كتب محمد وهبة في” الأخبار”:
بعد تأخّر مخالف للدستور وطول انتظار، جاء مشروع موازنة 2022 مسخاً في الشكل والمضمون. فهو عبارة عن عملية تجميل فاشلة لأرقام النفقات والإيرادات التي سجّلت عجزاً بقيمة 10262 مليار ليرة، أي ما يوازي 20% من مجموع الموازنة من دون احتساب سلفة خزينة الكهرباء بقيمة 5250 مليار ليرة، علماً بأن الزيادات الضريبية كانت هائلة على صعيدَي الرسوم الجمركية والقيمة المضافة اللتين زادتا بنحو 13 ألف مليار ليرة. وهو أيضاً مسخٌ في المضمون لأنه يتجاهل كل الإصلاحات الجذرية المتاحة بعد انهيار متواصل لمدّة تزيد على سنتين، في مقابل الانخراط بعمق في تطبيق مناهج صندوق النقد الدولي للاقتصاص من أجراء القطاع العام والامتناع عن زيادة رواتبهم وضرب الفئات الأكثر هشاشة، أي المتقاعدين. مسخ الموازنة جاء مخصصاً لسلخ القطاع العام بلا إصلاحات.
بلغت قيمة النفقات في مشروع موازنة 2022 نحو 49416 مليار ليرة، بزيادة 30844 مليار ليرة مقارنة مع مشروع موازنة 2021. أما الإيرادات فبلغت 39154 مليار ليرة بزيادة قيمتها 25582 مليار ليرة عن مشروع موازنة 2021. وبلغ عجز المشروع نحو 10262 مليار ليرة مقابل 4687 ملياراً في 2021. وإذا أضيفت سلفة الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان المحدّدة بـ 5250 مليار ليرة كحدّ أقصى، فإن عجز الموازنة يصبح 15512 مليار ليرة، أي ما يوازي 31% من الموازنة.
تعاملت وزارة المال مع مشروع موازنة 2022 باعتباره مشروعاً كلاسيكياً لا يوحي بأن هناك أزمة من أبرز مظاهرها تضخّم في الأسعار بمعدل يفوق 700% خلال السنوات الثلاث الماضية، وتقلّص في الناتج المحلي الإجمالي من 55 مليار دولار إلى 21.8 مليار دولار، وارتفاع هائل في سعر الصرف بمعدل يفوق 15 ضعفاً لغاية الآن، وتدهور في القدرات الشرائية وخصوصاً لموظفي القطاع العام الذين يهجرون المؤسسات والإدارات ما داموا قادرين على ذلك. وبدا أن معدّي مشروع الموازنة، من خلال بنودها الـ 110، يعيشون في بلد آخر غير لبنان المفلس، بل يحاولون، في إطار مقاربة محاسبية، التركيز على زيادة الضرائب لتغطية النفقات. فالمشروع يفرض رسماً بنسبة 3% على واردات السلع الخاضعة لضريبة القيمة المضافة باستثناء البنزين، يمتدّ لعشر سنوات، ويترك الخيار لمجلس الوزراء بتحديد سعر تحويل للعملات الأجنبية (أو ما يسمّى الدولار الجمركي)، متوقعاً أن يحقّق إيرادات إضافية من الرسوم الجمركية بقيمة 2912 مليار ليرة، وإيرادات إضافية من ضريبة القيمة المضافة بقيمة 10173 مليار ليرة. في الواقع، تمثّل الرسوم الداخلية على السلع والخدمات حصّة وازنة من مجمل إيرادات الموازنة بعدما جرت زيادتها بنسبة 424% لتبلغ 19737 مليار ليرة أو ما يعادل 50% من الإيرادات. أما الرسوم الإدارية مثل الطابع المالي فسجّلت زيادة بنسبة 300% من 400 مليار ليرة إلى 1650 مليار ليرة. الضرائب على الأملاك المبنية والعقارية زادت من 922 مليار ليرة إلى 2928 مليار ليرة، بزيادة نسبتها 217%.
