أشعلت العقوبات الأميركية والغربية على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين العديد من الأسئلة وأثارت الكثير من التكهنات، لكن السؤال الأبرز كان، لماذا تم استثناء قطاع الطاقة من هذه العقوبات؟ أو لماذا تم تجنب الغاز والنفط من هذه العقوبات على الرغم من أن أوروبا أوقفت العمل بخط “نورد ستريم2″، وعلى الرغم من أن هاتين السلعتين تعتبران الأهم على الإطلاق بالنسبة للاقتصاد الروسي.
وحاول تقرير نشرته مجلة “التايم” الأميركية على موقعها الإلكتروني الإجابة على هذه الأسئلة، وقال إنه تم تجنب أي عقوبات ضد قطاعي النفط والغاز الروسيين اللذين وفرا 36% من الميزانية الوطنية لروسيا العام الماضي.
وقال النائب الأوكراني أوليكسي جونشارنكو في مقطع فيديو نُشر على تويتر: “نحتاج إلى عقوبات حقيقية.. نحن بحاجة إلى فرض حظر على الغاز والنفط الروسي لأن كل برميل نفط روسي وكل متر مكعب من الغاز الروسي مليء الآن بدماء الأوكرانيين”.
وتشير “التايم” في تقريرها الذي اطلعت عليه “العربية نت” أن الاتحاد الأوروبي يعتمد على روسيا في 35% من الغاز الطبيعي، وذلك على الرغم من أن بعض الدول الأوروبية تعتمد أكثر من غيرها، وأدت التوترات بشأن أوكرانيا إلى تفاقم أزمة أسعار الوقود الأوروبية التي بدأت العام الماضي.
وتقول التايم: “ستؤدي العقوبات المفروضة على الطاقة الروسية إلى ارتفاع الأسعار عالميا، وقد كان للمخاوف من إمكانية فرضها تأثير بالفعل، فقد ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي يوم الخميس الماضي بنسبة 51% في أوروبا، وضرب النفط الخام، الذي تعد روسيا ثاني أكبر مصدر له في العالم، أعلى مستوى في سبع سنوات عند 105 دولارات للبرميل، وعندما لم تتحقق هذه العقوبات في وقت لاحق من اليوم تراجعت الأسعار قليلاً، وازداد تدفق الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى أوروبا في الواقع”.
لكن الخبراء لا يستبعدون استراتيجية أكثر صرامة بشأن الطاقة الروسية من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وقال مايكل إي أوهانلون، مدير أبحاث السياسة الخارجية في معهد بروكينغز للأبحاث: “بمعنى ما، لم يقبل أحد تماماً خطورة الوضع، وما زال الكثيرون يمارسون السياسة كالمعتاد. من المرجح أن يتغير ذلك في الأيام والأسابيع المقبلة”.
ويشكل غزو أوكرانيا نقطة تحول لصادرات روسيا من النفط والغاز، بحسب تقرير “التايم”، حيث كشف مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنهم يعملون على تبني استراتيجية لتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية في أسرع وقت ممكن، بما في ذلك هدف لتقليل استخدام الوقود الأحفوري بنسبة 40% بحلول عام 2030.
ويقول التقرير إن “خيارات أوروبا لتقليل احتياجها من الغاز الروسي محدودة للغاية على المدى القصير، فبينما قد تساعد شحنات الغاز الطبيعي المسال في الوقت الحالي، قد تكافح أوروبا للحفاظ على هذه الواردات عند المستويات المرتفعة الحالية بمجرد أن يعود الطقس البارد وعودة الطلب إلى آسيا، كما أن مشاريع الطاقة المتجددة التي تريد أوروبا طرحها لتحل محل الغاز الطبيعي لن تكون جاهزة بين عشية وضحاها”.
ويقول المحللون إن كل هذا يمكن أن يبدأ في التغيير في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، حيث أجبرت الأزمة الأوكرانية أوروبا على إعادة النظر في علاقاتها المستقبلية في مجال الطاقة مع روسيا.
وفي استراتيجيته المقبلة للاستغناء عن الغاز الروسي، قال الاتحاد الأوروبي إنه من المتوقع أن يضع القادة قواعد جديدة تلزم المرافق بملء مرافق التخزين خلال الصيف لتجنب النقص في الشتاء، ووضع أهداف أكثر طموحاً لتقليل استخدام الوقود الأحفوري في السنوات القليلة المقبلة. وسيتطلب ذلك من الدول الأعضاء تكثيف الإنفاق على مصادر الطاقة المتجددة وتحسين العزل في المباني وغيرها من عمليات تعديل الكفاءة.