حمل اللبناني إبراهيم قارورتي الغاز الفارغتين الموجودتين على شرفة منزله، وتوجه بهما إلى شركة تعبئة الغاز في منطقة الشويفات (جنوب بيروت) «خوفاً من أن تحلق أسعار المحروقات»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط». ويقول إبراهيم الستيني، الذي يعمل أمين مستودع في شركة صغيرة، إنه حرص على تعبئة قواريره الفارغة لاستباق رفع الأسعار، لكنه يضيف: «الخوف الأكبر هو من انقطاع المادة في حال تعذر الاستيراد بسبب الحرب».
ومع استمرار «العملية العسكرية» التي تشنها روسيا داخل أوكرانيا، يتخوف اللبنانيون من ارتفاع أسعار المحروقات، خصوصاً الغاز المنزلي والبنزين، ويبلغ سعر قارورة الغاز في لبنان نحو 276 ألف ليرة لبنانية (نحو 14 دولاراً).
أما السيدة نهى، فاستبدلت قارورة الغاز الفارغة في مدفأتها تحسباً من أي انقطاع أو ارتفاع سعرها قبل انقضاء آخر شهر من فصل الشتاء، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «بعد انتهاء شهر مارس (آذار) يخف استهلاكنا إلى النصف لأننا لن نحتاج إلى التدفئة. لكن ماذا لو ارتفعت أسعار المحروقات؟ كيف سنتمكن من دفع فواتير الغاز والبنزين ومولدات الكهرباء التي تعمل على المازوت؟»، وتتابع: «نحن اللبنانيين نعيش خوفاً وقلقاً دائمين!».
لكن هذه المخاوف سرعان ما يقلل منها المعنيون بقطاع الغاز. يقول رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز ومستلزماته في لبنان فريد زينون لـ«الشرق الأوسط» إن الحديث عن ارتفاع سعر قارورة الغاز بشكل كبير، هو «استباق للأمور»، ويؤكد أنه «لا داعي للخوف»، مشيراً إلى أن من يروج لهذه الأخبار هم التجار ليثيروا هلع الناس فيتهافتوا على الشراء للتخزين.
ومع ارتفاع أسعار الغاز عالمياً، يشرح زينون: «سعر قارورة الغاز يحدده السعر العالمي لبرميل الغاز المسال الذي يستخدم لقارورة الغاز المنزلي، يبلغ اليوم 106 دولارات، وفي حال ارتفع السعر 10 دولارات إضافية فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع سعر قارورة الغاز 2000 ليرة لبنانية فقط طالما أن سعر الصرف ما زال 20500 ليرة»، موضحاً «أننا في لبنان نتأثر بشكل أكبر بسعر صرف الدولار، واستقراره في السوق الموازية سيضمن عدم ارتفاع سعر قارورة الغاز بشكل كبير».
وعن مخاوف بعض اللبنانيين من انقطاع المادة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، يشرح أن لبنان «يستورد الغاز من اليونان وهناك الكثير من البلدان التي يمكن أن نستورد منها المادة مثل الجزائر ومنذ مدة أوقفنا الاستيراد من روسيا وأوكرانيا». ويشير إلى أن «لبنان يستورد 250 ألف طن من الغاز في السنة، وهي كمية من السهل تأمينها، مقارنة مع البلدان التي تحتاج إلى كميات أكبر من الغاز».
وقفزت أسعار مشتقات الطاقة العالمية نتيجة الأزمة الروسية – الأوكرانية، وانعكست على سعر صفيحة البنزين في لبنان فارتفعت في جدول أمس (الثلاثاء) 7000 ليرة لبنانية ليصبح سعر الصفيحة 369 ألف ليرة، بعدما كانت قد ارتفعت الأسبوع الماضي 4800 ليرة لبنانية، وبالتالي ارتفع سعر صفيحة البنزين خلال أسبوعين 11400 ليرة لبنانية (ما يقارب نصف دولار).
والاثنين، هرع عدد من اللبنانيين إلى ملء خزانات سياراتهم بالوقود مع الحديث عن أزمة وقود جديدة وتوقُّف العديد من المحطات عن التعبئة، وعادت الزحمة والطوابير أمام محطات أخرى وبقيت حتى ساعات متأخرة من الليل، لتنحسر الأزمة مع صدور الجدول الجديد لأسعار المحروقات صباح الثلاثاء وتعود معه الحركة إلى طبيعتها.
ولم يقبل العامل في إحدى محطات الوقود في منطقة الفنار (شرق بيروت) تعبئة أكثر من 30 لتراً من البنزين (صفيحة ونصف) في خزان وقود سيارة اللبنانية ناديا أمس، وبعد تعبئة «الحصة المسموحة للسيارة الواحدة»، توجهت إلى محطة أخرى و«حرصت» على ملء الخزان بالكامل قبل الجلوس وراء مكتبها «مطمئنة البال»، حسبما تقول لـ«الشرق الأوسط»
ولم ينس اللبنانيون بعد أزمة الوقود التي شهدها لبنان في صيف العام الماضي، حين امتدت الطوابير لعدة كيلومترات أمام المحطات من أجل ملء خزانات السيارات.
وتقول اللبنانية سلمى لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحنا نعيش حالة من الرعب تظهر مع إطلاق أي شائعة أو تسريبة، فنسرع إلى تخزين المحروقات والمواد الغذائية والأدوية». وتضيف معلمة اللغة العربية في إحدى المدارس الخاصة أنها سارعت الاثنين إلى تعبئة خزان وقود السيارة بعد الحديث عن عودة أزمة المحروقات، واتصلت بوالدتها لتشتري قارورة غاز.
واستكمالاً لارتفاع أسعار البنزين خلال الأسابيع الستة الماضية، يتخوف اللبنانيون من ارتفاع إضافي في أسعار المحروقات أو أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى وقف وصولها إلى لبنان.
ويوضح عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس لـ«الشرق الأوسط» أن «سعر النفط يتوقف اليوم على مسار الأزمة الروسية – الأوكرانية، في الساعات والأيام المقبلة لذلك علينا مراقبة ما الذي سيحصل في أسعار النفط عالمياً».
لكنه رغم ذلك، يؤكد عدم وجود نقص في المحروقات حتى الساعة، ويؤكد أن «الكميات متوفرة في لبنان ولا داعي للخوف»، مرجعاً سبب توقف بعض محطات الوقود في لبنان عن التعبئة يوم الاثنين إلى «انقطاع بعض المحطات من المادة لأن بعض الشركات لم تسلم المحطات المادة يوم الاثنين على أن تقوم بالتسليم الثلاثاء»، أي بعد صدور الأسعار الجديدة.
وعن احتمال حصول ارتفاع إضافي في سعر صفيحة البنزين يصل إلى 450 ألف ليرة بحسب ما تقول التحليلات، يوضح البراكس أنه في ظل ارتفاع سعر البنزين عالمياً، فإن العامل الذي كبح وصول صفيحة البنزين إلى سعر 450 ألف ليرة هو تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازية نحو 11 ألف ليرة، لكننا قد نشهد ارتفاعاً إضافياً في سعر صفيحة البنزين.
الشرق الأوسط