كتب راجح خوري في” النهار”:
لم يكن أو يبقَ من منظومة سياسية تحول دون خراب هذا البلد نهائياً، فالعصابة الموجودة تدفع به الى هاوية التحطم النهائي أو الى جهنّم وبئس المصير!
قطعاً ليس هناك من يعرف المسؤولية ويقدّر معنى حماية الناس من البؤس، أولم يقل الرئيس ميشال عون لمجلة “باري ماتش” إن السياسيين هم حماة الفساد والنهب في البلاد، ولكن ماذا فعل فخامته طوال عهده القوي، لمعالجة هذا السرطان الذي يقتل لبنان واللبنانيين؟ لم يفعل شيئاً. أعطونا اسم فاسد واحد يقف وراء القضبان، هذا بينما تُشنّ عبر بعض القضاء، حملة ممنهجة لتدمير ما بقي من القطاع المصرفي، ومتى، في وقت لا يقول فيه عون صباح الخير أو مساء الخير، من دون أن يكرّر وعده العظيم للشعب، عن حرصه على أموال المودعين، وخصوصاً الصغار منهم في المصارف، وعن أعجوبة “الكابيتال كونترول” التي تجهّزها حكومة عهده الساهر علينا، وكل ذلك بعد أعجوبة العجائب التي اجترحتها حكومة الموهوب حسّان دياب بالامتناع عن دفع ديون لبنان، معتبرة خلال اجتماعها في بعبدا، أنها اجترحت بطولة بالامتناع عن دفع ديون لبنان، بينما كانت بهذا ترتكب جريمة لجعل لبنان بلداً متسوّلاً.
هل قرأ عون والرئيس النجيب ميقاتي وكل جوقة الحرص على ودائع المودعين في المصارف، التي تُدق طبولها منذ ثلاثة أعوام، تفاصيل النقاشات والتصريحات التي تلت جلسة اللجان النيابية التي عرضت عليها وريقة تقول الحكومة إنها برنامج “للكابيتال كونترول”، قال كل النواب إنها ورقة مسخرة المساخر ووصفة تافهة لا بل مجرمة، هدفها السطو على ما بقي من فلس أرملة المودعين في المصارف، الى درجة أن يندم النائب الفذّ نقولا نحاس لأنه وقّع عليها في ليلة ظلماء طبعاً.
منذ بدأ عون يدق دربكات الحرص على أموال المودعين كان هناك ٣٤ مليار دولار في المصرف المركزي، فهل يعرف أحد أين ذهبت، وهل أدّت دوراً مثلاً في دعم الأشقاء عبر الحدود، ونحن نطارد رياض سلامة والمصرف المركزي، لمجرّد أنه كان يستجيب لطلبات تمويل دولة العصابات السياسية التي تحدّث عنها عون، وبينها على سبيل المثال لا الحصر دفع ٤٣ مليار دولار على قطاع الكهرباء أي ما يساوي نصف الدين العام، الذي كان ولا يزال في يد التيّار الوطني الحر وبواخره التركية ووعود الـ٢٤٪٢٤.
برنامج سرقة بعنوان “كابيتال كونترول” بعد انتظار ثلاثة أعوام، ويطالب بوقاحة متناهية بتجميد أموال المودعين لخمس سنوات وبإمكان تمديد هذه المهلة، وهذه شرعنة قبيحة للاستيلاء على أموال المودعين أي لسرقتهم، وأيضاً تمهيد لتغيير طبيعة النظام المالي، وبالتالي هل هذه خطة يمكن أن يوافق عليها البنك الدولي، الذي يعرف علّة لبنان جيداً، وأن الفجوة الأساسية تقع على عاتق دولة النصب والنهب والاحتيال، وخصوصاً منذ عام ٢٠١٩ كما قال المسؤول السابق في البنك الدولي محمد الحاج.
وفي السياق الواقعي والمعروف أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة وسرقاتها المستمرّة حتى الآن، ولطالما حذّر رياض سلامة من أن القطاع العام جعل منه السياسيون وحشاً يأكل القطاع الخاص الذي يصنع ازدهار لبنان، لكن طلبات دولة النهب والسرقة لم تتوقف يوماً عن مطالبة المصرف المركزي بتأمين تمويلها، فكان يستعمل أموال المصارف التي استعملت بدورها أموال المودعين، بما يعني عملياً أن فجوة الستين ملياراً تقع على عاتق دولة العصابات التي ترفض الإصلاح اليوم وغداً، وأن الباقي الذي لا يزيد عن سبعة مليارات دولار تتحمّله المصارف.
في أيّ حال، لم يكن أحد يتصوّر أن حكومة النجيب ستأتي بخطة لقيطة وهزيلة تسمّيها “كابيتال كونترول” تسرق ما بقي من أموال المودعين صغاراً قبل الكبار، وضعتها على أنغام العزف اليومي في بعبدا وغيرها “للمخمّس المردود: الحرص على أموال المودعين” … حرام!