جاء في “الراي” الكويتيّة:
شهدت أسواق المبادلات النقدية تطورات مثيرة مع بداية شباط لتطبيق مفعول تعميم البنك المركزي والقاضي بضخ الدولار النقدي بديلا لليرة اللبنانية في سداد مستحقات رواتب القطاع العام وتلبية الحصص الشهرية من السحوبات المتاحة للمودعين من حساباتهم في البنوك.
فقد فوجئ موظفو الادارات العامة الذين توافدوا الى ردهات البنوك بداية شباط، بأن سعر الصرف المعتمد على منصة “صيرفة” التي يديرها مصرف لبنان، يبلغ 21.5 الف ليرة لكل دولار، فيما كانت الاشعارات تتوالى بوتيرة متسارعة على هواتفهم بتسجيل انخفاضات متتالية في سعر الدولار وتخطيه عتبة 20 الف ليرة نزولا في الأسواق الموازية ولدى شركات الصيرفة، بحيث اتسع الهامش بين السعرين إلى نحو ألفي ليرة ظهراً.
وأدى هذا الفارق الحسّي الذي بلغ نحو 200 الف ليرة لكل مئة دولار الى ارباكات في التعاملات جراء مطالبة الكثير من الموظفين بسحب رواتبهم المستحقة بالليرة وليس بالدولار. وهو الأمر الذي لم تكن المصارف مستعدة للاستجابة الفورية له، باعتبار أن ضخ السيولة يقتصر على إمدادات الدولار الواردة من البنك المركزي. علما ان الفارق عينه تقريباً انما بطريقة عكسية كان الميزة التي استفاد منها الموظفون والمودعون في الأسابيع الأخيرة.
وبدا المشهد النقدي «سوريالياً» في تبدّل وجهة المضاربات السوقية من تعظيم الطلب على الدولار الى كثافة عرضه، بحيث تعدّت أسعار المبادلات في الأسواق وبفارق كبير نسبياً حدود الخفض التدريجي الذي يعتمده البنك المركزي عبر استخلاص السعر الوسطي اليومي للتعاملات المسجلة على منصة «صيرفة».
وتلتزم البنوك ضمن مندرجات تطبيق التعميم رقم 161 الصادر عن مصرف لبنان، بإجراء المبادلات وفق السعر الأخير للدولار الذي يجري تعميمه مساء كل يوم مصحوباً بتبيان حجم العمليات المنفذة. وهو ما تم فعلا عند فتح ردهات المصارف صباحاً، حيث تم إدراج سعر 21.5 الف ليرة لكل دولار، ليتبيّن ان سعر الدولار في الاسواق الموازية يهبط بشكل دراماتيكي ليبلغ مستوى 19.5 ألف ليرة لدى شركات تحويل الأموال وسط طلب استثنائي على الليرة.
وقد أدى هذا الانقلاب المفاجئ واتساع الفوارق في التسعير بين منصة “صيرفة” والأسواق غير النظامية الى إيجاد بلبلة في أوساط اصحاب الحقوق الذين شعروا بأنهم «أكلوا الضرب»، إذ انقلب الربح الهامشي المستهدف من تبديل دولارات الرواتب عبر شركات الصيرفة الى «خسائر» بنسبة 10 في المئة من قيمة الراتب الاصلية المصروفة بالليرة، وهو ما دفع بالكثيرين منهم الى التريث في إتمام عملية السحب، ريثما يتضح موقف البنك المركزي من تطورات هذا الانقلاب.
وأكدت مصادر مواكبة لـ«الراي» ان البنك المركزي والمصارف فوجئوا فعلياً بتحول منحى الأسواق الموازية إلى تكوين موجة طلب مرتفعة على الليرة. وجرت اتصالات ومشاورات عاجلة بين الطرفين سعيا الى اعادة الانتظام الى المبادلات والاستثمار في فرصة التبدل الحاصل لمصلحة الليرة، مع وجوب التنبه الى كبح جموح المضاربين في حال التحقق من وجود توجهات لاستعادة مشاهد الفوضى النقدية.
وفيما كانت المعلومات تشير إلى أن السعر الجديد لمنصة “صيرفة” سيتماهى حكماً مع التطورات المستجدة، أصدر مصرف لبنان عصر الاثنين بياناً أعلن فيه أنّه «يمكن للمصارف التي بحاجة إلى سيولة نقدية بالليرة اللبنانية أن تحصل عليها مقابل بيع دولاراتها الورقية على سعر منصة»صيرفة«وذلك عبر هذه المنصة».