لم تعد البورصة في لبنان، تقتصر فقط على أسعار العملات والمعادن الثمينة، بل توسّعت لتشمل أسعار الخضار والفواكه التي سجلت في الأسابيع الماضية أرقاماً خيالية.فبعدما تخطى سعر كيلو الخيار عتبة الـ40 ألف ليرة، سجل سعر كيلو البندورة رقماً قياسياً مع تجاوزه حدود الـ60 الف ليرة ، في حين بلغ سعر الملفوفة زنة 2 كيلوغرام حوالي الـ70 الف ليرة، من دون أن نتحدث عن التفاح والموز، ومن دون إغفال أيضاً الكوسا واللوبية التي باتت من المأكولات الفاخرة ومن الصعب نتناولها “بس تطلع على بالنا”.
فهل باتت الخضار والفواكه من الكماليات؟
الجواب يبقى ضبابياً حالياً،ففي حين كانت المراجع المعنية تؤكد أن سبب الإرتفاع منذ أسابيع، مردّه إلى حلول شهر رمضان المبارك والطلب المرتفع على الخضار يومياً، ووعدت المواطنين بتراجع الأسعر بعد انتهاء الشهر الفضيل، فوجىء اللبنانيون بأن الاسعار قد تضاعفت وبقيت “نار وولعانة”، وهو ما دفعنا إلى طرح السؤال على رئيس “تجمع مزارعي وفلاحي البقاع” ابراهيم ترشيشي عن السبب الذي أدى إلى هذا الارتفاع الجنوني، فأشار إلى أن على أثر إقفال الأسواق على مدى 3 أيام في عيد الفطر، والذي يعتبر سابقة في تاريخ لبنان، شهد السوق هجمةً كبيرة على الخضار والفواكه، ما أدى الى ارتفاع سعرها، خصوصاً في ظل شحّ الموسم نتيجة التقلبات المناخية ودرجات الحرارة المتدنية، مشيراً إلى أن لشتلة البندورة خصوصيةً في الزراعة، كونها من النباتات التي تأخذ وقتاً لكي تنمو وتنتج، فهي بحاجة إلى حوالي 75 يوماً لكي تنمو، في حين أن الخضار الأخرى تحتاج إلى 30 يوماً لتنمو، كما ان تقلبات الطقس والفارق في الحرارة بين النهار والليل وتقلبات الطقس، أديا إلى موت النبات ما دفع بالمزارع إلى معاودة زرع المحصول 3 مرات متتالية.
وفي حديث عبر “لبنان 24″، قال ترشيشي إن مشكلة الزراعة والمناخ كانت مشكلة مشتركة بين العديد من الدول لا سيّما مصر والأردن وتركيا، بسبب الأحوال الجوية السيئة التي ضربت المنطقة الشهر الماضي.
واذ نفى ان يكون التصدير سبباً لارتفاع الأسعار، لفت ترشيشي إلى أن التصدير يقتصر في هذه الأيام على الحمضيات فقط بالإضافة إلى ما تبقى من موسم التفاح، وبالتالي فان هذه الأنواع من الخضروات لا يتمّ تصديرها الى الخارج، وعليه، يُخطئ من يظنّ أن التصدير إلى الخارج قد تسبب في موجة الغلاء الفاحش الراهنة في الأسواق المحلية، مشيراً في هذا الإطار، إلى أن التصدير هو من الفائض في السوق اللبناني، والذي يتمّ بيعه إلى الأسواق الخارجية.
وعن عودة التصدير إلى الدول العربية، وعلى وجه الخصوص إلى دول الخليج، قال ترشيشي إن التصدير إلى الخارج لم يتوقف، إلاّ أن هذا الأمر يواجه عقبتين:
– الضريبة السورية على الحدود البرية، سواء إلى الاردن او العراق، ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام المزارع والمصدّر اللبناني، ولذا، نتمنى أن تكون من أولى أولويات الحكومة المقبلة، البحث مع الجانب السوري في سبل إلغاء هذه الضريبة لما فيه مصلحة المزارع اللبناني.
– إغلاق الأسواق السعودية والترانزيت إلى ما بعد السعودية ، وهو إجحاف كبير بحقّ لبنان والزراعة اللبنانية، ومن هنا، أناشد الإخوة السعوديين إعادة النظر بهذا القرار، وإعادة فتح طريق الترانزيت، لكي تمرّ البضائع اللبنانية إلى الدول الأخرى من خلال الأراضي السعودية، ويالتالي إعادة المياه إلى مجاريها، وعودة الزراعة اللبنانية إلى السوق السعودية، خصوصاً وأن الدولة باتت جاهزة للتصدير بعد تركيب أجهزة المراقبة الجديدة المقدّمة من الدولة الفرنسية، والتي تتطلب من الدولة وضعها على سكة العمل.
وأكد ان الزراعة ليست بخير، وقال إن “الزراعة باتت مكلفة كثيراً لناحية أجور العمال، أو كلفة النقل، وقطاع الكهرباء وغلاء أسعار الأسمدة والبذور، والادوية، وبالتالي عندما تسمعين بتدني أسعار الخضار، تأكدي أن حال المزارع بدأ يتراجع، خصوصاً وأنه يدفع من ماله الخاص، بعد تجميد المصارف لأمواله، حتى أن الدعم الذي كان مخصصاً للزراعة لم يُصرف حتى الآن.”
lebanon24