وافقت لجنة المؤشر على إعطاء مبلغ مقطوع للعاملين في القطاع الخاص في لبنان قدره مليون و325 ألف ليرة (نحو 65 دولاراً) يضاف إلى الحد الأدنى والأجور البالغ 675 ألف ليرة (نحو 33 دولاراً)، على أن يبدأ صرفه في أبريل (نيسان) المقبل إذا أقرته الحكومة.
وقال وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، عقب اجتماع للجنة المؤشر برئاسته: «مهما وصلنا إلى اتفاقات أو زيادات يبقى الأمر قاصراً، لكن لا نستطيع الوقوف عند ذلك، ولا بد من أن نخطو خطوة إلى الأمام، والمسار لم يُقفل اليوم بل هو مستمر».
وأضاف: «تم الاتفاق اليوم على مبلغ مقطوع للعاملين في القطاع الخاص قدره مليون وثلاثمائة وخمسة وعشرون ألف ليرة يضاف إلى الحد الأدنى للأجور بحيث لن يعود أي عامل في القطاع الخاص يتقاضى أقل من مليوني ليرة ويصرح عنه للضمان وذلك سيعود على الضمان بكثير من المكتسبات، مع الإشارة إلى أن سقف المليون وثلاثمائة وخمسة وعشرين ألف ليرة يصل إلى حدود الأربعة ملايين ليرة، وما هو فوق الأربعة ملايين فإن أصحاب العمل والعمال تُركت لهم الحرية التعاقدية بما يتناسب مع تحسين وضع العامل وألا يكون في المقابل هناك أثقال على كاهله».
وفي ظلّ تراجع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، فقدت رواتب اللبنانيين نحو 90% من قيمتها، الأمر الذي زاد نسبة الفقر التي تجاوزت الـ55% وجعل طرح موضوع تصحيح الرواتب ورفع الحد الأدنى للأجور مسألة ملحّة. وكانت لجنة المؤشر قد اتفقت سابقاً على رفع بدل النقل اليومي إلى 65 ألف ليرة وإعطاء منح مدرسية.
وأوضح بيرم في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الظرف الاقتصادي المرهق ألقى بثقله على الحلقة الأضعف المتمثلة بالعمال، وبالتالي تعديل الحد الأدنى للأجور أصبح أمراً ضرورياً»، ويقول: «رغم وقوفي إلى جانب العمال أولاً، يجب الأخذ بعين الاعتبار مصالح أصحاب العمل والشركات لعدم التسبب بإرهاقهم خصوصاً أن قسماً كبيراً من الشركات قد لا يستطيع دفع مبالغ كبيرة».
وأشار بيرم إلى أن «الكثير من أصحاب الشركات في المؤسسات الخاصة قد بادروا تلقائياً إلى القيام ببعض التعديلات على الرواتب من دون أن يتم التصريح عنها للضمان الاجتماعي خوفاً من دفع نسب إضافية على الاشتراكات للضمان أو تعويضات نهاية الخدمة، بحجة أنه لا يمكن تحميلهم وزر الأزمة الاقتصادية كاملة».
وأضاف: «بعد الكثير من عمليات التفاوض والأخذ والرد تم الاتفاق على إعطاء مبلغ مليون و325 ألف ليرة لبنانية لموظفي القطاع الخاص، على أن تغطي لحدود الـ4 ملايين ليرة لبنانية كحد أقصى». وتابع: «اليوم بعد أن تم الاتفاق مع لجنة المؤشر سنرفع المحضر إلى الحكومة التي تكرس الأمر بمرسوم ويبدأ قبض الزيادات في شهر أبريل المقبل».
وقال إن «هذه الزيادة تغطي عملياً ما نسبته 80% من العاملين في القطاع الخاص وكل من يخضعون لقانون العمل، أي ما يزيد على 275 ألف عائلة»، مؤكداً أن «عمل لجنة المؤشر مستمر وعندما تجد أن الظروف تستدعي أن نقوم بتعديل إضافي سنقوم بذلك بالتفاهم، وهذا اتفقنا عليه وصولاً إلى حد أدنى رسمي للأجور تتبناه الحكومة وتعكسه بمرسوم يتوافق مع نسب التضخم والتطورات الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة في البلد بما يتناسب مع القابليات الموجودة في البلاد».
