كتب خالد أبو شقرا في” نداء الوطن”:
تعويضاً عن الفشل في إقرار قانون “كابيتال كونترول” منطقي وعادل يساوي بين جميع المودعين في الحقوق والواجبات، حاول النواب إرضاء شريحة من المودعين بإقرار قانون الدولار الطالبي. وعلى غرار كل اقتراحات القوانين، خرج القانون مشوّهاً من الجلسة العامة. حيث طلب عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب إيهاب حمادة احتساب سعر الصرف للتحويلات على أساس 8000 ليرة للدولار وليس 1500 كما نص الاقتراح. وعليه فان الحد الأقصى للتحويلات المحدد بـ10 آلاف دولار أصبح يساوي 80 مليون ليرة، وليس 15 مليوناً كما نص الاقتراح الاساسي قبل أن يرده رئيس الجمهورية.
إحتساب سعر صرف التحويل إلى الخارج لصالح الطلاب اللبنانيين على أساس 8000 ليرة للدولار يعني عملياً أن عدداً كبيراً من أولياء الطلاب في الخارج سيعجزون عن تحويل مستحقات الجامعات عن هذا العام أو الاعوام التي ستليه. ولا سيما أن القانون سمح بالتحويل سنوياً للطلاب المسجلين في الجامعات والمعاهد التقنية العليا خارج لبنان قبل العام الجامعي 2020 – 2021 لغاية التخرج، على أن لا يتجاوز مجموع سنوات الاستفادة من هذه المبالغ عدد السنوات المقررة للاختصاص.
التشويه لم يطل فقط سعر الصرف إنما أيضاً تم إلغاء البند الجزائي المدرج في اقتراح القانون والمرتكز على المادة 670 عقوبات، والتي تجيز فرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى سنتين لممثلي المصارف الممتنعة عن التنفيذ بجرم إساءة الأمانة. وعلى ما يبدو أن “هذه المادة لم تعجب ممثلي جمعية المصارف فأزيلت من القانون”، بحسب أمين سر الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية د. ربيع كنج. وبالتالي جرّد أهالي الطلاب في الخارج من أداة الضغط الأقوى لمنع المصارف من الاستنساب، أو حتى الامتناع في كثير من الاحيان عن تحويل المبالغ. وذلك جرياً على التجربة معها بتطبيق القانون 193/2020 في العام الماضي. و”في حال امتناع المصرف عن التحويل لا يبقى لنا إلا التوجه إلى قضاء العجلة”، يقول كنج، و”ما أدراك ما عجلة هذا القضاء. حيث أن البت بدعوى شخصية أمامه تطلبت أكثر من سنة ونصف السنة”. هذا ولم يشمل القانون الطلاب الذين لا يملك ذووهم حسابات مصرفية.
فرحة الأهالي بالتعديلات التي أدخلت على القانون 193/2020 قبل أن يرد القانون رئيس الجمهورية، قوّضها الشكل الأخير الذي خرج به صباح أمس من الهيئة العامة”، بحسب كنج. “حيث تغيرت ماهية القانون ومضمونه. ولم يعد عادلاً أو منصفاً بحق الأهالي. ومما زاد التشفي بحقوق الطلاب الذين يتعلمون في الخارج هو عدم الأخذ برأي أوليائهم و”الجمعية” التي تمثل العدد الأكبر منهم”.
تجدر الإشارة إلى أن عدد الطلاب اللبنانيين في الخارج يفوق الـ10 آلاف طالب، إذ يوجد في فرنسا وحدها ما يقرب من 4000 طالب. وهناك نحو 1200 طالب في أوكرانيا، أي نحو 5200 طالب في دولتين فقط. وعليه فان ما سيحوّل لصالح الطلاب سنوياً سيتراوح بين 100 و150 مليون دولار، أو ما يقدر بأكثر من نصف مليار دولار للسنوات الأربع القادمة. وهو الامر الذي يعيدنا إلى النقطة الجوهرية المتمثلة بخطورة العجز عن وضع ضوابط عادلة على حركة الرساميل، وترشيد ما تبقى من احتياطيات عملات أجنبية.