كتب محمد وهبة في” الأخبار”:
اختارت شركة «باورتك» الردّ على مجموعة مقالات نشرتها «الأخبار»، بعد مرور أكثر من أسبوع على نشرها، وبعد ردّ من «تاتش» متماه في مضمونه مع ردّ «باورتك». كلّ من الشركتين أوضحت موقفها مدّعية أن هناك معلومات خاطئة استندت إليها المقالات. ردّ «باورتك» يشير إلى اتهامات موجّهة ضدّها لأنها تقدمّت بـ«توضيحات عملانية» على العقد مع «تاتش»، ويشير إلى أن مطالبها تتعلق بخسائرها التي تكبّدتها بسبب بنود العقد. «تاتش» أكدت أيضاً أن إقصاء حياة يوسف عن رئاسة مجلس إدارتها وتعيين سالم عيتاني مكانها لم يكن على خلفية التعديلات المطروحة على عقد «باورتك»، مشيرة إلى أن خياراتها محصورة بأمر واحد: «كلفة فسخ العقد أكبر من كلفة الاستمرار ضمن الشروط التي فرضتها الشركة لصالحها». وأكدت أن الجلسة الأولى لمجلس الإدارة برئاسة عيتاني أجمعت على تفعيل العقد من دون تدخلات ولا تصويت، وأنه لم تكن هناك تعديلات لتسقط كما ورد في المقالات التي نشرتها «الأخبار» سابقاً.
في الواقع، تقرّ «تاتش» و«باورتك» بأن هناك تعديلات على العقد نوقشت في مجلس الإدارة، تسمّيها «باورتك» «توضيحات عملانية»، بينما تكتفي «تاتش» بالإشارة إلى إجماع مجلس الإدارة على تفعيل العقد. لكن ما حصل هو الآتي: هناك تعديلات جوهرية على العقد ناقشها مجلس الإدارة أيام رئاسة يوسف، ثم نوقشت أيضاً في الجلسة الأولى التي عُقدت بعد تعيين عيتاني. وهذه التعديلات ترتّب أعباء إضافية على «تاتش» وتنقل مخاطر الاستثمار الذي قامت به «باورتك» إلى عاتق «تاتش»، لا بل تجعل الأولى شريكاً مضارباً في إيرادات «تاتش». فالبندان اللذان أسقطا في مجلس الإدارة يتضمنان الآتي:
– تأجيل أو تعليق العمل بمؤشرات الأداء المفروضة على «باورتك» بموجب العقد بذريعة أن عدم التسديد النقدي «فريش» يؤثّر في هذه المؤشرات. وقالت الشركة إنها كانت في السابق تتحمّل هذه المخاطر لأن قيمة الدولارات المسدّدة كانت ثابتة عند 1500 ليرة مقابل كل دولار، أي أن الدولارات المدفوعة سابقاً كانت «فريش» بمفهوم اليوم. وبما أن مؤشرات الأداء مرتبطة بأعمال الصيانة والتطوير والتشغيل في المحطات، فإن التسديد نقداً بنسبة 30% لا يغطّي الالتزام بمؤشرات الأداء المطلوبة من الشركة في العقد.
– إلزام شركة «تاتش» بزيادة نسبة التسديد النقدي فوق الـ30% ربطاً بقيام الدولة اللبنانية برفع أسعار الاتصالات.
ماذا يعني ذلك؟ البند الأول يعني أن هناك تهرباً من مسؤولية البنود الجزائية في العقد إذا تبيّن أن هناك مخالفة قامت بها «باورتك». ورغم أنه لا يمكن اعتبار تعديل كهذا عابراً، بل هو تعديل جوهري في العقد يمنح الشركة الملتزمة إعفاء مسبقاً من الأخطاء أو المخالفات التي قد تقوم بها، إلا أنه يعني أيضاً نقل المخاطر التي وافقت الشركة على تحمّلها يوم وقعت العقد، إلى عاتق «تاتش»، وتحميلها للمال العام بما أن الشركة مملوكة من الدولة.