حفلة الزيادات الضريبية استثنت عملياً أي زيادات ضريبية استهدافية كالتي طرحها الوزير السابق غازي وزني. هنا المقصود تحديداً ضريبة التضامن الوطني التي فرضت ضريبة على الثروة ضمن شطور محدّدة ولمرّة واحدة فقط، إلا أن الوزير الحالي الذي كان يشغل منصب مدير العمليات في مصرف لبنان حيث انهمك الجميع لفترة طويلة في زيادة تركّز الثروة بيد القلّة، فلم يبدُ مهتماً بأمور من هذا النوع ولو بشكل رمزي. بل كان لافتاً أن تكون الزيادات الضريبية محصورة بالضرائب غير المباشرة واستثناء الضرائب على الأرباح ورؤوس الأموال من زيادات كبيرة كالتي لحقت بفئات الشعب كافةً. فعلى سبيل المثال، ارتفعت ضريبة الدخل على الأرباح من 858 مليار ليرة في موازنة 2021 إلى 1703 مليارات في موازنة 2022، وارتفعت ضريبة الدخل على الرواتب والأجور من 596 مليار ليرة إلى 1711 مليار ليرة، لكن الضرائب على الفوائد كادت أن تبقى ساكنة من 2000 مليار ليرة إلى 2090 مليار ليرة، رغم أن المصارف ما زالت تحصّل أرباحاً طائلة من سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، ولديها إيرادات فوائد طائلة من توظيفاتها لدى مصرف لبنان التي تفوق 160,000 مليار ليرة. وقد رفعت شطور الضرائب على الدخل والأجور ليصبح أقصاها 675 مليون ليرة.
على أي حال، انخرط وزير المال بقوّة في منح الإعفاءات يميناً ويساراً. وهذا السلوك، بالمناسبة، تقليدي لدى قوى السلطة التي اعتادت منح شركائها من رجال الأعمال وكبريات الشركات والمستثمرين، أي كل كبار المكلفين بالضريبة، إعفاءات من نوع التسويات الضريبية، وإعفاءات من ضرائب الدخل لبعض الفئات مثل الشركات الناشئة، وإعفاءات على الودائع الجديدة بالعملات الأجنبية لمدة خمس سنوات… باختصار كل من يصنّف في خانة رأس المال لا يمكنه الادعاء بأنه كان مستثنى من حفلة الإعفاءات هذه. وفي خدمة المصارف، كما كان وسيبقى، قرّر وزير المال أن يفرض على موظفي القطاع العام والمؤسسات العامة والإدارات إلزامهم بتوطين الرواتب لدى مصرف. لا خيار أمامهم سوى القيود وسقوف السحب التي تحدّدها لهم المصارف. وبدلاً من أن تدفع الشركات ضريبة أرباح بمعدل 17% على فروقات إعادة تقييم أصولها التي تحتسبها ضمن أرباحها، أتيح لها في مشروع موازنة 2022 تسديد ضريبة 5% فقط. كذلك أعفيت الشركات الدامجة من ضريبة الدخل لعدد من السنوات.
رفع ضريبة الدخل على الرواتب والأجور وثباتها على الفوائد
في مقابل الزيادات الضريبية، وحفلة الإعفاءات، وسائر «السعدنات» الكلاسيكية التي قامت بها قوى السلطة في مشاريع الموازنات السابقة، فإن مشروع موازنة 2022 تضمّن خفضاً في التقديمات التقاعدية لورثة المتقاعد وتصعيب شروط الاستفادة، وفتحت المجال أمام الاستقالات من القطاع العام، وحدّدت عديد العمداء في القوى الأمنية بـ 120 عميداً… ولم تمنح موظفي القطاع العام تصحيحاً للأجور والرواتب يحتسب ضمن تعويضاتهم، بل منحتهم مساعدة اجتماعية هزيلة جداً تساوي راتب شهر لمدة سنة، ومنحت الفئات الأكثر هشاشة، أي المتقاعدين مساعدة أقلّ قيمة ونسبتها 50% من الراتب التقاعدي. كأن المتقاعدين لا يكفيهم أن المصارف استولت على أموالهم، بل يصبح من المفيد لقوى السلطة قهرهم وذلّهم بمداخيلهم القليلة التي لم تعد تكفيهم لتسديد فواتير المعيشة اليومية.
ومن الإجراءات أيضاً، فرض رسم لمدة 7 سنوات بمعدل 10% على السلع المستوردة التي يصنع منها في لبنان ما يكفي لتغطية السوق المحلية. ورفعت أيضاً الضمانات على الودائع المصرفية لغاية 600 مليون ليرة، على أن يدفع منها 30% فوراً، ويقسط الباقي أو يدفع سندات خزينة.
الضرائب
– زيادة رسوم خروج المسافرين وفرضها بالدولار بين 35 دولاراً و100 دولار.
– فرض رسم 3% على السلع المستوردة كافةً لمدة 10 سنوات.
– فرض رسم جمركي 10% على السلع المستوردة كافةً إذا كان يصنع مثيل لها في لبنان.
– تعديل وزيادة رسوم المرافئ.
– تعديل وزيادة رسوم المطارات.
– زيادة رسوم الأشغال الطوبوغرافية ورسوم المساحة لتصبح بين 1.2 مليون و4 ملايين.