ويعترف بيرم بأن الزيادة ليست كافية في ظل الظرف الاقتصادي الصعب، ويلفت إلى أنها «عملياً نوع من الدعم أو مساعدة للطوارئ»، مشدداً في المقابل على «حق العمّال بالعيش الكريم وتوفير سبل الحياة». ويتابع: «للأسف نعيش في ظرف اقتصادي صعب جداً ونحاول العمل على قاعدة ما لا يدرَك كله لا يُترَك جله». ويوضح أن «رفع الحد الأدنى للأجور يتطلب تحريك وسير الدورة الاقتصادية والخروج من الانكماش».
وفيما يتعلق برفع رواتب القطاع العام، يلفت إلى أنه «تم تضمين المادة 135 بمشروع الموازنة التي تنص على أن يعطى القطاع العام راتباً إضافياً على الراتب لمدة سنة على ألا تقل المساعدة عن مليوني ليرة ولا تزيد على 4 ملايين ليرة، وما دام القرار مرتبطاً بإقرار الموازنة التي تُدرس في المجلس النيابي وستأخذ وقتها وإلى حين إقرارها في مجلس النواب، قررت الحكومة الاستمرار بالمنحة السابقة والتي هي عبارة عن نصف راتب».
ويطالب رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، برفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 ملايين ليرة لبنانية (نحو 250 دولاراً)، ويشرح بيرم أن «الأسمر يتكلم باسم العمال أما وزير العمل فعليه أن تكون نظرته متوازنة»، ويتابع: «رغم ميلي للطرف الأضعف أي العمال، ولكني مسؤول أيضاً عن أصحاب العمل، وهم غير قادرين على تحمّل هذه الزيادات في الظرف الراهن. نحن لا نريد التسبب بأي ضرر ولا أستطيع تحمل مسؤولية إقفال الكثير من المؤسسات أو طرد موظفين، بل نحاول الوصول إلى أفضل الممكن».
من جهته، يوضح الأسمر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المليوني ليرة لبنانية التي تم الاتفاق عليها تعد جزءاً من الحد الأدنى للأجور بانتظار استكمال المفاوضات»، شارحاً أنه «من المفترض أن يكون رفع رواتب القطاعين الخاص والعام تدريجياً».
من جهته، يؤكد عضو مجلس إدارة «جمعية رجال الأعمال اللبنانيين» جان طويلة، لـ«الشرق الأوسط» أن زيادة الرواتب تأتي في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية لا مثيل لها، ورغم أن الزيادات ملحّة وأكثر من ضرورية فإنها تأتي في وقت يلفظ فيه القطاع الخاص أنفاسه في حين أن السلطة السياسية غائبة وغير مسؤولة وفي إنكار تام لخطورة الأزمة.
ويرى طويلة أن «قرار زيادة الرواتب يُلزم القطاع الخاص الشرعي، أما الشركات غير الشرعية وغير المسجلة بوزارة المال والتي موظفوها غير مسجلين بالضمان الاجتماعي فلن يلتزموا برفع الرواتب»، منبهاً إلى أن «هذا القرار يشجع الكثير من الشركات على الذهاب للاقتصاد الموازي لعدم قدرتها على زيادة الرواتب، في حين أن بعض الشركات قد تضطر إلى الإقفال أو صرف عدد من الموظفين».
وحسب طويلة، «زيادة الرواتب لا تصح من دون تحريك العجلة الاقتصادية ومساعدة الاقتصاد اللبناني على النمو وتشجيع الصناعة والتجارة والقيام بإصلاحات فعلية للاتفاق مع صندوق النقد الدولي والخروج من الانكماش».
المصدر : الشرق الأوسط