كتب ميشال قزح في” نداء الوطن”:
نقاش كبير يدور حالياً حول الصندوق السيادي، آخره للدكتور فادي خلف أمين عام جمعية المصارف، يطلب فيه تخصيص 20% من ايرادات الغاز والنفط (المستقبلية) لوضعها في صندوق لاستعادة الودائع.
قد يكون تحليله صحيحاً لو كنّا في النروج، او ربما في ايسلندا التي قامت بمحاسبة اصحاب المصارف والسياسيين عن الانهيار المصرفي.
بينما في لبنان ولغاية اليوم لم تتم محاسبة اي فاسد عن سرقة او تهريب اموال، او محاسبة اي مصرفي بالحد الادنى عن سوء ادارة الازمة في ظل سكوت قضائي مريب !
المثال الحي للصندوق السيادي في لبنان هو «انترا»، وهي شركة انبثقت عن افلاس مصرف انترا في الستينات من القرن الماضي.
آنذاك دفعوا لصغار المودعين، فيما أنشأوا شركة انترا كصندوق لتعويض كبار المودعين. انترا تملك اليوم ملايين الامتار المربعة من الاراضي في بيت مري وروميه والبوار والناعمة، وتملك قطعة ارض كبيرة في الوسط التجاري وبناية اللعازارية في بيروت.
نظرياً، قيمة انترا مليارات الدولارات. اما في الواقع فهي لا تساوي شيئاً كون المستثمر يقوم بتقييم الأصل بحسم الايرادات المتوقعة في المستقبل (DCF discounted cash flow) ولم يحصل المساهمون منذ الستينات لغاية اليوم سوى على حفنة صغيرة من الاموال، كون السياسيين في لبنان وضعوا يدهم عليها للاستفادة الشخصية. الصندوق السيادي الذي يريدون انشاؤه حالياً سيكون وضعه مشابهاً. مع فارق «بسيط» ان اصحاب المصارف المفلسة لن يصبحوا كيوسف بيدس (مؤسس ورئيس أنترا، توفي في 1968) ملاحقاً من العدالة. بل يريدون ان يرثوا الاملاك العامة بدون اي محاسبة على الاستفادة من ارباح الهندسات المالية الشهيرة وعلى تهريب اموالهم الى الخارج… سيمتلكون الاصول العامة، التي هي ملك الشعب اللبناني، والتي يجب ان تستفيد منها اجيال قادمة للتعليم والطبابة والاستشفاء. بينما في الواقع اللبناني الحالي سيستفيد منها حفنة من الفاسدين، وسيعطون المودعين اسهماً لا قيمة لها ولا توزّع اي ارباح وبدون اي عائد استثمار.
على المودعين عدم القبول بهكذا حلّ. بل يجب ان يجتمع كبار المودعين في نقابة او جمعية واحدة موحدة لرفع دعاوى جماعية على أصحاب المصارف.
الحلّ يبدأ من المحاسبة، ومن ثمّ الحلول يمكن ان تأتي بتوزيع عادل للخسائر نطوي فيها مرحلة قاتمة ظالمة من تاريخ لبنان، لنعيد بناء اقتصاد حقيقي حرّ على أسس متينة من خلال قيادة نزيهة وكفوءة وحوكمة وشفافية ومحاسبة.