ويقول مارك كوبيلوفيتش أستاذ العلوم السياسية والشؤون العامة ومدير الدراسات الأوروبية بجامعة ويسكونسن الأميركية في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) إن هذه التكهنات تنتشر كثيراً وقت التغيرات الكبيرة والأزمات والحروب والكوارث.
وأكد أن وضع الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية المهيمنة، أصبح الآن أقوى من أي وقت مضى وأصبح أكثر رسوخا في أعقاب جائحة فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية.
العملة المهيمنة
واستمر كوبيلوفيتش ليقول إن الدولار ليس فقط عملة احتياطية عالمية، بل هو العملة الاحتياطية العالمية المهيمنة، ففي عام 2019، كان 62% من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية للحكومة/البنك المركزي بالدولار على نطاق العالم، وجاء اليورو ثانياً في الترتيب عند 20%، والين الياباني في المرتبة الثالثة عند 5%، والجنيه الإسترليني عند 4.5%، والعملات الأخرى جميعها بما في ذلك الرنمينبي الصيني، كلها أقل من 2%.
وأضاف أن تقرير بنك التسويات الدولية لعام 2020، سجل هيمنة الدولار بعدة أبعاد، فما يقرب من نصف القروض المصرفية عبر الحدود مقومة بالدولار، ثلثها فقط مقوم باليورو، مع قروض بعملات أخرى تمثل أقل من 20%، لكنه أقل هيمنة قليلا في مجالات الاقتصاد العالمي مثل سندات الدين والفواتير التجارية والمدفوعات باستخدام نظام الرسائل المالية (سويفت)، كما أن ما يقرب من 90% من تداول العملات الأجنبية ينطوي على الدولار في جانب واحد من الصفقة.
ببساطة، يقول الكاتب إن الاقتصاد العالمي يعمل بالدولار، كان هذا صحيحا منذ عقود، على الرغم من التكهنات المتكررة بالتغيير الوشيك، وها هي 5 عقود قد انقضت منذ التنبؤات الرهيبة بزوال الدولار، والتي يعود تاريخها إلى عام 1971 على الأقل، عندما أنهى الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون إمكانية تحويل الدولار إلى ذهب.
الدولار مستمر
وأشار الكاتب إلى أن المتشائمين بشأن الدولار يتجاهلون الأسس العميقة والمتينة لهيمنة الدولار، مثل حجم الاقتصاد الأميركي، والأسواق المالية الخاصة العميقة والسائلة التي لا مثيل لها والحماية القوية لحقوق الملكية في الولايات المتحدة، لأن أميركا أكثر استعدادا بكثير من الاتحاد الأوروبي أو الصين أو اليابان للعمل كملاذ أخير للإقراض في الأزمات المالية العالمية، وبنية الشبكة الهرمية الراسخة بعمق في النظام النقدي والمالي العالمي.
وقال إنه لا توجد دولة أخرى تتمتع بهذه المزايا، ولا توجد عملة أخرى على استعداد لملء هذه الأدوار، فالاتحاد الأوروبي هو أكبر اقتصاد في العالم، لكن منطقة اليورو ليست اتحادا ماليا ولا سياسيا، وهذا يجعل من الصعب إقناع الآخرين بأنه يمكنهم الاعتماد على اليورو في الأوقات الصعبة، والصين آخذة في الصعود، والرنمينبي يتحول ببطء إلى عملة احتياطية عالمية، ومع ذلك، لا تزال الصين تفتقر إلى الأسواق المالية الخاصة العميقة والسائلة، ولا تسمح بالتدفقات الحرة لرأس المال، ولم يُظهر حكامها أي علامة على الإطلاق بأنهم سيقبلون المقايضات الاقتصادية السياسية الضرورية للرنمينبي لتحدي الدولار، أو حتى اليورو.