مقاربة جديدة تُعيد الودائع كاملة الى أصحابها

كتب أنطوان فرح في” الجمهورية”:

لم تُثبت مسودة توزيع الخسائر وإعادة الودائع التي أنجزها الفريق الذي كلّفته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بالمهمة، فشلها فحسب، بل الأهم انّه تأكّد بما لا يقبل الشك، انّ محاولة إعادة الودائع بالطريقة الكلاسيكية المعروفة ستؤدّي الى واحد من أمرين:

اولاً- ظلم غير مسبوق في حق بعض أصحاب الودائع، بحيث انّ الهيركات الفعلي، وبعد احتساب حسم نسبة كبيرة من الفوائد وتصنيف الودائع الدولارية المحوّلة بعد تشرين 2019 والـBail-in، يتجاوز ما هو مُعلن في الخطة.

ثانياً- ظلم كبير موازٍ سيتعرّض له كل اللبنانيين، نتيجة إرهاق ورهن التعافي الاقتصادي في الـ15 عاماً المقبلة. ومع هذه الأثقال التي تقترحها الخطة، من البديهي انّ الفقر على مستوى الطبقة الوسطى سيستمر طوال هذه الأعوام، وربما أكثر، لأنّ التعافي لاحقاً يحتاج الى فترة إضافية خالية من الأثقال. وبالتالي، تكون الخطة كمن يرهن مستقبل البلد وناسه لـ20 أو 25 سنة مقبلة.

هذا الواقع يؤكّد المعادلة التالية: إما شطب القسم الأكبر من الودائع والتغاضي عن الظلم الذي سيلحق بالمودعين، من أجل إنقاذ الاقتصاد، وبالتالي مساعدة اللبنانيين على الخروج من الأزمة في غضون 6 أو 7 سنوات. وإما إعادة الودائع، والتغاضي عن الظلم الجماعي الذي سيلحق بالناس لسنوات طويلة تتجاوز العقدين.

في النتيجة، الأموال التي نحتاجها لرفع الظلم عن المودعين وتنفيذ خطة للتعافي غير موجودة. وبالتالي، إذا قرّرنا إنصاف هؤلاء، علينا ان نعتبر انّ اللبنانيين مديونون بما يوازي حجم الودائع، وعليهم ان يعملوا طوال الـ15 سنة المقبلة لإعادة هذه الأموال الى أصحابها. وهذا «الحل» ينطوي على ظلامة في حق الناس؟

ضمن هذه الأحجية، لا بدّ من تغيير اسلوب مقاربة الأزمة، والانتقال من مبدأ إعادة الودائع عشوائياً الى خطة الفصل بين المودعين. وبدلاً من تصنيفهم على أساس «كبير» و«صغير» و«محوّل من الليرة الى الدولار» و«مستفيد من فوائد سخية»، ينبغي تصنيفهم ضمن فئتين فقط: شرعي وغير شرعي. المودع الشرعي ينبغي ان يحصل، من حيث المبدأ، على وديعته بالكامل، وربما مع الفوائد بالكامل ايضاً. وغير الشرعي ينبغي أن تُصادر وديعته، ويشكر ربه لأنّه لن يُحاسب.

في الواقع، لم تعد المواجهة في مسألة الودائع بين المودع والبنك المركزي أو المصارف، بل أصبحت بين المودع والمواطن. وبالتالي، لا بدّ من تحويل الوضع الى مواجهة بين المودع الشرعي ومعه المواطن، مع المودع غير الشرعي. هذا التحوّل غير مُتاح سوى من خلال طريق وحيد: رفع السرية المصرفية عن كل الحسابات المصرفية، وسنّ قانون يعتبر انّ كل الحسابات المصرفية موضع شبهة، وبالتالي، مطلوب من صاحب كل وديعة يريد تحريرها، ان يقدّم المستندات الضرورية التي تُثبت شرعية وديعته، وانّها ليست نتيجة المال الحرام المنهوب من أموال المكلّفين.

هذا الحل ليس صعباً، كما يتوهّم البعض، طبعاً إذا توفرت الإرادة السياسية. اذ انّ المستند الأولي الوحيد المطلوب من المودع تقديمه لتبرئة وديعته من تهمة الفساد والسرقة، هو ان يُثبت انّه ليس من الـPEPs أولاً، وليس موظفاً في القطاع العام، وليس صاحب عمل مكشوف او يتعاطى مع القطاع العام. وبالتالي، هناك قسم من الودائع، يعتبر البعض انّه ليس كبيراً، وفي أضعف الإيمان أقل مما سيتبقّى، سيصبح فوق الشبهات. ولاحقاً، كل من ينتمي الى الفئة المُصنّفة مشبوهة، عليه أن يقدّم ما يُثبت انّه يمتلك المال من وراثة او عبر طريق عمل شرعي واضح، لا علاقة له بموقعه في الوظيفة العامة. وما تبقّى من ودائع سيصبح بمثابة أموال «وسخة». وبالتالي، تتم مصادرة هذه الأموال لمصلحة الخزينة.

هذه الطريقة في مقاربة معالجة ملف إعادة الودائع الى أصحابها، لا تحلّ مسألة حقوق المودعين فحسب، بل تسمح باستعادة الاموال المهرّبة غير الشرعية، في حين يتمّ استثناء الاموال الشرعية التي خرجت من البلد. بالإضافة الى ذلك، هذا الاسلوب يعيد الثقة والسمعة الجيدة الى الدولة اللبنانية، وهذا أهم مكسب في موضوع من هذا النوع. ومن المؤكّد انّ الاموال التي لا تزال متوفرة في المركزي، والاموال التي قد تُستعاد لأنّها غير شرعية، ستكون كافية لإعادة الودائع كاملة الى أصحابها. وهكذا يكون المودع «النظيف» استعاد حقوقه، والمودع الفاسد أعاد الأموال الى اصحابها (الخزينة)، والدولة استعادت هيبتها وكرامتها، وصار سهلاً عليها الانطلاق بخطة تعافٍ لن تأخذ وقتاً طويلاً قبل أن تأتي ثمارها، ويستعيد البلد وضعه الطبيعي. فهل من يجرؤ على مقاربة من هذا العيار والنوع؟

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *