كتب سامر عباس خلف في ” اللواء”:
يستمر الانهيار الاقتصادي الذي بدأ منذ أكثر من عامين في إحداث الفوضى في الاقتصاد والمجتمع اللبناني. يزداد الفقراء فقراً بالوقت الذي تختفي الطبقة الوسطى. يضع البنك الدولي لبنان الآن في نفس ترتيب البلدان التي لطالما كانت أمثلة للفقر الأبدي وسوء الإدارة. أصبح لبنان الآن المثل الرئيسي للدولة الاقتصادية الفاشلة.
ومع ذلك ، قد يكون هناك بصيص أمل في احدى القطاعات الأساسية وهو قطاع النفط والغاز في لبنان. على الرغم من أنه لا يزال في المراحل الأولية من التنقيب من دون ضمان العثور على المحروقات، إلا أن التطورات التي حدثت على مدار الأشهر الماضية جعلت بعض مراقبي هذا القطاع أكثر إيجابية.
أولاً، أكد الكونسورتيوم الذي يضم توتال وإيني ونوفاتك والذي تم منحه المربعين 4 و9، والأخير يقع على الحدود الجنوبية، عزمهم على البقاء وحفر البئر في المربع 9. يتردد الكونسورتيوم في حفر بئر جديد قبل تسوية ترسيم الحدود البحرية، لذلك هناك حاجة الآن لتمديد/ تعديل اتفاقيتهم القائمة مع الدولة اللبنانية. يظهر التحليل أنه كلما تم الاقتراب من الحدود كلما ازدادت فرص اكتشاف نفط أو غاز. فان استئناف اجتماعات مجلس الوزراء سوف يسمح بالتفاوض بشأن التعديل والاتفاق عليه قبل نهاية العام للسماح للائتلاف بالاستمرار في العمل.
ثانياً، تعتزم المفوضية الأوروبية تقديم مجموعة مشتركة من التعريفات لما يشكّل «استثماراً مستداماً» في أوروبا بما أنهم يخططون لتصنيف محطات الغاز الطبيعي كمصادر طاقة خضراء «انتقالية» لأغراض الاستثمار. سيؤدي هذا إلى فتح القطاع أمام استثمارات حقيقية من قبل شركات أوروبية عند اكتشاف الغاز. لذلك، سيبقى بالتالي مصدراً مقبولاً للطاقة للعقود القادمة.
ثالثاً، إن قلّة الاكتشافات للنفط والغاز وصعوبة وكلفة استخراج الحقول وتطويرها أدّى الى ارتفاع أسعار النفط والغاز بشكل كبير في العام الماضي وذلك بسبب الطلب المتجدد بالإضافة الى قلّة الاستثمار في القطاع في عامي 2020 و2021. لذلك، من المتوقع أن تظل الأسعار مرتفعة في السنوات المقبلة وهذا سيحافظ على الاهتمام بأحواض الغاز البحرية في البحر الأبيض المتوسط. التطوران الأخيران يشكّلان فرصة يجب على لبنان أن يستفيد منهما إذ انه قد تم هدرها حتى الآن. أدّت التأخيرات بسبب الجمود السياسي المستمر إلى حفر بئر واحد فقط حتى الآن في حين أن العديد من الدول المجاورة أكثر تقدماً من لبنان بالاكتشافات التي قامت بها.
ان لبنان في حالة فوضى وتدهور مريع وعلينا وضع حد للتراجع. على الدولة اللبنانية بذل كل الجهد لترسيم الحدود البحرية، وبذلك السماح للكونسورتيوم ببدء عملية الاستكشاف. هناك دلائل على أن اتفاقية ترسيم الحدود قد تكون وشيكة، ومن المهم أن نتذكر أن لبنان لديه 8 كتل أخرى متاحة لمنح الجوائز، اثنان منها، 8 و10 تقع على الحدود الجنوبية. بمجرد أن يصبح وباء كوفيد وراءنا وإستئناف رحلات العمل، سيكون لبنان في وضع يسمح له بإطلاق جولة ثانية لإجراء مناقصة. ان الفرصة المتاحة أمام لبنان يجب أن تغتنمها الدولة بكل جدّية.