عرض وزير المالية يوسف خليل، في جلسة مجلس الوزراء اليوم، طلب استفادة ثلاث من كبريات الشركات وورثة رجلَي أعمال كويتيّين من إعفاءات ضريبية. مجموع غرامات التحقق المتوجّبة على هؤلاء المكلّفين تقدّر بحوالي 11 ملياراً و300 مليون ليرة، يسعى خليل إلى الحصول على موافقة مجلس الوزراء لخفضها بنسبة 85%، في وقت يشهد فيه البلد انهياراً مالياً متواصلاً منذ سنتين، ضربت تبعاته الفئات الأكثر هشاشةً بموازنةٍ هندسها خليل وفق معادلة تزيد الضرائب والرسوم وتحمي المصارف ورأس المال.
في البنود 9 و10 و11 و12 المدرجة على جدول أعمال الجلسة، تفيد وزارة المالية بأنه كان قد توجّب على شركة «موركس سرفيسز أوف شور» العاملة في مجال العقارات، غرامات تحقّق على ضريبة الدخل ناتجة من التأخير في تقديم التصريح السنوي بضريبة الرواتب والأجور عن عام 2017، بقيمة مليارين و638 مليون ليرة، وعلى شركة «موريكس سرفيسز» الناشطة في مجال استخدام التكنولوجيا كمحفّز لنموّ الرأس المال، وللسبب عينه، غرامات تحقق بقيمة مليار و444 مليون ليرة، وكذلك على شركة «روتانا» بقيمة مليارين و787 مليون ليرة. كما توجّب على كل من رجلَي الأعمال الكويتيين الأخوين طلال مرزوق محمد الغانم وحمد جابر العلي الصباح، غرامات تحقق إضافية على رسم الانتقال جراء عدم التصريح ضمن المهلة القانونية وغرامة تأخير تقديم مستندات على حصتهما من تركة والدتهما الراحلة سعاد الحميضي، بقيمة ثلاثة مليارات و337 مليون ليرة. وهذا المبلغ يتوجّب اليوم على ورثة كل من الغانم والصباح دفعه ضمن إجراءات حصر الإرث.
يتحصّن خليل في عرضه على الحكومة تخفيض تلك الغرامات، التي يتجاوز تخفيضها المليار ليرة، خلف 3 نصوص قانونية: الأول المادة 32 من القانون 144/2019 القاضية بتخفيض غرامات التحقق والتحصيل التي تتولاها مديرية المالية العامة بنسبة 85%، باستثناء الغرامات التي تستلزم موافقة الحكومة. الثاني هو المادة 3 من القانون 662/2005 التي تفرض موافقة الحكومة في إجازة تسوية أي غرامة يتجاوز معها التخفيض مبلغ المليار ليرة. الثالث هو القانون 257/2022 الذي يحدد تاريخ 31/03/2022 كمهلة أخيرة لتسديد كل الضرائب والرسوم وإعفاء المكلّفين من الغرامات والفوائد المتوجّبة على التأخير في تسديد الضرائب والرسوم عن الفترة من 18/10/2019 ولغاية 31/03/2022 ضمناً، على أن يتمّ التسديد في حال الموافقة على التخفيض بنسبة 85% ضمن مهلة أقصاها 31 الحالي.
صحيح أن الوزير التزم قانونياً بالنص، لكن الصحيح أيضاً أن «روتانا»، على سبيل المثال، ليست شركة معنيّة بالأمن الغذائي ليتم دعمها عن طريق إعفائها من الضرائب. فيما يبدو أن الوزير سها عن أننا في دولة مفلسة، والشحّ في الأموال المخصّصة للاستيراد يهدّد غذاء اللبنانيين، وحياة مرضى السرطان ممن قلّصت السلطة حجم استيراد أدويتهم، وهدد في السابق قطاع الاتصالات وخدمة الإنترنت، وكذلك توفّر المحروقات. في كل محطّة، يبرهن خليل الذي كان يشغل منصب مدير العمليات في مصرف لبنان أنّه مستمر بالنهج عينه وقوامه: تركّز الثروة بيد القلّة. اتضح ذلك في التركيز على زيادة الضرائب لتغطية النفقات وتوزيع الإعفاءات الضريبية من دون أيّ إصلاحات في مشروع الموازنة. ويتّضح اليوم بعرضه تخفيض ما يمكن أن تحصّله الدولة من أموال من كبار المكلّفين، ممن لم يؤثّر الانهيار عليهم كما الطبقات التي استهدفت الموازنة جيوبها.
لن يكون من الصعب على ورثة رجلَي الأعمال الكويتيين دفع غرامات نقل الميراث، وحتماً حال الشركات الثلاث ليست أسوأ من عامة الناس.
في بلدٍ مفلس، فقدت عملته أكثر من 90% من قيمتها ويعتمد بشكل كلّي على الاستيراد وصناديق المساعدات الخارجية، يطرح وزير التخفيف عن كاهل المتموّلين على حساب الخزينة العامة. وهو سلوك لا يمكن فهمه خارج إطار سوء استعمال السلطة والمحاباة.
المصدر : الأخبار