هل تفلس المصارف المركزيَّة؟

لماذا فاجأ إعلان نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي عن إفلاس الدولة ومصرف لبنان، كل فئات المجتمع من مواطنين عاديين ومودعين وصولاً حتّى الى خبراء ماليين ومسؤولين سياسيين؟ أليست المصائب التي تتوالى على الشعب اللبناني منذ اندلاع الأزمة في 2019، من تخلّف عن سداد الديون الخارجية وحجز الاموال وانهيار الليرة وتحويل الودائع الى الليرة وفرض سقف للسحوبات النقدية بالليرة وانقطاع المواد الاساسية الحيوية والغذائية والصحية وارتفاع نسَب التضخم ومعدل البطالة والفقر الى مستويات قياسية، مؤشرات على إفلاس الدولة؟

قد يكون المصطلح غير قانوني وتقني، باعتبار انّ الدولة غير مفلسة لأنها تمتلك أصولا ويمتلك مصرف لبنان احتياطياً من الذهب، رغم انه لا يغطي فجوته المالية، إلا انه صحيح ان الدولة مفلسة على صعيد السيولة النقدية المتوفرة لديها، كذلك الامر بالنسبة للمصرف المركزي. ولو تجرّأ احد من المسؤولين منذ العام 2019 على إعلان حقيقة الوضع المالي للدولة والقطاع المصرفي، لَما كان تصريح الشامي قد أثار هذا الكمّ من الاستهجان والهلع لدى المواطنين، الذين وبعد حوالى 3 اعوام، ما زالوا في حالة إنكار ويأملون، بسبب وعود حكّامهم الواهية، باستعادة ودائعهم كاملة، ولم يستدركوا بعد حجم وعمق الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاقَبَ السياسيون وأمعنوا في تفاقمهما منذ التسعينات.

إلا ان غالبية متلقّفي تصريح الشامي، اعتبروا انه تمهيد للاعلان عن خطة التعافي التي تتفاوض الحكومة عليها مع صندوق النقد الدولي، والتي من المفترض ان يفرج عنها بعد توقيع الاتفاق المبدئي مع الصندوق، حيث سيتم الاعلان رسمياً عن طريقة توزيع الخسائر بين الدولة، مصرف لبنان، القطاع المصرفي والمودعين.

في هذا الاطار، رأى الباحث في الشؤون المالية والإقتصادية البروفسور مارون خاطر انّ «التصريح المُلتبس لنائب رئيس الحكومة أثار بلبلة في الأوساط المحليّة والعربيّة والعالميَّة. لم يشكّل الكلام عن لبنان المتعثّر عن سداد ديونه منذ العام ٢٠٢٠ مفاجأةً في حد ذاته بل في توقيته واهدافه وباستعمال مصطلح «الإفلاس» وهو لا ينطبق على الدّول ولا على مَصَارِفِها المركزيّة. تراجع الشامي عن موقفه وتراجع عنه أيضاً رئيس الحكومة مُبَدِّلاً الملاءة بالسيولة ومصحِّحاً الخطأ بخطأ». واعتبر خاطر ان التوقيت جاء مفاجئاً لتزامنه مع تزخيم التفاوض مع صندوق النَّقد الدولي ومع التسريبات المستغربة عن التوصّل إلى اتفاق وشيك. أمَّا المفارقة فهي أن المفاوضات مع الصّندوق، والتي يترأسها الشامي نفسه، ترتكز على إقرار خطة تعاف اقتصاديَّة تشمل إعادة هيكَلة الدَين العام المتعثّر السداد وليس على «إدارة تفليسة».

قال: في التوقيت أيضاً، يأتي كلام الشامي بعد سنتين ونصف من محاولة إبعاد كأس التعثّر الداخلي، وبالتالي التعثر الكلّي. أليس لأجل ذلك تمَّ تمويل الاستيراد ظُلمًا عبر استنزاف الاحتياطي في الوقت الذي أمَّن فيه طبع العملة دفع الرواتب؟ في اهدافه، وفي سياق تصويبه على فَداحة الأزمة، قد يكون الكلام عن الإفلاس يمهّد لتوزيع الخسائر إنطلاقاً من رؤية نائب رئيس الحكومة كما شَرَحها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهي ترتكز على مساهمة متواضعة للدولة وللمركزي.

