لم يُضف التقرير الذي أعدته وزارة الخارجية الأميركية حول تقدير القيمة الصافية ومصادر ثروة الرئيس النظام السوري بشار الأسد وعائلته أي جديد، وكأن الوزارة أعدته لرفع العتب لا أكثر.
وقدر التقرير الذي أعدته الخارجية بطلب من الكونغرس، القيمة الصافية لثروة للأسد وعائلته بين مليار وملياري دولار، مبينة أنه ليس بوسعها أن تقدم سوى تقدير غير دقيق لهذه الثروة، لأنها تظن أن عائلة الأسد تمتلك أصولاً بأسماء وهمية أو من خلال صفقات عقارية مبهمة.
وما إن تم نشر الجزء العلني من التقرير، حتى بدأت الانتقادات توجه للوزارة الأميركية، من حيث أن التقرير لم يأت على حجم التوقعات، واعتمد في غالبه على معلومات مصادر مفتوحة.
سوريا ليست أولوية
ويؤكد التقرير “عديم القديمة”، من وجهة نظر مدير الأبحاث بمركز السياسات وبحوث العمليات كرم شعار، أن الملف السوري ليس على أولويات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مضيفاً ل”المدن”، “يبدو أن وزارة الخارجية الأميركية لم تعِر أي أهمية للتقرير إلا في وقت متأخر أو بعد انقضاء المدة المحددة ب120 يوماً، التي أعطاها مجلس النواب الأميركي للحكومة بعد اعتماده من الكونغرس في مطلع العام 2022، أو أن الطلب نُسي تماماً”.
ويقول شعار إن التقرير اعتمد على معلومات ومصادر مفتوحة، ولم يضِف أي قيمة، ويشير إلى وجود معلومات وملحقات للتقرير ضمن الملحق السري، قبل أن يستدرك: “لكن استبعد أن يكون في ذلك الملحق أي قيمة أو إضافة”.
وينطوي التقرير على مغالطات، منها على سبيل المثال حديث التقرير عن توقف تداول أسهم شركة “سيرتل” للاتصالات الخلوية في سوق أوراق دمشق، رغم أن أسهم الشركة عادت للتداول بعد توقف لفترة محدودة. ويدفع ذلك إلى القول إن “التقرير أكد مرة ثانية أن الملف السوري ليس من أولويات واشنطن، والواضح أنه جاء رداً على الضغط من أعضاء الحزب الجمهوري، والمنظمات السورية”.
شهر المحاسبة
وكان من المرتقب أن يشكل التقرير “فضيحة” جديدة للأسد، وخصوصاً أن واشنطن كانت قد أعلنت في آذار/مارس، عن محاسبة النظام عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، لكن فقر المعلومات التي تضمنها التقرير، لم تجعله أفضل من “شهر المحاسبة” الذي انتهى من دون تسجيل تحرك جاد ضد النظام السوري، باستثناء الوعيد الأميركي على مواقع التواصل للأسد بأنه لن ينجو من العقاب.
ويصف الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن بسام بربندي التقرير ب”المخيب للآمال”، ويقول ل”المدن”: “لم يرقَ التقرير إلى المستوى المطلوب من جهة بأهمية وزارة الخارجية الأميركية”، ويبيّن أن “طريقة كتابة التقرير عكست عدم اهتمام إدارة بايدن بالملف السوري، وحتى بالرأي العام السوري”.
ويحمل بربندي عدم اهتمام الإدارة الأميركية حتى بالرأي العام السوري بشكل جزئي إلى أن الشخصيات السورية التي تتعاطى مع الإدارة الأميركية بخصوص الملف السوري، هي دون المستوى، ويقول: “للأسف الشخصيات تسعى إلى كسب إرضاء الإدارة، بدلاً من تحفيز الإدارة”.
ما حجم ثروة الأسد؟
ومن اليقين في سوريا، أن ثروة الأسد وعائلته تتجاوز الأرقام التي جاء عليها التقرير (بين مليار وملياري دولار) بكثير.
ويشير كرم شعار إلى غياب المصادر التي تقدر وتحصي حجمها، ويقول: “برأيي قد تكون ثروة الأسد محدودة فعلاً، لأنه يسيطر على ثروات ضخمة بشكل غير مباشر”. وأوضح أن “لدى الأسد واجهات اقتصادية عديدة ولديه أذرع مالية للوصول إلى الموارد المالية، وهذا ما يعقد فعلاً الإحاطة بالكتلة المالية التي يتحكم بها، والمليار أو الضعف هو رقم صغير عند الحديث عن الأسد الذي يعد أثرى أثرياء سوريا من دون منازع”.
وكانت مصادر “المدن”، قد أكدت في وقت سابق أن الهدف الأميركي الأول من الكشف عن حجم ثروة الأسد وعائلته التأكيد على استحالة تعويم النظام السوري وعلى وجه التحديد رأسه بشار الأسد، عبر سدّ مصادر التمويل، ووضع الدول المطبعة مع دمشق بحقيقة سلوك الأسد لجهة الحصول على المال.
ch23