوز 5% في حين أنها تصل في لبنان إلى 50%».
80% نسبة تراجع مبيعات السيارات الجديدة
في مقابل تحسّن مبيعات السيارات المستعملة، سجّلت مبيعات السيارات الجديدة تراجعاً كبيراً بنسبة 80% وفقاً للخبير الاقتصادي نسيب غبريل، إذ استورد لبنان 4080 سيارة جديدة سنة 2021، مقارنة بـ 21285 سيارة سنة 2019. السبب يعود إلى تراجع القدرات الشرائية وارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة. علماً بأن أصحاب الوكلات الحصرية للسيارات توقّفوا عن نشر تفاصيل مبيعاتهم. ويشدد غبريل على أن رفع الدولار الجمركي كمحاولة من قبل الدولة لزيادة إيراداتها «سيؤدي إلى الغلاء وفوضى التسعير وشلل القطاعات ما لم يندرج ضمن خطة تعافٍ اقتصادي شاملة».