ينتظرون الخدمات لتنهار على وقع تراجع الإيرادات، ويذهبون للخيار الأسهل المتمثل في رفع التعرفات. هذا ما حصل في مصالح المياه والتعليم والاستشفاء والمؤسسات الضامنة… وسيحصل في الكهرباء والاتصالات. التلطي خلف عبارات “تصحيح” التعرفة من جهة، وإجراءات “تخفيض كمية الداتا المعطاة مقابل المحافظة على السعر نفسه” من جهة ثانية، يعنيان زيادة الأسعار بأضعاف مضاعفة.
تعديل تعرفة الاتصالات والانترنت خيار ملزم في القادم من الأيام في قطاع الاتصالات كما في الكهرباء “لكنة ليس الخيار الوحيد القادر على تأمين خدمة عصرية تلبي متطلبات الافراد وقطاع الخدمات ومؤسسات الانتاج”، بحسب الخبراء، “إذ إن حرمان شريحة واسعة من اللبنانيين من الحصول على “الحق” بالانترنت نتيجة ارتفاع الأسعار ليس انجازاً يعتد به، ولا سيما أنه يتناقض مع استراتيجيات وخطط الاقتصاد الرقمي للدول العربية التي تنص من ضمن أجندتها على تعزيز النفاذ إلى الانترنت للجميع بسرعة فائقة”.
ويلفت الخبراء إلى أن “زيادة التعرفة تعطي في الكثير من الأحيان نتائج معاكسة، ولا تؤثر بالضرورة إيجاباً على نوعية الخدمات، خصوصاً إن كانت البنيتان التحتية والفوقية في القطاعات متقادمتين وبحاجة إلى الكثير من الاصلاحات”. ولذا، يعتبر فتح الاسواق أمام المنافسة، وإلغاء الاحتكار، وتوسيع السوق، وزيادة عدد الرخص، وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص تحت راية الهيئة المنظمة للقطاع هي المعايير الأساس للحصول على خدمة متطورة وبأسعار تنافسية. إلا أن هذه العناوين دائماً ما تصطدم بجدار المحاصصة والتقاسم، والخلاف على التعيينات، فتسقط كـ”كومة هلامية” فوق سطح “الميوعة” الإدارية. ولا يبقى إلا خيار زيادة التعرفة وتقسيم الخدمة بين واحدة بـ”الفريش” جيدة، وأخرى باللبناني سيئة. وذلك على غرار النسق المتبع منذ بداية الأزمة الذي يعطي لكل شيء بالدولار النقدي “رهجة”، ولا يترك للأشياء المسعّرة بالليرة إلا… “الدفشة”.