أما البند الثاني الذي كان مطروحاً إدراجه في العقد باعتباره «توضيحات عملانية»، فمستغرب كثيراً. فهل «باورتك» شريكة في شركة «تاتش» لتفرض عليها التزاماً يتعلق برفع نسبة التسديد النقدي ربطاً برفع التعرفات على المستهلكين؟ يعدّ هذا الأمر تشجيعاً على رفع التعرفات من أجل المنفعة الخاصة، بالتالي فإن كل من وافق على هذا البند يصبح مشكوكاً بانتفاعه الخاص. وأساساً لا يحقّ لشركة ما لديها عقد تقني، أن تقترح وتشجع وزارة الاتصالات من خلال «تاتش»، على رفع التعرفات الذي يجب أن يكون مسألة اقتصادية – اجتماعية، لا مسألة مالية نقدية تتعلق بربحية شركة.
تقرّ «تاتش» و«باورتك» بأن هناك تعديلات على العقد نوقشت في مجلس الإدارة
الاقتراحان سقطا في مجلس الإدارة، لكن مجرّد وجودهما على جدول أعمال الجلسة الأولى بعد تسلّم عيتاني رئاسة مجلس إدارة «تاتش» مثير للشكوك، ولا سيما أن الأخير هو الذي أعدّ الدراسة التي تشير إلى أن تفعيل العقد مع «باورتك» سيحقّق وفراً لـ«تاتش» لا سيما في مجال استهلاك المازوت، علماً بأن هذا الأمر كان محور اجتماعات عقدت في لجنة الاتصالات النيابية، وخلصت إلى وجود هدر وفساد في هذا المجال، بالتالي فإن الفساد مستمرّ طالما لم يعلن أحد وقفه. براءة الذمّة التي تحاول بعض الجهات الحصول عليها لم تصدر بعد، لا من لجنة الاتصالات النيابية ولا من أي جهة ثانية.
أصلاً وجود مطالب كهذه على جدول أعمال مجلس إدارة «تاتش» يشير بوضوح إلى أن هناك استغلال نفوذ داخل مجلس الإدارة، وهو ما رفضته الرئيسة السابقة لمجلس الإدارة حياة يوسف وساندها عدد من الأعضاء. لكن الجلسة الأولى التي عُقدت بعد تولي عيتاني مباشرة رئاسة المجلس، لم يكن فيها إجماع كما زعم ردّ «تاتش»، بل كان هناك اعتراض على البندين، وبعد إسقاطهما أجمع الجميع على ما تبقى، وهو يتعلق بتسديد 30% نقداً لشركة «باورتك» لمدّة ثلاثة أشهر، وتسديد 20% نقداً عن أعمال سابقة.
الردود جاءت لتؤكّد بأن هناك تزامناً بين إقصاء يوسف وتعيين عيتاني في رئاسة مجلس الإدارة، وبين طرح مسألة تفعيل عقد «باورتك» وتعديلاته على مجلس إدارة «تاتش». حياة يوسف هي الوحيدة التي أقصيت في اجتماعات الجمعية العمومية العائدة لشركتي «تاتش» و«ألفا»، وهذا وحده كافٍ للتشكيك في العقد.
«باورتك»: تعديل العقد عار عن الصحة
ردّت شركة «باورتك» على ثلاثة تقارير نشرتها «الأخبار» حول «عقد صيانة محطات» شركة «تاتش»، الأول بعنوان «النهب المتواصل بعد الإفلاس…» (28/1/2022)، والثاني (29/1/2022) يربط تعيين السيد سالم عيتاني بالعقد مع الموكلة الذي وصف بالـ«صفقة»، والثالث (2/2/2021) يشير إلى سقوط التعديلات على «العقد».
