ودّعوا ودائعكم… لن يعود من “قُبْعها” إلا الربع!

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

إستعارت الحكومة في “مذكرة التفاهم مع صندوق النقد الدولي” من عالم الزراعة فنّ التقليم. فإزالة جزء كبير من أغصان شجرة الدين الهائلة وأفرُعها “الذابلة”، سيؤدي برأيها إلى “تزهير” النمو، و”اخضرار” أوراق ميزان المدفوعات، والقضاء على آفات تعدد أسعار الصرف، وإبعاد الاهتراء عن عجز الخزينة. لكن ما لم تعره الخطة أي اهتمام، هو أن التقليم غير الصحيح قد يؤدي إلى ترك “شجرة” الاقتصاد من دون “ثمار” لمواسم عديدة.

ما ورد مواربة في الاتفاق المبدئي الموقع مع بعثة صندوق النقد لجهة شطب الودائع Haircut، أعلنت عنه “المذكرة” المنوي اعتمادها بشكل صريح. إذ سيتم “بادئ ذي بدءٍ شطب جزء كبير (نحو 60 مليار دولار) من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية إزاء البنوك التجارية. وذلك من أجل إغلاق صافي وضع المصرف في ما يتعلق بالعملات الأجنبية. وتتضمن الاستراتيجية بحسب الورقة المسرّبة “إعادة رسملة “المركزي” جزئياً بسندات سيادية قدرها 2.5 مليار دولار، يمكن زيادتها إذا اتسق ذلك مع قدرة الدولة على تحمّل أعباء الدين العام. أمّا ما تبقّى من الخسائر السلبية في رأس المال، فسوف تلغى تدريجياً على مدى 5 سنوات.

تناقض فاقع

بعيداً من الوعود الرنانة بحماية حقوق المودعين التي “طبل” المسؤولون رأس الشعب بها، فـ”إننا لا نعرف حتى الآن مدى جدّية وصحّة النصّ المسرّب إلى الإعلام حول خطّة التعافي الجديدة تحت عنوان “مذكّرة بشأن السياسات الاقتصادية والمالية”، لأنه لم يصدر عن الحكومة بصورة رسمية”، يقول النائب السابق لحاكم مصرف لبنان د. غسان العيّاش، “لكن إذا كان النصّ صحيحاً، يمكن القول إنه جاء مفاجئاً وصادماً في آن معاً، لأن ما تضمّنه تحت عنوان “سياسات القطاع المالي” ينطوي على تناقض فاقع بين بنود الإصلاح المالي، وبين الأهداف المعلنة في الخطة المفترضة”.

الأهداف وفقاً للنصّ تقوم بحسب العياش على “إعادة النظام المصرفي إلى وضعه الصحّي بسرعة لأجل استعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وتهيئة الظروف لنموّ اقتصادي قويّ. لكن الإجراءات التي تتضمّنها الخطّة المفترضة لا تخدم هذا الهدف، بل تسعى إلى عكسه، إذ إنها تنصّ على شطب “تعسّفي” في حدود 60 مليار دولار من مصرف لبنان بالعملات الأجنبية من أجل تصفية الخسائر الجسيمة بالعملات في المركزي”. يفهم من ذلك أن “الحكومة قرّرت بدون مسوّغ تجنيب الدولة تحمّل أي جزء من الخسائر وتحميلها إلى المصارف وزبائنها. وحيث إن مجمل الأموال الخاصّة في المصارف تبلغ حوالى 20 مليار دولار، فذلك يعني أن المودعين سيتحمّلون 40 مليار دولار من أصل الخسائر التي “لا ناقة لهم فيها ولا جمل”، بل هي نجمت عن السياسات النقدية والمالية”، بحسب العياش، و”بصورة أخصّ سياسة سعر الصرف المغامرة، بل الانتحارية منذ سنة 2015، عندما نضبت الاحتياطات النقدية الخاصّة للمصرف المركزي، وبدأ استخدام الودائع المصرفية لتثبيت سعر الصرف”.

الرسالة السلبية

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفى عند استقباله وفد جمعية المصارف أن تكون نيّة الحكومة متّجهة إلى “البطش بالودائع”. مؤكّداً أن “حكومته تسعى إلى الحفاظ على حقوق الناس”. لكن ما قرأناه في الخطة الحكومية المفترضة، يفهم منه عكس ذلك”، من وجهة نظر العيّاش. وهو “يوحي بأن خطّة التعافي الجديدة تريد تغريم المصارف بنسبة توازي 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، والمودعين مبلغ 40 مليار دولار أي ضعفي الناتج، وهذه ستكون أكبر خسارة للمودعين منذ تأسيس الاقتصاد اللبناني”.

