رأى الخبير الاقتصادي د ..جاسم عجاقة أن العالم بدأ يلمس ارتدادات الحرب الروسية على اوكرانيا من خلال ارتفاع النفط الذي يلحق خطرا بالاقتصادات، وبارتفاعه بدأت ترتفع كل أسعار السلع والمواد الأولية والغذائية، ما يعني ارتفاع كلفة المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية وازدياد الفقر، كما أنه يطال النمو الاقتصادي، وهذا أوضح وجه لتداعيات هذه الحرب. أضف الى النقص الحاد في الحبوب والزيوت، لأن أوكرانيا وروسيا هما من أكثر البلدان المصدرة، إضافة الى الأسمدة التي تستخدم في المحاصيل الزراعية التي ستتضرر في غير بلدان التي ستواجه أيضا نقصا في محاصيلها.
وقال د.عجاقة في معرض حديثه لـ «الأنباء» الكويتية، عن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا: سيكون لها تأثير في الوقت الراهن على الطاقة والغذاء، وعلى المدى المتوسط والبعيد ستكون لها تأثيرات على الناتج المحلي الاجمالي وعلى الفقر، وإضافة الى ما ذكر آنفا سوف نشهد هروبا لرؤوس الأموال من الاقتصادات الصغيرة والمتوسطة والفقيرة، وعند انسحاب رؤوس الأموال تتراجع العملات المحلية وتنهار وتزداد البطالة ومعها يزداد الفقر، ناهيك عن الخطر الكبير الذي يطال سلاسل التوريد التي ستضطرب، ذلك أن بعض الدول سوف تتوقف عن تصدير السلع تفاديا للنقص عندها.
ولفت د.عجاقة الى أن العقوبات الأميركية على روسيا سوف تمنع الدول من الاستيراد من روسيا وبالتالي تصاب سلاسل التوريد باضطراب، وأن اوكرانيا التي تتعرض للقصف لا يمكنها التصدير للخارج خصوصا أن الملاحة ممنوعة في بحر أزوف للبواخر التجارية، ما يعني ايضا ضرب سلاسل التوريد.
وقال د.عجاقة إن ارتفاع الأسعار في العالم هو نتيجة ارتفاع أسعار النفط العالمية، وهناك أمر آخر يتعلق بنقص الحبوب التي تشكل عنصرا جوهريا في الغذاء الإنساني والتي يبلغ معدلها العام 50% من استهلاك الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال يستورد لبنان 62% من الحبوب ومصر 85% وتركيا 75% وهناك دول أقل، انما هذا الأمر لا يطال الدول المنتجة للنفط التي يمكنها مواجهة الأزمة ووطأة ارتفاع الأسعار، لأنه بارتفاع سعر النفط يمكنها التعويض عن الغلاء بالأسعار والنقص في الحبوب، صحيح أن التكلفة تزداد لديها انما يرتفع مدخولها. فالدول التي لديها مدخول ترفع الرسوم الجمركية للتخفيف من ثقل ارتفاع الأسعار العالمي على مواطنيها، أما دولة مثل لبنان لا يمكنها القيام بذلك. وعليه أعتقد أن دول الشرق الأوسط الأكثر تضررا من الحرب الروسية – الأوكرانية.
وأكد د.عجاقة أن هناك بدائل موجودة لاستيراد الحبوب من دول الهند ورومانيا وكازاخستان وأميركا وفرنسا انما دونها عقبات، فلبنان يستورد من اوكرانيا وروسيا بسبب الأسعار المنخفضة والقرب الجغرافي الذي يخفض من حجم الكلفة. اضافة الى ذلك هناك العائق الذي يتصل بالدول التي يمكنها أن تدفع والدول التي لا يمكنها، اذا سيحصل ارتفاع في الأسعار جراء الطلب بين الدول الغنية والفقيرة التي لن يكون عليها من السهل الاستحصال على الحبوب. لذلك سيتعين على منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة مساعدة الدول وان يكون لديها ردة فعل سريعة على الأزمات.
أما بشأن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية لحماية الأمن الغذائي ووقف التصدير رأى د.عجاقة أن موضوع حماية الأمن الغذائي سيكون أولى تحديات الحكومة اللبنانية التي عليها أولا اتخاذ خطوات عملية وسريعة ووضع استراتيجية تواكب المرحلة الحالية لاسيما أن المخزون الحالي من القمح والطحين لا يكفي لأكثر من شهر ونصف، وأمام لبنان ثلاثة أسابيع للاتفاق مع دولة لشرائه ما يعني كل دقيقة تأخير تضع الشعب اللبناني في خطر، ولفت الى ما أعلنه وزير الاقتصاد بشأن الطلب من اميركا مساعدة لبنان التي اجابت بأننا نعطيكم عبر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة. وشدد د.عجاقة بأن المطلوب أولا مكافحة الاحتكار بعد ان وقف المواطن اللبناني مرة جديدة أمام محطات الوقود، وقام بعض التجار المحتكرين بإخفاء السلع الأساسية بهدف الربح والاستفادة من الأزمة، كما يتوجب على الدولة مكافحة التهريب التي ستنشط عصاباتها في الأيام القادمة.
المصدر : الأنباء