كتب محمد علوش في “الديار”:
لطالما شكّل “التيك توك” مادة مبهمة بالنسبة إليّ، ربما بسبب عمري الذي تخطّى مرحلة المراهقة، الامر الذي دفعني مراراً الى البحث عن تفاصيله من باب “الحشرية”، كيف يعمل، كيف يجني عبره كثيرون الأموال، بالدولار الطازج، وكيف تُقبض الأموال؟ لم يكن الحافز لديّ كبيراً، وهو ما تغيّر اليوم لسبب سنكشفه لاحقاً.
لن يكون مفيداً تعريف هذه المنصة، فصيتها انتشر كالنار في الهشيم فور إطلاقها عام 2016 في الصين، فهذا التطبيق وُلد هناك، لا في الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى لضربه ومنع تمدده وتوسعه. تملك التطبيق شركة صينية عملاقة في مجال التكنولوجيا تُدعى “bytedance”، ويستعمله اليوم حوالى 800 مليون مستخدم حول العالم، أغلبهم من فئة الشباب، ويُتوقع أن يصل الى مليار مستخدم خلال فترة قصيرة.
غالباً ما بتنا نشاهد مراهقاً يرقص على الطريق العام، أو يصور مقطع “فيديو” بحركات غريبة. هؤلاء هم “التيكتوكرز”، فمرة صادفت فتاة في رحلة سياحية دائمة الانشغال في هاتفها، كانت تستعمل “التيك توك” لتطل مباشرة على متابعيها، فسألتها عن سبب فعلها ذلك بدل الاستمتاع بالرحلة، لأكتشف أنها تجني ما بين 50 الى 100 دولار أميركي بسبب طلّتها هذه، رغم علمي أنها لا تقدّم محتوًى مميزاً يستحق المال. فكيف تُجنى الأموال؟
هناك ثلاث طرق أساسية لتحصيل الأموال، الطريقة الأولى وهي الطريق الأكثر غرابة، حيث تحصل عبر “الدعم المباشر” والتي يتم تقديمها للمستخدمين خلال خدمات البث المباشر، وهذه الطريقة الأكثر إثارة للشبهات، إذ يمكن لأي كان أن يدفع لأي كان مقابل أي شيء، دون رقابة، والطريقة الثانية هي عبر بيع الخدمات، كأن يكون المستخدم خبيراً تتم استشارته مقابل المال، أو يسوّق لنفسه وخبرته ليجذب انتباه المتابعين والعمل معه خارج عالم “التيك توك”، والثالثة هي بتسويق منتجات معينة لمصلحة شركات، فيكون للمسوق نسبة من الأرباح، وربما مبالغ ثابتة تُدفع له مقابل عمله في الشق التسويقي.
اموال “التيك توك” المشبوهة!!!
هم يسمونها هدايا، وهي عبارة عن شراء عملات معدنية، على سبيل المثال يبلغ ثمن الـ 350 عملة معدنية 5.56 دولارات، ومن ثم تشتري الهدايا بالعملات المعدنية، وتقوم بإرسالها الى المستخدم، الذي يقوم بدوره بتجميع هذه الهدايا واستبدالها بالأموال لدى شخص يتولى هذه المهمة مقابل نسبة مئوية من المبلغ.
في لبنان يقوم أشخاص باستبدال العملات والهديا بالمال النقدي مقابل حصة، فهل من يسأل عن هذا الشخص؟ وكيف يستبدل العملات المعدنية الوهمية بمبالغ نقدية. كما أن سهولة تبادل الأموال عبر هذا التطبيق تجعلها غير قابلة للتتبّع، ومثيرة لكثير من الأسئلة، خاصة عندما يتم نقل الأموال عبر دفعات صغيرة لا تُثير الشبهات، لذلك بدل أن يتم الاعتماد على الوسائل التقليدية في الدفع، أي تحويل الأموال عبر المصارف، أو عبر مؤسسات تحويل الأموال، وبدل المخاطرة في تسليم الأموال باليد، يمكن نقلها عبر هذا التطبيق، وباستعمال حسابات عديدة، لإخفاء أي شبهات يمكن أن تُثار حول طبيعة الدفعة وسببها.
إذا يمكن تحصيل المال باستعمال هذا التطبيق، ويمكن لأي كان أن يحصل على المال، إذ لا شروط تمنع ذلك، خاصة إذا ما كان الهدف إرسال أموال مشبوهة، عبر الطريقة الأولى تحديداً، فهل يمكن توجيه الأسئلة للمعنيين عن احتمال استعمال هذا التطبيق لتبييض الأموال، أو تسيير عجلة تجارة المخدرات مثلا، أو تجنيد العملاء من قبل العدو الإسرائيلي والدفع لهم، أو خلق عالم إجرامي رقمي، لا تتم فيه ملاحقة مصادر المال؟
بحسب معلومات “الديار” فإن هذه الأسئلة مشروعة وبمحلها، والأجهزة الأمنية التي تعمل في المجال الرقمي تعلم بذلك، وللبحث صلة.