هذا الأمر إذا صحّ، فلن يكون بمستطاع الحكومة تحقيق مضمون خطابها الساعي إلى طمأنة المودعين. ناهيك عن التسبّب بعجز الحكومة عن إعادة إطلاق الاقتصاد اللبناني. فهذه التدابير برأي العيّاش “لن تساعد على إعادة رسملة المصارف لأنها ستكون أوّلاً رسالة سلبية للمساهمين الحاليين في المصارف، الذين تفترض الخطة أنهم سوف يرفدون مصارفهم بأموال إضافية من الخارج لإعادة رسملتها بعد تحقيق الخسائر. كما لن يشجّع ذلك المساهمين الجدد للمشاركة في النظام المصرفي الجديد بعد إعادة الهيكلة؛ ناهيك عن حذر المودعين المستقبليين من إيداع الأموال في القطاع المصرفي اللبناني”.

ممنوع المسّ بالودائع

لا تقتصر خطورة الإجراءات المنوي اعتمادها على وضع العصي في دواليب الاقتصاد في مرحلة التعافي، إنما تتعداها، بحسب الخبير الاقتصادي د. نيكولا شيخاني، إلى هروب المنظومة وكل من تسبب بالانهيار من المحاسبة. وبحسب شيخاني فإن “إعادة هيكلة مصرف لبنان على حساب المودعين من خلال شطب التزاماته لدى المصارف من خلال الليلرة، سيترجم بأربع نتائج خطيرة، وهي: “تدهور سعر الصرف، تدهور القوة الشرائية، Haircut مقنع على المودع، بالإضافة إلى الهروب من المحاسبة”. فـ”المركزي”، برأيه، “هو مصرف الدولة وعليها إعادة هيكلته من خلال أصولها فقط، وليس على حساب المودعين”.

تذويب حقوق المودعين

ما يجري التحضير له لـ”طمس” معالم جريمة إفلاس القطاع العام والسطو على المال الخاص، ومن ثم الانطلاق من جديد على قاعدة المسؤولين الذهبية “عفا الله عمّا مضى”، سيدفن الاقتصاد هذه المرة تحت “سابع أرض”. فحقوق المودعين في المصارف وجنى عمرهم والمحرك الدائم لأي نشاط اقتصادي عبر الإقراض لن يعود منها الشيء الذي يذكر، مع تقدم الزمن. فما يراد إرجاعه للمودعين، أو بعبارة واضعي خطط التعافي: “المبالغ المنوي حمايتها في القطاع المصرفي”، تتضاءل حتى تكاد تذوب إن بالمباشر، وإن عبر تقسيطها على سنين طويلة. فخطة حكومة الرئيس حسان دياب مع “لازارد” بدأت بحماية 98 في المئة من المودعين، واقتطاع جزء من الودائع التي تفوق 500 ألف دولار لغرض الـBail in. هذا المبلغ انخفض مع “برنامج الإصلاح الحكومي” الذي ناقشته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى حماية الودائع التي تقل عن 150 ألف دولار جزئياً، من خلال إرجاعها بالدولار إنما على فترة طويلة، والتصرّف بالشريحة الباقية. حيث تدفع الودائع بين 150 و500 ألف ليرة بالليرة على سعر السوق (صيرفة)، وتتحول الشريحة فوق 500 ألف إلى أسهم. أما الورقة الأخيرة المعنونة بـ”مذكرة التفاهم مع صندوق النقد الدولي” فتنص على حماية الودائع في حدود تصل إلى 100 ألف دولار. وفي ما يتعلق بالودائع التي تتخطى الحدّ الأدنى المستفيد من الحماية، فيصار إلى تحويلها إلى حصص ملكية أو حذف جزء منها، كما تحويل جزء من ودائع العملات الأجنبية إلى الليرة بأسعار صرف ليست تبعاً لسعر سوق القطع. وهذا ما يعني أنه لن يعود من “قُبع” ودائعهم… ربعها.

بإمكان الدولة التعسّف قدر ما تشاء في استعمال قوّتها لمعاقبة المودعين والمساهمين، وجعلهم يدفعون ثمن الكارثة، “إلا أن ذلك يقود إلى نهاية نظام لبنان المصرفي إلى زمن بعيد”، يختم العياش.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *