سيناريوهات ساخنة بين أيار وتشرين

كتب طوني عيسى في” الجمهورية”:

ليس بسيطاً ما بدأ يجري في القطاع المصرفي. على الأرجح سيتخذ أشكالاً مختلفة في المرحلة الآتية، وسيكون بوابة لمرحلةٍ مالية ونقدية وسياسيةٍ صاخبة يستعدُّ البلد لدخولها في الأشهر القليلة المقبلة، ربطاً بالاستحقاقات المرتقبة، من انتخابات نيابية ورئاسية، وبالحكومة التي ستديرها وتشرف على هذه المرحلة.

بديهي أن يدخل القضاء على خطّ المشكلة المصرفية ويتلقَّفها، فيحدِّد المسؤوليات بعدالة ويفتح التحقيقات، بدءاً بجذور الأزمة التي تعود إلى عقود وانتهاء بما يحصل اليوم. وهذه التحقيقات تشمل القطاعات والوزارات والمرافق والأجهزة المعنية، بلا استثناء، لأنّ ملفاتها متداخلة أو مترابطة، وتشمل المصارف التجارية كما المصرف المركزي. ولا يمكن استثناء أي خلل في أي موقع من هذه العملية، لأنّ ذلك يعوق ظهور الوقائع في مواقع أخرى.

يعني ذلك أنّ هناك إجراءات كان يُفترض أن يتخذها القضاء، وقوانين كان يجب أن يقرّها المجلس النيابي سريعاً، وتدابير أخرى يتخذها حاكم مصرف لبنان والمصارف ووزارة المال والحكومة عموماً، بعد 17 تشرين الأول 2019 بساعات أو بأيام. لكن الجميع لم يفعل. وهذا ما توقّف عنده الخبراء والموفدون الدوليون بكثير من الاستغراب دائماً، ولم يجد أحد تفسيراً له.

لم يقم المجلس النيابي بسنّ قانون «كابيتال كونترول» يحمي الدولارات الباقية ويمنع حيتان المال من تهريب أموالهم المشروعة وغير المشروعة، ولم يتخذ أي تدبير لمنع التهريب على أنواعه، واختار المصرف المركزي توزيع أسعار مختلفة للدولار، ومن خلالها يجري ابتلاع الودائع بطريقة خفيَّة واستنسابية.

ولم تتخذ الحكومة أي قرار يوقف الهدر ويكشف الفساد المتراكم في كل مؤسسات الدولة، لا في الكهرباء ولا الاتصالات ولا سوى ذلك. وحتى مشاريع الموازنات اعتمدت فقط على زيادة الرسوم والضرائب، فيما خُطط التعافي لم يعترف بها صندوق النقد الدولي، لأنّها لا تقارب أي إصلاح. ولم يتحمَّس أي مسؤول لتسهيل التدقيق في أي مرفق. وأما القضاء فبقي صامتاً ومشلولاً.

يوحي ذلك بأنّ قوى السلطة بلا استثناء شريكة في شبكة المفاسد، بطرق مختلفة وبدرجات متفاوتة. فجميعها سعت إلى التعتيم على الفساد القديم وتغطية الفساد الجديد، لأنّ البديل هو انفضاحها وسقوطها سياسياً. ولو كان هناك طرفٌ واحد في السلطة بريئاً، لعاكَس الآخرين وكشف المخالفات قبل بلوغ الاهتراء الكارثي اليوم، أي بعد عامين ونصف العام.

لذلك، هناك استغرابٌ في العديد من الأوساط لما يجري اليوم في القطاع المصرفي. فـ«بعض» القضاء يتحرَّك لفتح «بعض» الملفات في «بعض» الجوانب من هذا القطاع، يغطيه «بعض» مَن في السلطة، وتحديداً الرئيس ميشال عون وفريقه ويدعمه «حزب الله». ويتصدّى لهذه «الهجمة» الآخرون من أهل السلطة والقضاء والمصارف والسياسة.