– زيادة الرسوم العقارية ورسوم التسجيل المقطوعة.
– تحميل المواطنين رسوم التحديد والتحرير.
– زيادة قيمة الرسوم على جوازات السفر.
– فرض رسوم الفراغ على الحقوق العينية إلى 3%.
– إعطاء وزير المالية صلاحيات تشريعية لمدّة سنتين بتعديل التنزيلات والشطور والمعدلات المتعلقة بالضرائب.
– السماح للحكومة ممثلة بوزير المالية بتحديد سعر الصرف لتحديد أسس استيفاء الرسوم والضرائب، ما يعني فرض الدولار الجمركي واحتساب الضريبة على القيمة المضافة على أساس سعر صرف ضريبي تحدده وزارة المالية.
– جرى تعديل شطور الضرائب على الدخل (الأرباح والرواتب على الأجور) وزيادة التنزيل العائلي.
– فرض رسوم فراغ على التفرّغ موازية لرسم الفراغ والانتقال على العقارات على تصرفات التفرّغ عن الأسهم والحصص للشركات التي تملك عقارات.
– زيادة رسوم الطابع المالي على المعاملات.
– زيادة التنزيل العائلي لضريبة الانتقال، ورفع الشطور المتعلقة برسم الانتقال وزيادة معدل الضريبة.
– فرض ضريبة على الأملاك المبنية على الأبنية الشاغرة بنسبة 50% من الضريبة المتوجبة.
– فرض ضريبة إيرادات الأملاك المبنيّة على أساس العقد بدلاً من التقدير المباشر، شرط أن لا تقلّ عن 70% من قيمة التقدير المباشر.
– زيادة التنزيل السكني على ضريبة إيرادات الأملاك المبنية لغاية 40 مليوناً.
– زيادة شطور ضريبة إيرادات الأملاك المبنية وتعديل معدلات الضريبة.
– رفع رسم التفرغ والانتقال ليصبح احتسابه على أساس ناتج ضرب القيمة التأجيرية بالرقم 40 بدلاً من 25.
– حصر استيفاء الرسوم القنصلية بالدولار الأميركي.
– تعديل المواد المتعلقة باستيفاء الرسوم بالليرة اللبنانية والسماح باستيفاء بعض الرسوم بالدولار.
ضرب القطاع العام
– لا إنفاق اجتماعياً أو صحّياً وتقليص اعتمادات الجامعة اللبنانية ووزارة الصحّة
– تعديل شروط استحقاق المعاش التقاعدي وتضييق حالات الاستفادة منه وتخفيض الاستفادة منه الى حدود ٢٥٪.
– منع العسكريين من الجمع بين رواتبهم التقاعدية ومخصصات أخرى.
– تعديل ملاك السلك العسكري الى 120 عميداً وتعديل شروط الترقية.
– إعطاء مساعدة اجتماعية لموظفي القطاع العام لمدة سنة موازية لراتب شهري، مع استثناء المؤسسات العامة والجامعة اللبنانية.
– الطلب من المؤسسات العامة التصريح عن عقاراتها تمهيداً لبيعها والتصرّف فيها.
– السماح بتأجير أملاك الدولة الخصوصية مع إقامة إنشاءات لمدة 9 سنوات قابلة للتجديد.
حماية المصارف
– إلزام المصارف بتسديد الودائع الجديدة بعملتها، ما يعني عدم إلزامها بتسديد الودائع القديمة بنفس العملة.
– فرض توطين الرواتب في القطاع الخاص في المصارف.
حفلة الإعفاءات
– إعفاء الشركات الدامجة من ضريبة الدخل.
– إعفاء فوائد الودائع بالعملات الأجنبية لمدة 5 سنوات من الضريبة.
– السماح بتقسيط رسوم وبدلات اشغال الأملاك العامة والأملاك البحرية من دون زيادتها.
– إجازة تسوية التكاليف الضريبة غير المسدّدة لضريبة الدخل والضريبة على القيمة المضافة لمصلحة كبار المكلفين.
– زيادة مدّة ترحيل الخسائر للمكلّفين بضريبة الدخل سنة إضافية.
– إجازة لتقسيط الضرائب والرسوم لمدة 3 سنوات.
– الإبقاء على الإعفاءات الضريبية لبعض الجهات الدينية ومؤسّسات التعليم مع فرض موجب التصريح فقط.
– زيادة الضرائب بنسب متفاوته على شركات الهولدنغ والأوف شور، مع التوسع بالإعفاءات على شركات الأوف شور.
– إعفاء المساعدات الاجتماعية المدفوعة من الخارج من ضريبة الدخل.
– إعفاء المجموعات السياحية الوافدة الى لبنان من رسم سمة الإقامة والمرور.