خدمة الإنترنت لن تبقى «تحصيل حاصل»، بل تستوجب ميزانية بعد رفع الأسعار رسميا عبر شبكتي الخليوي في لبنان، الأمر الذي بات وشيكا بعدما مهد له وزير الاتصالات جوني القرم، بالحديث عن ضرورة رفع تعرفة الاتصالات، وعدم اعتماد سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي البالغ، على الورق، نحو 1500 ليرة لبنانية ثمنا لتسديد الفواتير لدى شركتي الخليوي، ولدى «أوجيرو» التي تؤمن الاتصالات الأرضية والإنترنت.
قبل الخطوة الوشيكة، بادرت شركات تقدم خدمة الإنترنت الخاصة في المناطق الى رفع تعرفتها، وتقديم حزم عدة ليختار المشترك باقة منها، وتتخطى أدناها قيمة تعرفة «أوجيرو» الرسمية بضعفي المبلغ على الأقل. هذه الشركات اشترطت الدفع مسبقا لفترة لا تتخطى الشهرين، تمهيدا لإقرار زيادات على التعرفة ترتبط بارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، وأسعار مادة المازوت التي يعتمد عليها لتشغيل محطات الإرسال.
لم تعد الخدمة ترفا، بل ستدخل جدول ميزانيات الأسر، خصوصا مع اعتماد أفرادها من الأولاد والمراهقين خصوصا على الاستهلاك الكثيف لأجهزة الهاتف أو الألواح الذكية والحواسيب التي يحتاجونها ايضا في فترات الدراسة عن بعد. أما شبكات البث التدفقي الرقمي التي دخلت الى غالبية البيوت، فتتطلب توافر خدمة إنترنت سريعة وبسعة كبرى، لولوج منصتي «نتفليكس» و«شاهد»، اللتين حلتا مكان صالات السينما لأسباب عدة، بينها الكلفة الأقل، وفرصة الحصول على الأحدث من عالم الترفيه، والوقاية من فيروس كورونا.
كل هذه الخدمات باتت مربوطة بـ «الدولار الطازج»، بدءا من تسديد الاشتراك الشهري لمنصة «نتفليكس» البالغ في حده الأدنى 10 دولارات أميركية، تقتطع من حساب «الفريش دولار»، او توفرها عبر شركات محلية لغير حاملي بطاقات الحسابات المصرفية الخاصة بـ «الدولار الطازج» والمعمول بها وحدها في الخارج، ولو عبر حسابات التوفير، وليس الحسابات الدائنة التي شطبت من القاموس المصرفي الخاص بالبطاقات الممغنطة للأفراد.
في دراسة نشرت أخيرا، يتوقع ان ترتفع قيمة فاتورة اتصالات الشبكة الخليوية للأفراد إلى 750 ألف ليرة لبنانية شهريا، وتتضمن باقة مقبولة من الإنترنت الى استهلاك الحد الأدنى من الدقائق غير المشمولة بخدمة تطبيق «واتساب».
وفي أحسن الأحوال لن تقل الفاتورة عن 500 ألف ليرة، لحزمة صغيرة من خدمة الإنترنت. وهذا يعني مزيدا من التقشف عند الأفراد، ولدى المقاهي التي اعتادت تقديم خدمة الإنترنت مجانا لروادها.
«حتى الهواء سيصبح له سعر في بلدنا»، بحسب روني مالك محل لبيع الأجهزة الخليوية وبطاقات التشريج الخاصة بها. ويتناول إقبال المواطنين على تخزين بطاقات الخدمات المسبقة الدفع، «تحسبا للأسوأ لجهة رفع الأسعار، التي دخلت العد التنازلي». وتوقع «ضائقة شديدة ستصيب شريحة لا بأس بها من المواطنين، خصوصا أبناء الطبقة الفقيرة، والعمال والتلامذة الذين يعتمدون على خدمة الإنترنت لتسيير يومياتهم».
كذلك لم يحسم محمد اليمني صاحب سلسلة مقاهي «بروس كافيه» فرض تعرفة من عدمها على الزبائن الراغبين في استعمال خدمة الإنترنت. «ونحن في الأساس تفادينا فرض تعرفة إضافية لقاء مشاهدة الزبائن الأنشطة الرياضية، والتي ندفع حقوق بثها بالعملة الأميركية».
كلام اليمني أعاد الى الأذهان رفع شركات تقديم خدمة التلفزيون عبر الصحون اللاقطة وكابلات المناطق أسعارها، وصولا الى استيفاء بعضها مثل شركة «كايبل فيجن» رسوم بث صور قنوات «بي ان سبورتس» القطرية بالدولار الأميركي، وفصلها تاليا عن أسعار بقية القنوات المدرجة ضمن باقات.
ويعرض مواطن شاب لدفعه رسوما بالدولار الأميركي لمنصتي «شاهد» و«نتفليكس» و«بي ان سبورتس» بالدولار الأميركي، تصل قيمتها شهريا الى 40 دولارا، ناهيك عن رسوم تفرضها المصارف على بطاقاتنا الممغنطة، بينها رسم سنوي مقطوع يصل الى 100 دولار سعرا للبطاقة في بعض المصارف، الى نصف مليون ليرة لبنانية بدل اشتراك الإنترنت».
في المحصلة، لكل شيء سعره في لبنان، في زمن باتت الفواتير ترهق المواطن وتستنزف جيبه وقدراته.
Ch23