المتابعون يقولون: ما دفع فريقاً من السلطة إلى «الاستفاقة» اليوم وتحريك القضاء هو تحديداً مصالحه السياسية والمالية، ولو كان الأمر خلاف ذلك لما «نام» طوال هذه الفترة من الاهتراء وباركها.

ومن الواضح أنّ فريق عون يستخدم الضغوط القضائية لدفع خصومه إلى مقايضته سياسياً، وتحديداً في مسألة رئاسة الجمهورية. فإذا ما تحقَّق له هذا الهدف، عاد إلى المهادنة التي التزمها منذ تشرين 2019، وقبل ذلك بسنوات. وهو بالتأكيد، لا يرغب في فتح الملفات عشوائياً، في الملفات التي تعنيه أيضاً، لأنّ ذلك يعطّل طموحاته السياسية المقبلة.

عملياً، يستعيد فريق عون أسلوب «الصولد» الذي لطالما اعتمده في العديد من المحطات. وهو طبعاً لن يشنّ حروباً عسكرية، كما فعل في مرحلة 1988- 1990، لأنّ الظرف لا يسمح له بذلك، لكنه بالتأكيد قادر على الضغط أكثر مما فعل في مرحلة 2014- 2016، عندما عطَّل انتخابات الرئاسة وأبقى الموقع شاغراً إلى أن وقع عليه الاختيار.

الضغط الذي يُرتقب أن يمارسه فريق عون، بين أيار وتشرين، سيكون قاسياً على الأرجح. وإذا كان التلاعب بورقة تعطيل القطاع المصرفي هو البداية، فمن السهل توقُّع الانهيارات التالية، وما ستقود إليه.

خبراء المال يقولون إنّ أي تعثُّر يصيب مؤسسة مصرفية ذات شأن، في أي بلد، من شأنه أن ينعكس إرباكاً في القطاع ككل. والنماذج واضحة في الأزمات التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا.

وما يجري اليوم في لبنان قد يبدأ بفتح ملفات تستهدف مؤسسات مصرفية من الحجم الكبير والمصرف المركزي، في لحظةٍ غير مسبوقة من الإرباك المالي والنقدي والشلل الاقتصادي. وليس مضموناً أن تصل الملفات المفتوحة إلى خواتيمها وبسرعة، بل إنها قد تتَّسع كبقعة الزيت لتشلّ القطاع برمّته.

هناك مَن يقول إنّ اللحظة ستكون مناسبة لـ«حزب الله» للانتقام من النظام اللبناني القديم، القائم على ثنائية مارونية- سنّية، سياسياً ومالياً ومصرفياً. وهذا ما يريده بالضبط من خلال دعم الإجراءات القضائية الأخيرة.

ولذلك، هو سيستفيد من هذا الانهيار المصرفي لإعادة بناء القطاع على توازنات جديدة. وهذا المشروع عبَّر عنه القريبون من «الحزب» مراراً. وعلى الأرجح، هو يحظى أيضاً بموافقة الشريك في الثنائي الشيعي، الرئيس نبيه بري، ولكن بأساليب مختلفة.

يقول بعض المتابعين: قد تؤدي ضغوط عون و«الحزب» إلى نسف القطاع المصرفي القائم. وبعد ذلك، يتفاوضان على البديل. فيُعطى فريق عون مكاسب نيابية ووزارية ورئاسية، مقابل أن يُعطى «الحزب» ما يريد من توازنات في القطاع المصرفي، بدءاً بالحاكمية وانتهاء بتركيبة المؤسسات المصرفية.

ستكون هذه الخربطة جزءاً من المقايضات السياسية والطائفية المنتظرة، إذا شاءت الظروف عقد مؤتمر تأسيسي. ولكنها لا تتمّ من دون وجع. فالانهيار المالي والنقدي سيبلغ في هذه الحال حدوداً يصعب تصوُّرها، والعواقب الاجتماعية وربما الأمنية خطرة جداً.

وليس واضحاً أي سيناريوهات يمكن أن يعيشها البلد حينئذٍ، لكنها كلها خطرة، قبل أن تبدأ لملمة الأزمة والانطلاق من جديد، بتدخّل خارجي طبعاً.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

هذا ما سجله تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *