بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر و 12 يوماً، تعقد الحكومة صباح الاثنين في القصر الجمهوري اولى جلساتها برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لدرس واقرار الموازنة العامة التي تشكل محطة اساسية تحتاجها البلاد لانتظام عمل الدولة.
جملة اسئلة مطروحة اليوم حول لعبة الدولار ومستقبله، ومدى قدرة الحكومة على اجتياز امتحان “النقاش حول الموازنة وخطة التعافي”، ومن يضمن ان تتحول هذه الجلسات إلى حلبة للصراع السياسي والإجتماعي العنيف بين وزراء الأحزاب حول نقاط خلافية تتعلق بشروط صندوق النقد نفسه؟
الباحث الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة أجاب على جملة اسئلة في هذا الإطار، وقال: “من غير المنطقي اعتبار أن دولار السوق السوداء يعكس القيمة الإقتصادية الحقيقة للدولار. ومعلوم ان اقتصادنا يختزن خللاً بنيوياً ويتمثّل بأنه يستهلك الدولار من دون انتاجية، وهو ما يوجب الاستحصال على الدولار من مصرف لبنان او من السوق، ومن جهة اخرى الناس تطالب بالاستحصال على الدولار، وبذلك تكون المعادلة ان الطلب على الدولار رفع قيمته في السوق بشكل هيكلي. هذا الطلب الهيكلي يرفع السعر ولكن بشكل غير عنيف كما يحصل في الأسواق، حيث أن الإرتفاع الحاصل في السوق هو نتاج المضاربة بشكل أساسي وليس إرتفاعاً “هيكلياً” مع قفزات تفوق الثلاثة آلاف ليرة لبنانية في اليوم الواحد”.
وأضاف: “المضاربة الحاصلة راهناً في سعر الدولار تضخ ارباحاً هائلة على المضاربين. عملياً الكل مستفيد من اللعبة ويوزعون الارباح فيما بينهم،
وبما ان لعبة “الكاش” تُفرض تلقائياً، فمن خسر في هذه اللعبة عملياً هي خزينة الدولة لأن النشاطات الإقتصادية توجب دفع ضرائب، وهذا لا يحصل حالياً بسبب التعامل بالـ “كاش”. إذا لعبة الدولار تحمل وجوهاً عدة، اولاً الاستفادة او الربح المالي خلق ما يعرف بالسوق السوداء، الاقتصاد القائم على استهلاك الدولار من دون انتاجية، وكذلك التهريب والاحتكار، وما شجع على ذلك هو وجود ليرة لبنانية في السوق”.
من جهة اخرى، اعتبر عجاقة ان: “التعميم 161 هدفه سحب الليرة اللبنانية من السوق أكثر منه ضخ دولار في السوق، بمعنى ان شراء الليرة اللبنانية من خلال ضخ الدولار، ولكن في الايام الثلاثة الاخيرة لم يكن مصرف لبنان مسؤولاً عن عملية ضخ الدولار بل السوق من ناحية أن القسم الأكبر هو من السوق، وهذا ما يُمكن ملاحظته من خلال طلب المركزي من 188 محل صيرفة تسجيل العمليات على “منصة صيرفة” وإلا سيتم سحب الرخص من اصحابها، وهذا يعني ان السوق بدأ يعتاد على “منصة صيرفة” وانه في حال الاستمرار على هذا المنوال، فمن البديهي ان السوق السوداء ستختفي مع الوقت مع توحيد سعر الصرف”.
اذاً، التعميم 161 (والبيان اللاحق) سحب الليرة اللبنانية من السوق بهدف شلّ اعمال المضاربة والتخفيف منها، ولكن السؤال لماذا لم يتم طرح هذا التعميم من قبل لإراحة الوضع الاقتصادي؟
يجيب عجاقة: “الامر بكل بساطة هو كالتالي: في حال لم تتفق الحكومة مع صندوق النقد وفشلت في ذلك لسبب داخلي نتيجة المناكفات بين القوى السياسية فإننا مقبلون على مشكلة كبيرة، خاصة بعد ان صَرَف “المركزي” تلك الدولارات في السوق من دون ايجاد حل جذري”. وبرأي عجاقة: “ربما حصل مصرف لبنان على ضمانات سياسية، او حتى اشارات ايجابية بأن الحكومة ماضية في تحقيق وانجاز ما هو مطلوب منها اتجاه صندوق النقد، وانه لا خلافات سياسية ستحول دون ذلك”.
وختم الباحث الاقتصادي جاسم عجاقة بالقول: “اشارات عدة يمكن استنتاجها من خلال المعطيات الحالية، أبرزها:
– أولاً، الاتفاق مع صندوق النقد أمر سيحصل ولو بعد حين.
– ثانياً، مصرف لبنان أظهر قوته على الارض واثبت وجوده.
– ثالثاً، توحيد الاسعار على منصة صيرفة هو السيناريو الاكثر واقعية خلال الايام المقبلة”.
Ch23