لا يجوز أن تبقى لعبة الدولار الإجرامية مستمرة على غاربها، وأهل الدولة يكتفون بعدّ الأرقام هبوطاً مرة، وصعوداً مرّات أخرى.
التلاعب بأسعار الدولار تحول إلى ما يشبه حرب إبادة لأكثرية الشعب اللبناني، الذي هوى تحت خط الفقر بسرعة صاروخية، وبات ضحية سهلة لعصبة من المستفيدين بإستغلال تدهور الليرة اللبنانية، ليجنوا الثروات الحرام على حساب لقمة عيش أكثر من ٨٥ بالمئة من اللبنانيين.
هي أشبه بحرب إبادة لأن الإرتفاعات المضطردة بسعر الدولار أشعلت أسعار الحاجيات الضرورية لكل لبناني: من أسعار الخبز التي تضاعفت عدة مرات، إلى أسعار الكهرباء التي تعجز مئات الألوف من العائلات عن تأمين بدل إشتراك المولدات التي تعتمد الدولار الفريش في تسعيرتها، بعد فرض مشتريات المازوت بالدولار، إلى الدواء الذي إذا توفر فإن أسعار بعض الأدوية يتجاوز الحد الأدنى للأجور، إلى إذلال المرضى على أبواب المستشفيات، وما حصل مع المعاون في قوى الأمن الداخلي وطفله إبن السنة والنصف المصاب بنزيف في الرأس تدمي له القلوب، إلى الغلاءالجنوني بأسعار السلع الغذائية، طبعاً وإستمرار الصعود ببورصة البنزين والغاز.
ويبدو أن رسالة الإنتخابات لم تصل إلى عقول أهل السلطة، الذين مازالوا يتعاملون مع هذه الأزمات المتلاحقة بحبات الإسبرين، متوهمين تسكين أوجاع الناس، كما حصل أمس بتوقيع مرسوم تشكيل مجلس الأسعار من قبل رئيس الجمهورية، بعد سبات عميق في أدراج القصر الجمهوري، في حين أن المطلوب جراحة سريعة لعمليات الإصلاحات المنتظرة من الدول المانحة، ووضع قطار الإنقاذ على السكة السريعة.
مرسوم مجلس الأسعار، مثل كل قرارات هذه السلطة الفاشلة والعاجزة، جاء متأخراً أكثر من سنتين، وكان يجب أن يكون في أولويات المعالجات عند إندلاع الأزمة أواخر عام ٢٠١٩، بالتزامن مع قانون الكابيتال كونترول الذي مازال في غياهب الضياع بين الحكومة ومجلس النواب.
حرب الإبادة الدولارية ضد اللبنانيين مستمرة، طالما بقي المسؤولون عنها يسرحون ويمرحون بحماية هذه السلطة الفاسدة، وإمعانها الوحشي في التنكيل بهذا الشعب المغلوب على أمره .
المصدر: اللواء