استئثار غادة عون بملفّات المصارف يعمّق أزمة القضاء اللبناني

كتب يوسف دياب في” الشرق الأوسط “:

عمّقت الملفّات القضائية التي فتحتها المدعية العامة في جبل لبنان غادة عون، واستهدفت بشكل مباشر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والقطاع المصرفي، أزمة القضاء اللبناني، وزادت من تضارب الصلاحيات بين مرجعياته؛ خصوصاً بعد توسيعها صلاحياتها على حساب المدعي العام المالي ورئيسها المباشر النائب العام التمييزي.
ورغم تقاذف السلطتين السياسية والقضائية مسؤولية ما آلت إليه الأمور، فإن قرار حجز القاضية عون على ممتلكات وعقارات ومنازل وسيارات رؤساء مجلس إدارة 6 مصارف لبنانية كبرى، ومنعهم من السفر، الذي استتبع بادعائها الجديد على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قطع الطريق على وسائل المعالجة، وأعطى المبرر لجمعية المصارف للذهاب نحو التصعيد والإضراب المفتوح الذي لوّحت به، علماً أن مصدراً قضائياً معنياً بالملفّ الخاص برياض سلامة لم يجد تفسيراً لخطوة القاضية عون الأخيرة. إذ اعتبر أن «ثمة علامات استفهام عن حصر الإخبارات المتعلّقة بحاكم البنك المركزي والقطاع المصرفي بهذه القاضية دون سواها». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أنها تحظى بغطاء سياسي من الباب العالي (رئيس الجمهورية)، وليس ثمّة من يحاسبها أو يفرمل اندفاعتها»، مذكراً بأن «الملفّ الذي جرى توقيف شقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة على أساسه، هو نفس الملفّ الذي تحقق به النيابة العامة التمييزية، والذي لم تستكمل المراسلات الخارجية بشأنه».
وتلوذ المرجعيات القضائية بالصمت حيال ما يجري في أروقة قصور العدل؛ خصوصاً بعد الصراع الخفيّ مع الحكومة ورئيسها، وغداة رفض كلّ من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس هيئة التفتيش القضائي، تلبية دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى حضور جلسة مجلس الوزراء السبت الماضي، للبحث عن حلّ قانوني لقرار إقفال مصرف «فرنسبنك» بالشمع الأحمر، إلا أن النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي اعتبر أن «المسؤولية تقع على عاتق السلطة السياسية لوضع حدّ لهذه الفوضى القائمة، وإيجاد حلّ لاستعادة أموال الناس العالقة في المصارف». وعمّا إذا كانت القاضية عون تمارس صلاحياتها أم أنها تتمادى بها على حساب مراجع أخرى، أكد ماضي لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر «يحتاج إلى التمييز بين صلاحيات القاضية عون وصلاحيات المدعي العام المالي، الموكل إليه بحسب القانون التحقيق في الجرائم التي تطال المال العام»، داعياً إلى «معالجة أساس المشكلة، وهي أموال المودعين التي تبخّرت، ولا بد من وضع إطار قانوني لاستعادتها». وشدد ماضي على أن «الحلّ يبدأ بتطبيق قانون تبييض الأموال ورفع السرية المصرفية عندها، فيتبيّن من بيّض الأموال ومن حقق ثروة على حساب المال العام وأموال المودعين».

المتضررون من إجراءات المدعية العامة في جبل لبنان يتهمونها بدفع الأمور نحو الفوضى تنفيذاً لرغبة مرجعيتها السياسية، أي رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه، وهو ما أشار إليه رئيس مجلس شورى الدولة الأسبق القاضي شكري صادر، الذي شدد على أن «القاضي المحسوب على مرجعية سياسية أو معيّن من قبل مرجعية سياسية تبقى قراراته عرضة للتشكيك». وشنّ هجوماً على القاضية عون، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه قاضية متمرّدة على رئيسها المباشر (النائب العام التمييزي) وعلى مجلس القضاء الأعلى وعلى التفتيش القضائي، كما أن ضعف هذه المرجعيات وعجزها عن المعالجة أوصلت الأمور إلى هذا الدرك»، مستغرباً كيف أن هذه القاضية «تتصرفّ كأنها مرسلة من السماء، وتحمل وحدها سيف العدالة لتحاسب البشر».
ويبدو أن الأمور لا تقف عند الإجراءات التي طالت 6 مصارف كبرى، بالإضافة إلى مصرف لبنان، بل تحوّلت إلى كرة ثلج متدحرجة تنذر بالأسوأ، ويلفت القاضي شكري صادر إلى أن هذه القرارات «وضعت البلاد أمام خطر داهم يطال الانتظام العام، ويهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي والمالي حتى الأمني، وعلى المسؤولين أن يدركوا أن الحفاظ على مسلمات الأمن الأربع أهم من الاعتبار القانوني، لأن فيها إنقاذاً للبلد».
وترفض القاضية عون تبلّغ دعاوى الردّ المقدمة ضدّها من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، التي تلزمها برفع يدها عن الملفات المتعلّقة به، بعدما اعتبر أن «ملاحقته من قبل هذه القاضية تأتي ضمن عملية سياسية ممنهجة لتشوية صورته». علماً أن المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، تبلّغ جميع دعاوى الردّ المقدمة ضدّه من المدعى عليهم، ما أدى إلى رفع يده عن الملفّ وتجميد التحقيقات في هذا الملفّ.

وفي انتقاد واضح لما أسماه «ازدواجية المعايير» المعتمدة في الملفات المالية، أشار رئيس مجلس شورى الدولة السابق إلى أن «الإجراءات القانونية التي تطال المصارف قد تكون محقّة وقد لا تكون، إنما هذه الإجراءات تعرّض الاستقرار في البلاد للخطر، وعلى الحكومة أن تتدخّل وتتصدّى بسرعة، لأن المصلحة العليا للبنان باتت في خطر». وسأل: «هل اتخذت القاضية عون أي تدبير قانوني بحق مؤسسة (القرض الحسن)، التابعة لـ(حزب الله)، رغم تقديم دعاوى أمامها ضدّ هذه المؤسسة؟ هل اتخذت أي إجراء بحق (سيدروس بنك) الذي يتردد أن مقربين من رئيس الجمهورية يملكونه، وأن رئيس الجمهورية ميشال عون جدد ولاية كاملة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في العام 2017 بعد أن موّل الأخير هذا المصرف بموجب الهندسات المالية التي أجراها؟». ودعا القاضي الحكومة إلى «وضع خطّة إنقاذ للوضع المالي، تبدأ بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، كي لا ينهار بشكل كامل، وتذهب أموال المودعين إلى غير رجعة».

المصدر : الشرق الأوسط

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *