اعتبر الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود ان مصرف لبنان «بين المطرقة والسندان» حيث انه إذا أحجَم عن التدخل في السوق سيؤدي ذلك الى تحليق سعر صرف الدولار، «مما قد يؤدي الى فوضى عارمة في الشارع سبق ان شهدناها وستصبّ غضبها على مصرف لبنان. وإذا استمرّ المركزي بضَخ الدولارات في السوق، فهو أيضاً يضع نفسه في وضع حرج حيث انّ حجم المبالغ التي يُنفقها تشكّل خطراً على استنزاف كامل احتياطه من العملات الاجنبية.
ورأى حمّود انّ ما يحصل من ممارسات ليس مبرراً وليس منطقياً من الاساس، لأنّ الجدوى من إنشاء منصة صيرفة غير مبرر طالما انّ من يشتري الدولارات من خلالها سيُعاود بيعها في السوق السوداء بهامش ربح يصل اليوم الى 5000 ليرة اي بنسبة 20 في المئة. وسأل: بأيّ منطق يقوم البنك المركزي ببيع دولارات يمكن اعادة بيعها في السوق بزيادة بنسبة 20 في المئة؟ ومن سيبيع دولاراته على منصة صيرفة بأقلّ من 20 في المئة من قيمتها؟
وقال لـ«الجمهورية» ان الوضع الحالي مؤشّر واضح على ان الآلية المعتمدة لا يمكن استمرارها، على غرار مختلف المعالجات الاصطناعية التي تم اعتمادها والتي تخدم لفترة قصيرة ومؤقتة فقط، معتبراً انه لا يمكن السير بمعالجات حقيقية قبل تصحيح الجوّ السياسي أوّلاً، ومن ثم الاسراع في اعادة خلق قطاع مصرفي جديد، وتحرير السوق لكي يحدد العرض والطلب سعر الصرف الحقيقي.
اضاف: لم يعد هناك سوى الادوات النقدية التي يتم اللهو بها في حين يتم استنزاف ما تبقّى من اموال بهدف الاستيراد. وفيما لفت حمود الى انّ الطلب على الدولار للاستيراد وغيره سيبقى قائماً، اشار الى انّ هناك تدفقات مالية متواصلة وان مؤشرات العام 2021 لم تكن سيئة بدليل تراجع العجز التجاري من 16 الى حوالى 10 مليارات دولار وعجز ميزان المدفوعات الى مليارين دولار، وبالتالي تؤكد تلك المؤشرات الى إمكانية السير بمعالجة صحيحة لإعادة بناء الاقتصاد، «ولكن للأسف، فإنّ الصراع السياسي بين السلطة النقدية التي تستفيد مما تبقى لها من وقت لا تعدو مدّته العام، وبين حكومة مستقيلة وتصريف اعمال تريد الحفاظ على وجهها وتجنّب ضغط الشارع، لا يصبّ سوى في فوضى المعالجة».
وبالتالي، توقّع حمود ان تستمرّ هذه المعالجات الجزئية والسطحية، اي مواصلة دعم الليرة بهذا الشكل، لكي تحافظ السلطة السياسة والنقدية على وجهها الى حين انتهاء ولايتها، «مع مزيد من التأزم والضغط على سعر الصرف».