أضاف: أمّا إن كان كلام الشامي غير مقصود أو صدرَ عن طريق الخطأ، فمشكلة أيضًا. تناقلت وكالات أنباء عربيَّة وعالميَّة تصريحات الشامي التي راجَت أيضاً على مواقع التواصل. أما تداعياتها فأتت محدودة بسبب غياب عنصر المفاجأة على الرغم من صدور مقالات في صحف عربية أبدت تخوّفَها من خسارة ودائع دولها المودعة لدى مصرف لبنان. في سياق مُتَّصِل، تحدثت تقارير إعلاميَّة عن تَحَرُّك الدائنين من حملة اليوروبوندز باتجاه التفكير الجدّي بمقاضاة دولتنا التي تقاعست عن مفاوضاتهم.

بالنسبة الى توزيع الخسائر ودور أصول الدولة في إطفائها، اشار خاطر الى انه في مقاربتها لموضوع توزيع الخسائر، «يستند الفريق المفاوض مع صندوق النَّقد الدَولي إلى عدم مَيل الصُّندوق الى استخدام موجودات الدَّولة في أطفاء الخسائر. أمَّا السبب وراء ذلك فحرص الصندوق على تحقيق استدامة الدين العام. يُلقي هذا التوجه بالجزء الأكبر من الخسائر على المصارف والمودعين في ظلّ عجز المصرف المركزي عن الإيفاء بالتزاماته. إستطردًا، وانطلاقاً من مبدأ «هرمية الذمم» الذي يعتمده، سيلجأ صندوق النَّقد الى الأموال الخاصة للمصارف لتغطية خسائر القطاع المالي قبل اللجوء الى أموال المودعين».

تابع: بناء على ما تقدم، وبسبب الحاجة إلى تشريعات استثنائية معقدة وبسبب صعوبة تسييل الأصول، يبدو أنه لن يتم اللجوء إلى بيع أصول الدولة وموجوداتها أو خَصخصتها من أجل إطفاء جزء من الخسائر وفي ذلك ما هو إيجابيّ. فهذه الأصول مُلكٌ لجميع اللبنانيين. لذلك فاستعمالها لإطفاء خسائر تسبّب بها حكّام متعاقبون عبثوا بالدولة ودَمَّروا مُقَدَّراتها تدميراً ممنهجاً يبقى غير مُحق. وفي غياب المحاسبة، لن يكون التخلي عن أصول الدولة بيعاً أو خصخصة إلا من قبيل هدر ما تبقَّى مما لم يُسرَق أو بيعه بأبخس الأثمان بعد تدميره أو تعطيله. في انتظار إنتاج سلطة جديدة تُقصي الفاسدين، من المُمكن عزلهم ومَنعِهِم من إدارة مرافق الدولة عبر إنشاء «صندوق سيادي» بإدارة دولية تساهم عائداته في سداد جزء من الفجوة المالية.

هل تفلس المصارف المركزيَّة؟

اوضح خاطر انّ المصارف المركزية لا تُفلس ولا تُطَبَّق عليها القواعد المحاسبيَّة التي تُطَبَّق على المصارف. وهي ليست ملزمة بإعادة الرسملة إذ يمكنها أن تستمر بعملها حتى وإن أصبحت رؤوس اموالها سلبية. قد تتعرض المصارف المركزية للإفلاس المحاسبي إلا أنه لا يؤثر على استمرار عملها. أما كلام نائب رئيس الحكومة عن «إفلاس» المصرف المركزي فالمقصود منه أنّ المصرف المركزي ليس لديه حاليًّا قدرة الايفاء بالتزاماته بسبب تراكم عجزه الذي تخطى 60 مليار دولار. واعتبر ان كلام الشامي يدخل أيضًا في سياق إعادة توزيع الخسائر، فهو يُشير من ناحية الى أنَّ مصرف لبنان هو المسؤول أمام المصارف التي يَدين لها بالجزء الأكبر من التزاماته (مما يُبَرِّر عجزه)، ثم يؤكد من ناحية ثانية وفي سياق الحديث نفسه أنَّ الدولة والمركزي (وهما عاجزان بحسب قوله) والمصارف والمودعين يتحملون الخسائر معًا بناءً على ما تقدَّم، فإنَّ استخدام نائب رئيس الوزراء لمصطلح «الإفلاس» كان غير موفّق وقد يكون غير مقصود به إفلاس المصرف المركزي الذي يَعني عمليًا إفلاس المصارف.

المصدر : الجمهورية

Ads Here

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

سعر صرف الدولار نهاية الأسبوع ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *