محمد علوش – الديار
قلبت الحرب الروسية على أوكرانيا العالم رأساً على عقب، وبدّلت الأولويات، وعرقلت الملفات التي كانت قاب قوسين أو ادنى من الوصول الى خواتيم سعيدة، وهذا ما ينطبق على المفاوضات النووية الايرانية، حيث كان يُفترض أن تصل الى النهاية السعيدة الأسبوع الماضي، قبل أن تعصف بها رياح المطالب الروسية.
نعم، يتأثر لبنان بوصول المفاوضات النووية الى اتفاق نهائي، ويتأثر بالعرقلة، كذلك يتأثر لبنان بكل الملفات الحيوية المثارة في الإقليم، ومنها المفاوضات الإيرانية – السعودية على الأرض العراقية، التي تحوّلت مؤخراً إلى ساحة حرب. لذلك سيتأثر لبنان سلباً بعرقلة هذه الملفات.
يمكن وصف الأسبوع الماضي بأسبوع العرقلة، تقول مصادر متابعة، إذ تسبب قيام السعودية بإعدام 81 مواطناً سعودياً بإغضاب إيران، بسبب انتماء هؤلاء الطائفي، الأمر الذي أدى الى إلغاء جولة المباحثات القادمة، والتي كان يُفترض عقدها في العراق خلال أيام، وليس هذا كل شيء، بل تعرضت العلاقات الايرانية – العراقية الى هزّة أيضاً بعد القصف الايراني على اربيل، وفي الوقت الذي كان يُمكن فيه الوصول الى اتفاق مبدئي بين السعودية وإيران وتحقيق التقدم بالمفاضات، وقع التراجع، وهذا ما ينطبق أيضاً على الملف النووي حيث شكلت المطالب الروسية الجديدة مطبات إضافية امام الإتفاق.
منذ أشهر طويلة، كانت مختلف القوى السياسية الأساسية تؤكد أن لبنان لا يمكن أن يخرج من أزمته الراهنة من دون حصول تطورات نوعية على مستوى المنطقة، نظراً إلى إرتباطها بالواقع القائم على المسرحين الدولي والإقليمي، الأمر الذي دفعها إلى ربط الملف اللبناني، على مدى العامين الماضيين، بالعديد من الإستحقاقات الخارجية.
إنطلاقاً من ذلك، ينبغي النظر إلى ما يحصل خارج لبنان من أجل فهم واقع الأزمة الحالية في البلاد، تضيف المصادر، حيث تعقدت مختلف الملفات التي كان من الممكن أن تنجز قبل الوصول إلى موعد الإستحقاقات النيابية، بدءاً من المفاوضات السعودية – الإيرانية وصولاً إلى مفاوضات فيينا التي تتناول الملف النووي الإيراني، من دون تجاهل التداعيات المترتبة على الحرب في أوكرانيا، خصوصاً في ظل ما تتركه من تداعيات خطيرة على مختلف الصعد.
في هذا الإطار، تؤكد المصادر انه من الضروري الإشارة إلى أن لبنان، بالإضافة إلى ملف الإنتخابات النيابية التي ستكون مسرحاً لتنافس مختلف القوى الإقليمية والدولية، يواجه ملفين أساسيين، من المفترض أن يبرزا بعد الإنتهاء من الإستحقاق الإنتخابي، الأول هو تشكيل الحكومة المقبلة أما الثاني فهو الإنتخابات الرئاسية، ومن المتعارف عليه أن الإنتهاء منهما يحتاج إلى تسوية تتخطى حدودها الأراضي اللبنانية.
من هنا، يصبح من المنطقي القول أن حصول الإنتخابات من دون تسوية مسبقة، رغم صعوبته، لن يكون هو المشكلة، بحسب المصادر، بل الإتفاق على كيفية إدارة البلاد في المرحلة التي ستلي، حيث سيكون من الصعب على القوى المحلية الإتفاق على آلية لتمرير الوقت، في حال لم تكن هناك من تسوية قد ولدت، لا سيما أن القوى الخارجية يبدو أنها تتجه إلى التصعيد في أكثر من ساحة.
ورأت المصادر المتابعة، إن هذا الواقع يجعل الوصول الى مثل هذه التسوية في لبنان صعباً للغاية، وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه شهر آذار لحصول انفراجات في لبنان، بعد توقيع الاتفاقات بالخارج، يبدو أن شهر آذار وما يليه سيحمل مفاجآت غير سارة على المنطقة، إلا بحال توقفت الحرب الروسية الأوكرانية بسحر ساحر.
vdlnews