كتب جوزف فرح في” الديار”:
برسم وزيري المالية والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان .
المواطن اللبناني هو الضحية في هذه الازمة وهذا الانهيار، فهو الذي احتجزت امواله في المصارف وهو الذي تحمله خطة التعافي الخسائر رغم انها اموال «لاخرته» وضمان شيخوخته او لوقت الضرورة انطلاقا من مقولة «خبي قرشك الابيض ليومك الاسود» وهو الذي لم تعد بطاقته المصرفية تصرف في اي متجر او محطة محروقات وهو الذي باتت المصارف ترفض قبول شيكاته المصرفية وهو الذي عليه التعايش من فتات ودائعه لتأمين معيشته وتنقلاته واقساط مدارس اولاده وصحته وربطة خبزه وبالتالي الفقر امامه والفقر وراءه في ظل غياب كلي للمسؤولين الملتهين بالانتخابات النيابية.
«يوم الدينونة» كان في سوبرماركت «توفير» والسبب ان ادارتها سمحت بإستخدام البطاقة المصرفية ١٠٠ في المئة ولفترة زمنية محددة فتهافت المواطنون على شراء السلع والمواد الغذائية وكأنها «اعاشة» وليست من اموالهم المحجوزة في المصارف وكأنهم يودعون استخدام البطاقة التي لم تعد تصرف في اي مكان .فهل نحن قادمون على الغاء هذه البطاقة التي كانت تشكل امان للمواطن لشراء حاجياته؟
صحيح ان السوبرماركت استفادت من الاقبال لانها ملأت رفوفها مرتين واحيانا ثلاث مرات لكن في المقابل تمكن المواطنون من شراء كل حاجياتهم بواسطة البطاقة المصرفية دون استعمالهم «الكاش «اللبناني الذي يقوم مصرف لبنان بتجفيفه والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التضييق على استعمال البطاقة المصرفية؟
هذا السؤال يجيب عنه كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الخبير الدكتور نسيب غبريل الذي يقول: ليست هذه السوبرماركت الاولى التي تقبض ثمن سلعها بواسطة الكريديت كارت بل هناك اكثر من سوبرماركت اعتمدت هذه الطريقة ولكن بسبب الضغوط التي تعرضت لها عادت ورضخت بالطلب ٥٠ في المئة كاش و٥٠ في المئة بواسطة البطاقة، وعلى اية حال فليس كل المواطنين يستعملونها بل يستعملون الكاش. اضافة الى ان المصارف لم تفرض اية عمولة لاستعمالها ولكن هناك بعض التجار والجهات والسوبرماركت وصيارفة يتقاضون عمولة بنسبة ٤٠ في المئة على شراء المصارف سيولة بالليرة اللبنانية من السوق الموازية، بل تنتظر من مصرف لبنان حصتها من ذلك وفي اغلب الاحيان يتشدد المركزي بإعطاء السيولة بالليرة وذلك محافظة على الاستقرار النقدي ومنع المضاربة بالدولار في السوق الموازية، واذا ثبت ان بعض المصارف يتقاضى عمولة بنسبة ٢٠ في المئة فلانها تدفع ٤٠ في المئة عمولة للتجار والصيارفة لشراء الليرة اللبنانية.
واكد غبريل ان سياسة مصرف لبنان هي ضخ دولارات في السوق النقدية وسحب الليرات اللبنانية وهي سياسة مستمرة بإنتظار المباشرة بتطبيق الاصلاحات هذا مع العلم ان ايرادات السوبرماركت تراجعت بسبب اعتمادها على الدفع ٥٠ في المئة كاش و٥٠ في المئة بواسطة البطاقة .
وحول رفض المصارف قبول الشيكات المصرفية يدحض غبريل هذه المقولة لان المصارف لم ترفض بالمطلق صحيح ان هناك ازمة ولكن الشركات المعروفة والكبيرة توافق المصارف على قبض شيكاتها.
وعن الحل؟ لا يتردد غبريل بالمطالبة الاسراع في تطبيق الاصلاحات لانه لا يجوز استنزاف الاحتياطي في مصرف لبنان الذي من واجبه المحافظة عليه ولانه لا يجوز ضخ السيولة بالليرة لان ذلك يؤدي الى عودة المضاربة وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية خصوصا ان المركزي جمع اكثر من ٦ الاف مليار ليرة من السوق.
وحول تحميل المصارف والمودعين الخسائر حسب خطة التعافي يعتبر غبريل ان المصارف لا تتهرب من مسؤولياتها في هذا الموضوع ولكن لماذا تحميل كبار المودعين هذه الخسائر الذين جنوا اموالهم بتعب جبينهم ولا يجوز ان يكون هؤلاء يتحملون تبعات الهدر والفساد الذي ادى الى هذه الخسائر متسائلا كيف تم تحديد الخسائر ب٧٨مليار دولار هل هي استثمار في البورصة بل هي مسؤولية الدولة وهي ديون عليها .
مصرف لبنان هو مؤسسة عامة حسب قانون النقد والتسليف وعلى الدولة ان تعيد ملاءته لان حسب صندوق النقد الدولي هي خسائر يجب محوها والانطلاق من الصفر مجددا بينما المفروض ان نستعيد الثقة بالاقتصاد قبل القطاع المصرفي. واكد غبريل انه لا يرفض تطبيق الاتفاق مع صندوق النقد بل هو ضروري شرط الالتزام بتطبيق الاصلاحات ولكن اين موضوع اصلاح الكهرباء من هذا الاتفاق او اصلاح القطاع العام ودعم الاقتصاد وتكبير حجمه وتحسن مناخ الاستثمار في بيئة الاعمال
مع العلم ان الخسائر هي دين على الدولة والمطلوب ان تتحمل مسؤولياتها وتسدد التزاماتها وتدفع ديونها بعد اعادة هيكلة الدين العام
على اية حال التجأت السوبرماركت الى تسديد ثمن السلع النصف كاش والنصف الاخر بالبطاقة المصرفية لانها عندما كانت تريد سحبها نقدا كانر المصارف تتقاضى عمولة تتجاوز الـ ٢٠في المئة.
المصدر : الديار