وجاء في الردّ ما يأتي:
هذه المقالات تمثّل استهدافاً مركّزاً يستند إلى معلومات خاطئة، ما يؤكد أن كاتبة المقال لم تطّلع على تفاصيل العقد ولا على حاجات الصيانة ولا التشغيل، بدءاً من الهجوم الذي نؤكد بأنه غير مبرر، وانتهاء بتاريخه الخاطئ إذ إن العقد لم يوقّع في 2017 بل في شباط 2019… اتُّهمنا سلفاً «بالنهب» قبل التحقّق أو الاستقصاء معنا في الأساس. ولم تذكر المقالات الاستثمارات بعشرات ملايين الدولارات التي وضعتها الشركة على البنى التحتية لقطاع الخلوي في لبنان نتيجة العقد، إضافة إلى الصيانة وقطع الغيار وهي كلها بالدولار النقدي… واستند المقال إلى «ثمة من يقول»، من دون التحقّق من مصداقية المصدر من خلال التحقق مع أصحاب العلاقة، بحيث قبل الاتهام بالنهب، وكنا نتمنى على كاتبة المقال قراءة وتفنيد العقد وإجراء مقابلة وتحقيق وافٍ مع أصحاب العلاقة لنقل الصورة كما يجب. وعليه فإن كافة المعلومات الواردة في المقال أو على الأقل معظمها غير صحيحة، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
– العقد أبرم في شباط 2019 و ليس في 2017،
– ماهية العقد، أي (ESCO/PaaS)، وكما هو معرف به دولياً، تحقّق الوفر المسبق للمشغل، إن لجهة كلفة الاستثمارات اللازمة لتحديث البنى التحتية، أو كلفة الصيانة، أو لجهة استهلاك مادة المازوت، ما يدحض نظرية عدم ضمان الوفر.
– ما يشار إليه من تعديل في العقد عار عن الصحة، فليس هنالك أي تعديل في أي من واجبات أو مستحقّات كلا الفريقين، بل توضيحات عملانية سيما في تحديد طريقة الدفع.
من جهة أخرى، استند المقال للهجوم على العقد واتهامنا بالنهب، بذريعة أن تحديد 30% من العقد بالدولار النقدي سيحرض باقي الملتزمين على المطالبة بالمثل. ولكن من المعروف أن الجزء الأكبر من موجبات الموكلة في العقد كما تؤكد المقالة هي قطع غيار مستوردة وبطاريات وتركيب أنظمة طاقة بديلة وتوريد مولدات الخ، وهي بالدولار النقدي، عدا عن المازوت… موجبات لا يمكن مقارنتها مع باقي أو معظم الملتزمين الذين قد لا يحتاجون للتمويل النقدي أو شراء مستورد، علماً بأنه قد يحقّ لعدد آخر من الملتزمين بالمطالبة بالدولار النقدي لأنه جزء من التزاماتهم الفعلية ليس أكثر.
كما جرى ربط صفقة «النهب» المزعوم مع عملية اختيار رئيس مجلس إدارة «تاتش» ووصفه بالمروّج لتعديل عقد «تاتش» مع «باورتك».
نؤكد بأن شركة «باورتك» تقوم بواجباتها كشركة خدمات مهمتها الحفاظ على سمعتها كمقدمة خدمات عالمية لهذا القطاع بالذات حيث زبائنها هم من أهم مشغلي شبكات الاتصالات الدوليين في كل من آسيا، أفريقيا وأوروبا، وهي كانت تطمح بالأجر المحق والربح المعتدل، لكن بالمقابل، ومنذ سنتين ونيف، هي تتكبد ولا تزال خسائر وضغوطات كبيرة للحفاظ على استثمارها وخدمة القطاع الحيوي… عدا عن الافتراء الدائم المركّز عليها وعلى القطاع، علماً بأن عدداً كبيراً من الملتزمين قد فسخوا عقودهم لذات الأسباب. كما نؤكد لكم بأنه لا علاقة للشركة بانتخابات ولا تعيينات السلطة ولا مجالس إدارة وهي لا تمتها أية صلة، لا من قريب ولا من بعيد، بأي سلطة سياسية كانت، لا في السابق ولا في الحاضر ولا في المستقبل.